المقدمة: نشر الصحفي وسام سعادة مقالا بجريدة القدس قال فيه: “بعث الهرج والمرج الذي أثاره انتشار الطبعة الحالية من فيروس كورونا (كوفيد-19)، انطلاقا من إقليم خوباي في الوسط الشرقي من الصين، “رهاب الجنس الأصفر” الذي قض مضاجع الأمم الأوروبية نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، مع مراعاة الفارق في أن الصين كانت وقتها أقرب ما تكون إلى “شبه مستعمَرة”، في حين ينظر لها كقوة ذات شُبهة امبريالية بفترة الألفية الثالثة1. ليعقبه التساؤل الذي طرحه المقال المعد من طرف غسان العزي، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبناني2، هل الصين: قوة عظمى واعدة؟ ولقد حاول معد المقال الإجابة عن التساؤل من خلال طرحه لواقعة تاريخية، اعتمدت على اعتبار مؤتمر الحزب الشيوعي الحادي عشر عام 1978 الذي بايع “دينغ شياو بينغ” خلفاً ل “ماو تسي تونغ”، بعد التخلص من “عصابة الأربعة” والذي وافق على مشروعه الإصلاحي القائم على الانفتاح، نقطة انطلاق التحول الصيني الكبير. فبعد أقل من عقد ونصف من الزمن حقق مشروع “دينغ” أول وأكبر إنجاز، إذ لم تعد الصين تعتمد في غذائها على الخارج بل حققت اكتفاءً ذاتياً لإطعام أكثر من مليار ومائتي مليون نسمة، عدد سكانها عام 1995، ليتجاوز العدد ملايين النسمة بحلول سنة 2020. ثم راح معد المقال، يعد المكاسب التي حققتها الصين، من خلال سرده لإحصائيات تتعلق بالسيطرة على المشكل النمو الديموغرافي المتسارع، عبر نهج دولة الصين لسياسة “الولد الواحد” بالرغم من المشاكل الاجتماعية الكثيرة التي أفرزتها هذه السياسة على أرض الواقع، كما وصف أنه وصف الصين ب “المعجزة الاقتصادية” التي تدل عليها الأرقام والمؤشرات الاقتصادية، مستدلا على ذلك بكون سنة 1978 أخذت نسب النمو السنوية تحقق أرقاماً خيالية، تخطت 13 بالمائة بحلو سنة 1993ن بالمقارنة مع ما تم تحقيقه بفرنسا واليابان، لتستقر عند نسبة متوسطها 9 – 10 بالمائة خلال السنوات المنصرمة، إذ عرف الناتج الوطني القائم نمواً معدله الوسطي حوالي 9 بالمائة من 1978 إلى 1995، مع قفزات قدرها 11 بالمائة عامي 1991 و 1994، لتبلغ نسبة النمو الصناعي 18 بالمائة عام 1992، واكبها رفع نسبة الصادرات (أكثر من 24 بالمائة من العام نفسه).، وازاه ارتفاع مستوى المعيشة لأربع مرات في العشر السنوات الأخيرة، وهو ما اعتبره معد المقال مما بمثابة بديلا عن الديموقراطية التي يفتقدها النظام الصيني المبني على الديكتاتورية؛ إذ يرى أن النجاحات الاقتصادية تعفي النظام القائم من تقديم تنازلات في المجال السياسي. وراح معد المقال يسرد نجاحات الصين، من خلال انضمامها لنادي المصدّرين العشرة الكبار في العالم، لارتفاع نسبة صادراتها بمعدّل وسطي قدره 14.5 بالمائة سنوياً بين 1979 و 1993، ولارتفاع هذه النسبة سنة 1994 إلى 31.9 بالمائة، وصولا إلى نسبة 121.5 مليار دولار. وأنه حسب معد المقال – دائما – فإن الفائض التجاري الصيني، يسبب مشاكل مع الولاياتالمتحدةالأمريكية، وأنة ذلك ما جعل الولاياتالمتحدةالأمريكية تصل إلى حدود تهديد الصين بعقوبات اقتصادية خلال عام 1995، كون الفائض التجاري وصل إلى 39.5 مليار دولار عام 