يتداول المسلمون فيما بينهم أن الإسلام كرم المرأة ، ويزداد ترويجهم لهذه المقولة كلما سمعوا بتكريم الغرب لها، فتأخذهم الحمية ويحاولون بكل ما أوتوا من قوة أن يردوا الصاع صاعين مبرزين للغرب أن الإسلام سباق في الاهتمام بحقوق المرأة وبتكريمها وأنه لا مجال لمقارنة ما هو رباني بما هو إنساني وما هو منزل بما هو وضعي، لكن هيهات هيهات. إنه وبالتأمل في الحقوق التي يتشدق بها المسلمون في مقابل الغرب نجد أن كل ما يدعونه لا يرقى لمستوى التكريم، إذ ما معنى أن يقول المسلم بأن الإسلام كرم المرأة حين أعطاها الحق في الحياة باعتبار أنها كانت في الجاهلية لا تحظى بفرصة الحياة كالذكر مثلا؟ وما معنى أن يتشدق المسلم بملء فيه قائلا أن الإسلام أعطى المرأة الحق في الإرث بعدما كانت تورث؟ ثم ألا يشعر المسلم بالحرج عندما يقول بأن الإسلام ضمن للمرأة حقها في إشباع غريزتها الجنسية عن طريق الزواج ؟ ألا يشعر بالخزي أيضا عندما يقول أن الإسلام أقر للمرأة ملكيتها الخاصة وحقها في كسب رزقها بالحلال وتنمية ثروتها ؟ وكيف يعقل أن يعيش المسلم في القرن 21 وهو يتحدث عن صون الإسلام لكرامة المرأة بأن حرم عليها الابتذال وألا تمكن أي شخص من الاستمتاع بها؟ وهل يعقل أن يكون تخفيف الإسلام عن المرأة بعض التكاليف كوجوب النفقة مثلا حقا ؟؟؟ لا شك عزيزي القارئ سمعت بمثل هذه الترهات التي يدعيها المسلم ويسبح بحمدها آناء الليل وأطراف النهار وأينما حل أو ارتحل ظنا منه أن التكريم إنما يكون بتمكينها من هذه الأشياء ومثيلاتها ولكن كما قلت في البدء هيهات هيهات. عزيزي القارئ دعك مما يردده المسلمون على أسطوانتهم المشروخة وتعال معي نلقي نظرة على بعض مظاهر تكريم الغرب للمرأة ونستمتع بنماذج للحقوق التي تنعم بها والتي لم يستطيع أي تشريع أن يضاهيها وهي كثيرة جدا يصعب حصرها في هذه الأسطر التي أخطها لكن سأكتفي بذكر بعضها مركزا على الأهم فقط ، وهي كالتالي: الوأد المقنن أو ما يعرف بالإجهاض فهذا من أهم الحقوق التي مُكنت منها المرأة الغربية، إذ من حق كل امرأة أن تسقط ما في بطنها سواء كان ذكرا أو أنثى وسواء أتكون في بطنها بنكاح أو سفاح فذاك شأنها وليس من حق أي مخلوق كيفما كان أن يمنعها، وهذا الحق يشبه ما كان سائدا في ما يسميه المسلمون الجاهلية حيث كان المجتمع يتمتع بهذا الحق ولكن نظرا لكون الفحص بالصدى لم يكن قد ظهر بعد فإنه كان يصعب عليهم معرفة ما في الأحشاء فكانوا يتنظرون حتى يولد المولود فإذا كان أنثى وئد وإذا كان ذكرا ترك، لكن الحمد لله في زماننا تطور الطب حيث أمكن للمرأة الكشف عن جنس الجنين في وقت مبكر والتخلص منه إذا لم يكن مرغوبا فيه عن طريق الإجهاض ولا يدفن في التراب فتلك طريقة بدائية وإنما يرمى في دورات المياه وفي حاويات الأزبال بكل حرية ودون أدنى متابعة قضائية ، فأنعم به من حق. قلنا بأن الإسلام أعطى المرأة حقها في الإرث سواء كان قليلا أو كثيرا وهذا في حقيقة الأمر جميل، لكن لا يمكن مقارنته بما أعطاها الغرب، حيث جعلها إرثا في حد ذاتها، وأصبحت معلمة وتراثا تشد إليه الرحال، وخير مثال على ذلك ما يقع في كبريات عواصم الدول الأوروبية حيث أصبح للمرأة شوارع خاصة أشبه ما تكون بمتاحف كبرى حيث يوضعن في صناديق زجاجية تزين الشوارع ثم يأتي الزوار من مختلف بقاع العالم ليروا المرأة في أبهى حللها وليحضوا بشيء من بركتها وقد لبست تاجا من العز مصونة بين الزجاج لا يمسها نمل أو ذباب. ثم أن الحق في الإشباع الغريزي للمرأة أنى له أن يتحقق بالزواج كما يدعي المسلم ، فالزواج طريقة بدائية في الإشباع ولا تقدم عليها إلا ضعيفة الشخصية وقليلة الخبرة والتجربة، وهو يربطها دائما بالمسؤولية وكثرة التبيعات ( الإنجاب الرضاعة السهر على التربية … )، مع كثرة الشروط والأركان ( الولي الشهود المهر الصيغة ..)