واقع أمتنا مرير، بين ضعف وجهل وتخلف واستبداد وظلم وتدين مغشوش أو مبخوس أو محبوس أو مسيس أو منحوس…وهي دركات وظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج قابع فيها يده لم يكد يراها… هذا واقعنا الذي أوصلتنا إليه غفلاتنا وجهالاتنا وطيشنا وتعالمنا وأوهامنا وعنترياتنا، ومع الأسف لازلنا نراوح مكاننا وبعضنا يوغل في ذلك إيغالا ويسارع في ذلك مسارعة أما عمالة أو جمودا أو تكسبا… قبل صفقة القرن لطمنا بلطمات وصفعنا بصفعات مثلها أو أشد منها، ولكن عمق غفلتنا، وقوة تخدرنا أعمق وأقوى من ارتداد أي صفقة أو لطمة أو صيحة… أملنا الوحيد الذي لا أمل قبله ولا بعده هو ذلك الوحي الخام المحفوظ، الذي ينبغي أن نعيد قراءته حرفا حرفا وحركة حركة ونستلهم من خلاله الطريق المخرج من تلك المستنقعات، والموصل إلى بر الأمان ثم إلى قمة القيادة المتوازنة العادلة، وتلك الخبرات والنماذج السابقة التي ينبغي أن نضعها تحت مجهر التحليل والأخذ والرد دون تقديس أو تبخيس، وبجرأة وقوة وعزم واحترام وأدب وخلق… ونعيد بذلك بناء هذا الكيان المسلم الذي أنهكته تلك الأمراض والأسقام الموغلة، لعلنا نتعافى ونتشافى حتى نخرج جيلا مصنوعا على عين الله فكرا وفقها وجسدا وروحا ورؤية وواقعا ولو بعد حين…في عمل متواصل دؤوب ملؤه التجرد والتعاون والتغافر، وطول النفس والرؤية المقاصدية الثاقبة الصائبة… فإن لم نفعل لا هذا ولا ذاك فلنبشر أنفسنا بأنه بعد هذه الصفقة ستأتي صفقات، فسيصبح اضطرارنا إلى الاستنكار والاحتجاج لصد لوم الناس والمحيط، وبعد نهاية فيديو الاستنكار أو قبل جفاف حبر البيان، تعود حليمة إلى عادتها القديمة في انتظار صفقة أخرى تجهزها دهاليز العدو التي تعمل ليل نهار مستغلة جعجعتنا تارة وسباتنا أخرى وعمالة بعضنا.. هذا خطاب موجه إلى أهل الفكر والعلم والتأثير والفن والمجتمع المدني، أما الأنظمة فشبه ميؤوس منها إلا نثرات نبض تظهر هنا أو هناك ثم تختفي فلا يدرى لها حياة من موت.. قد يتهمني البعض بالتثبيط أو بالتخاذل أو بالتغريد خارج سرب التعبئة، ولكنني أحرص على أن أكون واقعيا وأن أقصد مكامن الداء، دون استفادة من أوقات الأزمات أو تسجيل لإعجابات أو نقاط، ليس لأنني زاهد أو مخلص لهذه الدرجة ولكنني مثقل بالأخطاء والذنوب والطيش فأنا ابن بيئتي وأمتي التي ذاك نعتها. ورجائي في ستر الله وعفوه فهو ملجئي ومنجاي، ولكنني أحاول أن أتسلق تلك الجدران لأدق ناقوس الخطر، وأحاول أن أتلمس في تلك الظلمات مسلك النجاة في زمرة من المحاولين السابقين والحاضرين واللاحقين.. اللهم أصلح أحوالنا.. جاري النشر… شكرا على التعليق, سيتم النشر بعد المراجعة خطأ في إرسال التعليق المرجو إعادة المحاولة