1996، بعد أن كان في حدود العشرة مليارات عام 1990. ليصل معد المقال إلى استنتاج مفاده: “أنه يمكن القول، باختصار شديد، أن الصين تتمتع بكل المزايا تقريباً التي تؤهلها لاعتلاء مركز القوة العظمى أو ربما الأعظم كما تقول تقديرات عديدة (صادرة عن مؤسسات دولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومراكز أبحاث غربية مرموقة): فالصين شعب يتمتع بتماسك ولحمة ثقافة (كونفوشيوسية) تزيد من هذه اللحمة، مستوى تربية وتعليم، يزداد رقياً يوماً بعد يوم، ليضاهي نظرائه في أكثر الدول الغربية تقدماً؛ كما تتوفر على مستوى تكنولوجي يسير على وتيرة تطورية مرتفعة جداً، ولها قوة عسكرية ضخمة تدعمها أسلحة متطورة تقليدية ونووية، زيادة عن القوة الاقتصادية التي يُتوقع لها أن تصبح القوة الاقتصادية الأولى عالميا، وهو ما ضمن لها مقعدا دائما في مجلس الأمن الدولي، سمح لها بممارسة تأثير كبير على مجرى الأحداث العالمية، كما أنها دولة تنهج أسلوبا فريدا في مجال العلاقات الدولية بانفتاح وقدرة على ممارسة نفوذ في عدد كبير من بلدان العالم النامي، وهو ما جعل الدول الكبرى في العالم، تتجه نحو التعامل مع الصين كأمر واقع، وسوق هام ودولة عظمى يستحيل تجاهلها. وأنه إذا استمرت الأمور على وتيرتها الحالية من الإنجازات الداخلية والحضور الدولي، وفي غياب مفاجآت كبرى في المدى المنظور فإن العقود وربما السنوات، المقبلة قد تشهد تكريساً لنبوءتي نابوليون بونابرت الذي قال: “عندما تستفيق الصين يرتجف العالم” ولصمويل هنتغتون، الذي رأى في الصين خطرا أخضرا منافسا. وبناء على سرد مقتطفات من المقالين، سوف يبقى التساؤلين الملحين بشدة، هو: هل تكفي الريادة الاقتصادية للصين قبل تفشي وباء “كوفيد-“19 وما بعد نهايته، لتصبح مؤهلة لدخول لعبة الهيمنة السياسية داخل المجتمع الدولي؟ هل يمكن للصين أن تحطم صنم القطبية الأحادية المميز للنظام الدولي الحالي، الذي تتزعمه الولاياتالمتحدةالأمريكية، وتعلن عن ميلاد نظام عالمي ثنائي أو متعدد الأقطاب؟ إن محاولة الجواب عن التساؤلين أعلاه، سوف يجعلنا نستعين بمنهج استقراء تفسير مدرسة الواقعيين البنيويين (الدفاعيين والهجوميين) لفكرة القطبية في النظام الدولي (المبحث الأول)، وبمنهج استنباط محاولات الصين في فرض نفسها كقطب سياسي جديد ومنافس في النظام الدولي (المبحث الثاني). المبحث الأول: تفسير مدرسة الواقعيين البنيويين لفكرة القطبية في النظام الدولي3: حسب مدرسة الواقعيين البنيويين ولغياب “سلطة دولية عليا” كما فسر ذلك رائد هذه المدرسة المفكر “كينيث والتز”4، ترى هذه المدرسة أن محاولة الجواب على التساؤل المتمحور حول: ما هو نوع القطبية المناسب للنظام الدولي؟ هو تساؤل يؤسس على معطيات تاريخية وأخرى واقعية. فإذا كانت مكونات مدرسة الواقعيين البنيويين (الدفاعيون والهجوميون)، قد اتفقت على أن تحكم القطبية الأحادية في النظام الدولي غير ذي جدوى من الناحية الواقعية وإن كان ذلك ممكنا من الناحية النظرية، كما اتفقت على أن النظام الدولي، لم يكن أبدا مبني على أحادية القطب، بالرغم من أن الولاياتالمتحدةالأمريكية لم تكن قطبا أحاديا مهيمنا ومتحكما، بل كانت دولة عظمى تنافسها