، وهذه كلها لا تحل مشكلة الإشباع للمرأة بقدر ما تعقدها وتجعلها صعبة إن لم نقل مستحيلة، ولذلك إذا نظرنا إلى هذا الحق في الضفة الأخرى نجد أن الغرب قد تفوق على المسلمين حيث أن الأنثى عموما منذ نعومة أظفارها تدرس ضمن ما يسمى بالتربية الجنسية أنها حرة في جسدها وأنه ( أي جسدها) ينبغي أن يخضع للفتوحات وأنه لا مانع أن يستبيحه الغزاة بآلاتهم الجنسية قصد سبر أغوار هذا الجسد واكتشافه مكنوناته ففي كل اكتشاف تجربة، وفي كل تجربة فائدة تعود بالنفع على المرأة مستقبلا لامحالة، ولهذا نجد من المهن المعترف بها والتي تمارسها المرأة في الغرب ويمكن أن تقتنع بها في نشأتها وتربيتها الأولية وتجعلها حلما لها وتهدف إلى تحقيقه بكل فخر هي مهنة بيع الهوى التي تتيح لها ممارسة التعدد كما يحلو لها دون أن تمنع نفسها من أحد ودون أن تحرم أحدا منها في إطار الإشتراكية الموسعة وبسياسة ضرب عصافير كثيرة بحجز واحد ، ذلك أنه (أي بيع الهوى) يحقق الإشباع الغريزي إلى دركة ما دون الحيوان ، وفيه جني للمال الوفير وتنمية للثروة دون مشقة كبرى ، وفيه تقليص من حدة البطالة بخلق فرص الشغل باعتباره من المهن القليلة التي يمكن أن تلجها المرأة دون أدنى شهادة تعليمية تذكر ، ويمكن أن تبدع فيه وتعانق النجوم بشرط أن تكون لها مؤهلات استراتيجية وبنية تحتية محترمة فتتألق ، كما أن في قيامها بهذا العمل إسهاما وتعاونا مع الدولة بأداء قسط من الضرائب للخزينة فضلا عن تشجيعه للبحث في ميدان الطب والمنافسة بين الشركات المصنعة لحبوب منع الحمل والعوازل الطبية وهلم جرا، كل هذا وغيره تنعم به المرأة وتشجع عليه وتحققه بكل اعتزاز ، بخلاف المرأة في المجتمع المسلم فهي كما قلنا ملزمة بإشباع غريزتها في الحلال وتمنع منعا مطلقا من التعدد ( بيع الهوى) ، الشيء الذي يفوت عليها وعلى مجتمعها الكثير من المكاسب ( خلق فرص شغل ، فك العزلة عنها وعن الرجال ، المساهمة في ضرائب الدولة ، وتشجيع البحث والابتكار…) فيعم التخلف والكبت وتكثر الجريمة وتنهال التقارير الحقوقية ويصبح اضطهاد المرأة وصمة عار في جبين كل مسلم. ثم إن من مظاهر تكريم الغرب للمرأة أنه اعترف بجمالها واستثمره بما يعود بالنفع عليها وعلى وطنها، حيث جعلها تتألق بهذا الجمال الأخّاذ مرفرفة بشعرها الأشقر مزينة اللوحات الإشهارية لمختلف المنتوجات ( تبان ، جوارب ، قهوة ، سيارة ، مواد البناء…) ، حتى أضحت صور الشقروات تغزو الأسواق والشوارع والدروب والمقاهي ودورات المياه…. وتفتح الشهية أمام كل مواطن بالإقبال على شراء أشياء حتى وإن لم يكن له بها أدنى غرض، المهم تحريك عجلة الاقتصاد و تقدير جمال المرأة وتشجيعها ، هذا وتزداد حدة التشجيع عندما تقدم المرأة لمهندسي الجمال ليقيسوا دقة أنفها ونعومة خدها وطول أهدابها وعرض ابتسامتها وزاوية نظرها واتساع حوضها وخصرها وترنحها في مشيتها ووقفتها وما إلى ذلك من المقاييس الدقيقة التي لا يفقه فيها المغلوبون على أمرهم وأعداء الحسن والتميز شيئا ، ليتوجوها في الأخير بتاج الملك ويعلنوها ملكة جمال السنة أو القرن بعيدا عن معايير السنة والقرآن ، وقد دأب الغربيون على هذا الاهتمام كل سنة وهو فيهم سنة جارية بخلاف المسلمين الذين لا يعرفون لجمال المرأة قيمة ولا يقدرون له قدرا فتجدهم يُقبرونها في بيتها فلا تخرج منه إلا إلى بيت زوجها أو لتدفن في قبرها ، وإذا حظيت بفرصة خروج أخرى فبشروط معجزة ، حيث تصبح ملزمة بلبس حجابها وستر مفاتنها وغض طرفها وكتم صوتها والقصد في مشيتها وما إلى ذلك من الشروط التي تكبل حريتها وتحد من توهج جمالها ، هذا الجمال الذي لا ينبغي أن تبرزه إلا لزوجها وفي بيتها في حدودها الضيقة ، مما يفوت عليها وعلى أمتها خيرا كثيرا وربحا وفيرا. ها أنت عزيزي القارئ ترى في هذه العجالة كيف كرم الغرب المرأة ولا زال يكرمها حتى أتخمها لدرجة أنني أتوقع أن المرأة الغربية بتواضعها لا شك ستثور في وجه المكرمين والمانحين وستدعوهم للكف عن الغلو في الاهتمام بها فقد جاوزوا الحد وستدعوهم بسعة قلبها لا محالة للاهتمام بباقي نسوة العالم خاصة المسلمات المقهورات بغية تمتيعهن بهذه الحقوق نهوضا بوضعهن وتحريرا لهن من سلطة الدين الذي لم تقدم لهن شيئا ذا قيمة .