تستعد ساكنة طنجة لجولة جديدة من الاحتجاجات ضد شركة "أمانديس" الفرنسية، المفوضة بتدبير توزيع الماء والكهرباء بالمدينة، بسبب غلاء الفواتير، رغم التطمينات والقرارات التي صدرت خلال الأسبوع الأخير، سواء من مجلس المدينة الذي عقد سلسلة لقاءات مع ممثلي الشركة من جهة وممثلي المحتجين من جهة أخرى، أو من طرف اللجنة التي أرسلتها وزارة الداخلية لبحث شكايات المواطنين ضد الشركة. وأصدرت وزارة الداخلية، أمس الجمعة بلاغا إلى الرأي العام الطنجي، بخصوص النتائج التي خلصت إليها اللجنة المكلفة بتتبع الموضوع، والذي تضمن جملة قرارات بينها مراجعة جميع فواتير الاستهلاك المنزلي ابتداء من شهر يوليوز 2015، مع تحليل إجمالي للفوترة من طرف اللجنة، وذلك قصد تصحيح الفواتير التي تطبعها الاختلالات مع عدم قطع التزويد بالماء والكهرباء خلال فترة بث اللجنة. وتقرر وفقا للبلاغ اعتماد عملية الإشعار بقراءة العداد وتفعيلها من طرف الشركة ابتداء من فاتح نوفمبر 2015 لتمكين المواطنين من التأكد من قيام الشركة بالقراءة الفعلية للعدادات، كما تم تكليف مسؤولي الوكالات بمجمل عملية الفوترة، بحيث سيصبحون المخاطبين الرسميين للزبناء، ووضع إجراءات استعجالية لتحسين ظروف استقبال المواطنين مع إحداث وكالات جديدة بما يتناسب و انتظارات الساكنة. البلاغ أشار أيضا إلى الحرص على تفعيل عملية منح العدادات الفردية الإضافية قصد تمكين الأسر ذوي الدخل المحدود من الاستفادة من الأشطر الاجتماعية، وفي حالة تعذر القيام بهذه العملية تقنيا سيتم اعتماد العدادات المشتركة حيث يتم احتساب الأشطر حسب عدد الأسر القاطنة بالمسكن الواحد، مع وضع عدادات الكهرباء مسبقة الدفع كبديل للعدادات التقليدية، بصفة اختيارية للأسر الراغبة في ذلك، حتى تتمكن الأسر ذات الدخل المحدود من التحكم في استهلاكها. اللجنة قررت أيضا إحداث خلية دائمة لتحليل ومراقبة الفواتير قبل وضعها للاستخلاص قصد ضبط عملية الفوترة وتقليص نسبة الأخطاء، مع إجراء بحث على الفواتير التي تجاوزت الاستهلاك الاعتيادي، إضافة إلى شباك للشكايات بكل الوكالات، مع إمكانية اللجوء إلى لجنة مشتركة للتحكيم في حالة عدم التوافق، وذلك ابتداء من يوم أمس الجمعة. وتفاديا لحرمان المواطنين من مادتي الماء والكهرباء الحيويتين، قررت اللجنة إلزام شركة امانديس بالامتناع عن قطع التزويد بالماء والكهرباء، بسبب عدم الأداء، إلا بعد إعلانين مسبقين بالقطع، على أن لا يتم القيام بذلك أيام الجمعة والسبت والأحد. من جانبه أكد محمد البشير العبدلاوي، عمدة مدينة طنجة، أن الأولوية الآن هي لرفع الضرر عن المواطنين جراء الأخطاء المرتكبة من طرف شركة أمانديس، مشددا على أن الإجراءات التي تم التوصل إليها تستجيب لمطالب الساكنة بخصوص مشكل الغلاء. واستبعد العبدلاوي، الذي كان يتحدث في ندوة صحافية بمقر قصر البلدية، مساء الجمعة، إمكانية اللجوء إلى فسخ عقد الشركة الفرنسية في المرحلة الراهنة، بالنظر للتكلفة العالية التي يطرحها هذا الخيار، لافتا في الوقت نفسه إلى استعداد مجلس المدينة لإجراء مراجعة شاملة لعقد التدبير المفوض مع الشركة. العبدلاوي نوه في معرض حديثه بالشكل الحضاري الذي ظهرت عليه احتجاجات الطنجاويين خلال الأسابيع الماضية، مشيرا إلى أن الأشكال الاحتجاجية الراقية التي عبر بها الطنجاويون عن رفضهم للشركة، من شأنها أن تعزز النفس الديمقراطي في البلاد، مبديا أسفه للتدخل الأمني الذي استهدف المسيرات الاحتجاجية ليوم السبت الماضي. واستمرت الدعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، طيلة الأسبوع الجاري، لمواصلة الاحتجاج على الشركة الفرنسية إلى حين رحيلها عن المدينة، بمواصلة إطفاء الأنوار مساء اليوم السبت، ومد فترة الظلام إلى ثلاث ساعات، بين 7 و10 مساء، في كافة منازل ومقاهي ومحلات المدينة، مع الخروج في مسيرات الشموع. بالموازاة مع ذلك، يتناقل النشطاء الطنجاويون الحديث عن تعزيزات أمنية بالمدينة، استعدادا للاحتجاجات التي يتوقع أن تشهدها المدينة، خصوصا في ساحة الأمم، أهم ساحات المدينة، والقريبة من الحي الإداري، وسط مخاوف من تدخل أمني عنيف، كما وقع الأسبوع الماضي، عندما فتحت قوات الشركة خراطيم المياه لتفريق المحتجين، كما استعملت الهراوات لمنع تجمعهم. ولا يزال 12 من المحتجين متابعين في حالة سراح، إثر اعتقالهم خلال التدخل الأمني، قبل أن يطلق سراحهم جميعا، 6 منهم بكفالة مالية بلغت 300 درهم.