قوى عظمى أخرى كالصينوروسيا والاتحاد الأوربي، فإنها اختلفت حول فكري القطبية الثنائية وتعدد الأقطاب، وكان لكل فريق وجهة نظره. مؤيدوا الثنائية القطبية: يرتكز تأييدهم للقطبية الثنائية على ثلاث حجج رئيسية لتوازن القوى بين القطبين: الحجة الأولى: أن الثنائية القطبية تعني وجود قوتين ثابتتين ومعروفتين، تتنافسان من أجل تحاول انتصار إحداهما عن الأخرى أو احتوائها بتقويض وسال قوتها. الحجة الثانية: أن الثنائية القطبية تضمن تكافؤ القوى وتكافؤ الفرص بين القطبين مما يحول دون استحواذ قطب ثالث أو أكثر عن وسائل القوة. الحجة الثالثة: أن الثنائية القطبية تضمن حسن تقدير بشأن الأخطار المحتملة للجانب الأخر، بعيدا التمييع وصعوبة تمييز الحلفاء من الأعداء وتحديد قوتهم النسبية. مؤيدوا التعددية القطبية: يرتكز تأييدهم للتعددية القطبية على اعتبارين اثنين: الاعتبار الأول: أن الردع يكون سهلا في حالة وجود أقطاب متعددين، إذ أن ذلك يتأتى من خلال تحالف مجموعة من الدول في مواجهة دولة شديدة العدوانية، بغض النظر عن النجاح في خلق التوازن من عدمه. الاعتبار الثاني: أن التركيز في احتمال استعمل القوة، في حالة وجود تعددية قطبية يكون أكثر حدة في حالة وجود ثنائية قطبية، زيادة على أن تعددية الأقطاب من شأنها خلق مجموعة من الانقسامات المتداخلة التي قد تخفف من حدة الصراع. ليخلص المؤيدون للقطبية الثنائية ولتعدد الأقطاب، إلى أن الثنائية القطبية أو التعددية القطبية غير المتوازنة، هي التي تزيد من احتمالات وقوع حرب بين القوى العظمى (الدولة المسيطرة والدولة الصاعدة)، وليس التعددية القطبية المتوازنة. المبحث الثاني: محاولات الصين في فرض نفسها كقطب سياسي جديد ومنافس في النظام الدولي: أماط تفشي فيروس “كوفيد-19” كوباء اجتاح أغلب دول العالم بعد انتقاله من مدينة يوهان الصينية، اللثام على مجموعة من الاحتمالات والإشاعات، التي ركز بعضها على أن الصين ليست ضحية حرب بيولوجية كما تشيع هي، بل هي صانعة الفيروس وهي تحاول شن حرب عالمية ثالثة مستعملة الأسلحة البيولوجية (الفيروسات المطورة مختبريا)، للإعلان على أنها قوة عالمية جديدة صاعدة تملك إلى جانب قوتها الاقتصادية5، سبل التحكم سياسيا واستراتيجيا في النظام الدولي، تصديقا لنبوءة نابليون ولنبوءة المتفائلين في مجال العلاقات الدولية التي ترى أن الصين كخطر أخضر6، هي القوة العالمية المنافسة الصاعدة، سواء كقطب ثان أو كدولة عظمى في نظام عالمي متعدد الأقطاب. إن الصين كما تقدم نفسها ويقدمها الخبراء في عالم التجارة والاقتصاد، هي دولة تعرف نموا حثيثا يمشي بخطوات ثابتة ومحسوبة بدقة، وهي تعد من بين دول شرق آسيا التي تضم حضارة عريقة تمتد لآلاف السنين لما قبل التاريخ وبعده. كما تعد الصين قوة نامية و قطب اقتصادي قوي عالميا ومنافس شرس للولايات المتحدةالأمريكية وللدول الليبرالية التي تدور في فلك الولاياتالمتحدةالأمريكية، زيادة على أن الصينيين يعتقدون بكون الولاياتالمتحدةالأمريكية، تسعى إلى تقسيم وتفكيك بلدهم إلى دويلات، ووضع سياسة بعيدة المدى للاحتواء والسيطرة عليها اقتصاديا، أو على الأقل تسعى إلى إنجاح عملية تراجع الصين في نموها، وهو سعي مبني على الاختلاف الإيديولوجي بين الدولتين، دون تغافل الدعم الذي تقدمه الولاياتالمتحدةالأمريكية لبعض دول المجاورة للصين، كما لا يخفى الركض المحموم للولايات المتحدةالأمريكية، في سبيل برفع من النسب المهمة في منافسة الصين على الأسواق العالمية والتغلغل في إفريقيا7. ومن باب قياس مؤشرات صعود الصين كقوة لها مكانتها بالنظام الدولي، فإننا سوف نتبنى رؤية “هانز مورغنتاو” مفكر العلاقات الدولية، في كون القوة الشاملة للدولة، يعبر عنها من خلال تسعة عناصر، نجملها في ما يلي8: العنصر الأول: العامل الجغرافى. العنصر الثاني: الموارد الطبيعية. العنصر الثالث: الطاقة الصناعية. العنصر الرابع: الاستعداد العسكري. العنصر الخامس: التعداد السكاني. العنصر السادس: الشخصية القومية. العنصر السابع: نوعية نظام الحكم. العنصر الثامن: الروح المعنوية للمواطنين. العنصر التاسع: نوعية الدبلوماسية. فطبقاً لعناصر القوة التسع المذكورة أعلاه، يمكننا تصنيف دول العالم إلى ستة فئات: الفئة الأولى: قوى عظمى مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية. الفئة الثانية: قوى صاعدة مثل الصينوالهند واليابان والاتحاد الأوروبى. الفئة الثالثة: قوى ثانوية مثل المملكة المتحدة وفرنسا. الفئة الرابعة: قوى متوسطة مثل استراليا وكندا ومعظم الدول الأوربية. الفئة الخامسة: قوى مناضلة وسطى كالمغرب والجزائر والأردن ودول الخليج. الفئة السادسة: قوى صغيرة مثل الفاتيكان. كما يتم هذا التصنيف طبقاً لمحددات تتمثل فى القوة الاقتصادية والقوة العسكرية، وهل الدولة قوة نووية أم لا، وكذلك أيضاً بناء على قياس القدرات البشرية والعلمية والتكنولوجية للدولة، وثرواتها الطبيعية والمعدنية. فمن الناحية العسكرية يعتبر النظام الدولى أحادى القطبية تهيمن عليه الولاياتالمتحدةالأمريكية، ومن الناحية الاقتصادية فالنظام الدولى يعتير متعدد الأقطاب، فبالإضافة للولايات المتحدةالأمريكية، فإننا نجد دول صاعدة بقوة كالصينوالهند، ومن الناحية الإستراتيجية نجد الدول ذات القدرات العسكرية النووية، كالولاياتالمتحدةالأمريكيةوروسياوالصين وفرنسا وبريطانيا والهند، فلن تستطيع الدولة أن تكون قوة عظمى أو صاعدة بدون قدرات نووية عسكرية . وتماشيا مع الطرح المقترح من طرف مدرسة الواقعيين البنيويين (الدفاعيون والهجوميون)، بخصوص الإجابة عن التساؤل الدائر حول: هل تستطيع الصين الصعود بطريقة سلمية؟ ترى دراسة الحالة التي قامت بها هذه المدرسة بخصوص دولة صعود الصين، التي تراها هذه المدرسة، دولة ذات قوة اقتصادية إقليمية نجحت في أن تصبح قوة اقتصادية عالمية، وأن ذلك سوف ينتهي بالصين إلى أن تصبح نظرا لحجم سكانها الضخم، وامتلاكها لسبل بناء جيش هائل، مركزا للنفوذ والقوة العسكرية، التي سوف تجعل الأسئلة مفتوحة بخصوص ردة فعل الولاياتالمتحدةالأمريكية والدول الأسيوية المجاورة، على صعود الصين كقوة عسكرية منافسة للقوة العسكرية التي تمتلكها الدول العظمى عالميا. وعلى هذا الأساس انقسم الواقعيون الهجوميون والواقعيون الدفاعيون، المشكلون لفريقي مدرسة الواقعيين البنيويين، حول الهدف النهائي للقوى العظمى (الحالية والصاعدة) إلى فريقين9. ففي الوقت الذي يرى فيه الواقعيون الهجوميون بكون القوة لا يجب أن تتجاوز المنطقة الجغرافية الإقليمية في السيطرة والهيمنة، وعلى اساسه يمكن توقع تقليد الصين للولايات المتحدةالأمريكية في مسألة هيمنتها إقليميا بالجانب الغربي من الكرة الأرضية، لتصبح الصين بذلك مهيمنة بالجانب الآسيوي، مع تقويض السبق العسكري لكل من جارتيها الآسيويتين (روسيا واليابان)، والدفع بالقوة العسكرية الأمريكية خارج آسيا، مبتكرة بذلك نسختها الخاصة بها من مبدأ مونرو الذي يعد البيان الذي أعلنه الرئيس الأمريكي جيمس مونرو في رسالة سلّمها للكونغرس الأمريكي في 2 دجنبر 1823، والتي نادى من خلالها إلى نهج “مبدأ مونرو” لضمان استقلال كل دول نصف الكرة الغربي من الأرض، من التدخل الأوروبي بغرض اضطهادهم، أو التّدخّل في تقرير مصيرهم. وبالتالي، يرى الواقعيون الهجوميون أن الولاياتالمتحدةالأمريكية لن تقف مكتوفة الأيدي بخصوص محاولة الصين جعل نفسها قطبا منافسا في النظام الدولي، بل سوف تحاول الولاياتالمتحدةالأمريكية التعامل مع الصين بالطريقة نفسها التي تعاملت بها مع الاتحاد السوفياتي خلال فترة الحرب الباردة، كما أنها سوف تقوم بترويج الشائعات التخويفية من الهيمنة الصينية بين جاراتها الآسيوية (الهند واليابان وروسيا)، وبالتالي سوف تتفادى الولاياتالمتحدةالأمريكية الدخول في نظام القطبية الثنائية وسوف تتجاوزه إلى نظام التعددية القطبية الذي سوف تترأسه كدولة عظمى مهيمنة ومتحكمة. وعلى النقيض من طرح الواقعيين الهجوميين، يتبنى الواقعيون الدفاعيون طرحا أكثر تفاؤلا بخصوص انخراط الصين في إدارة لعبة توازن القوى في النظام الدولي بشكل سلمي دون التطلع إلى تبني الخيار العسكري التواجهي، حاجزة لنفسها مقعدا كدولة عظمى إلى جانب الولاياتالمتحدةالأمريكية والدول التي تدور في فلكها، فالصين سوف تكون من الذكاء الذي يحول بينها وبين البحث عن سبل القوة المهيمنة إقليميا أو عالميا، فهي تحسب ألف حساب للقوة العسكرية والنووية الأمريكية والروسية والهندية ، هو ما سوف يجعل بوادر البحث عن الأمن والسلم الدوليين، حاضرة بقوة في تعامل الصين مع الأوضاع الإقليمية والدولية، مخافة تحول الدول المالكة للقوة النووية إلى بؤرة تحالف توازني مضاد للصين، في نظام دولي تجبر فيه القوى العظمى على التنافس في ما بينها من أجل الحصول على القوة المسيطرة الهدامة. خاتمة: تمتلك الصين كدولة اقتصادية عظمى، بالرغم من هدوئها المؤقت جراء تبعات إصابتها بفيروس الكورونا “كوفيد-19″، كل مؤشرات الصعود إلى مركز القوى العظمى عالميا، كما أنها تمتلك إمكانيات جعل نفسها أحد أقطاب الهيمنة بالنظام الدولي، منافسة بذلك جميع الدول العظمى المتحكمة في زمام الأمر دوليا، من الناحية السياسية والاقتصادية والعسكرية والنووية. لكن مع ذلك، يبقى التساؤل الذي سوف يطرح نفسه هو: ما الوضعية التي سوف تختارها الصين في النظام الدولي، هل وضعية دولة اقتصادية تسعى للعب دور المهيمن سياسيا وعسكريا إقليميا وعالميا، أم وضعية دولة قوية اقتصاديا وعسكريا، لكنها تبقى خارج لعبة الهيمنة، جانحة بذلك للسلم تفاديا المواجهات المباشرة؟ * محام وباحث في القانون الدولي