على هامش بعد الدعوات الغوغائية التي برزت على السطح مؤخرا . في هذه المقالة بيان لم لن يسمح المغاربة بالمساس بالملكية أو بالاحترام الواجب لشخص الملك وأن المساس بهما خط أحمر ، -1تنشئة على احترام وتقدير الملكية رحم الله الوالد والوالدةاللذين أشربنا تحت كنفهماحب الوطن وتقدير الملكية والاحترام الواجب لها من خلال رواياتهما عن المقاومة وعن الملك محمد الخامس وعن الحركة الوطنية بطريقتهما الخاصة . كلمات من قبيل ” رفود الملك ” “رجوع الملك “” يحيا الملك ” اللتي كانت كثيرا ما تتردد في أحاديث الوالدمع زوار بيتنا من قبيل عم الوالد أو عم الوالدة ؛ لم تكن بالنسبة له ولضيوفهمجرد شعارات رنانة أو مجرد تزلف او " تعيش “، أو هتافات ترفع في مناسبات وطنية عندما كان الناس في وقت من الأوقات يساقون إليها سوقا على طول الطرقات التي كان بمر بها الموكب الملكي للملك الراحل ، بل كانت بالنسبة إلى ذلك الجيل إحداثيات زمنية لها دلالتها ووقعها ومن خلالها كانوا يضبطون إيقاع التاريخ روايات كثيرة سمعناها من أفواه آبائنا وأمهاتنا عن النضال الوطني انتفاضا على ” رفود الملك ” وحكايات من قبيل ظهور صورة الملك محمد الخامس على وجه القمر فيها دلالة واضحة على التلاحم الذي كان بين محمد الخامس وشعبه وتدل على درجة الأسى على نفي محمد الخامس طيب الله ثراه ، حكايات عناحداث ووقائع من تاريخ الاستعمار الفرنسي للمغربي من قبيل “ضربة سنغال”وبطولات المقاومة والمقاومين من قبيل علال عبد الله الذي قام بمحاولة جريئة لتصفية بن عرفة الدمية الاستعمارية التي أراد الاستعمار الفرنسي أن يضعوها مكان الملكي الشرعي كثيرا ما رددت الوالدة على مسامعنا رواية واقعة”رمي مغربية لزوجها السنغالي ء”الذي كان يعمل تحت إمرة فرنسا من أعلى شرفة البيت باعتباره كان فعلا نضاليا ، وأيضا ما كان يفعله المناضلون الوطنيون ب ” الخونة ” الذين لم يكونوا يتجاوبون مع نداء المقاطعة للبضائع الاستعمارية بما فيها العاز المسال ، ومن ذلك على سبيل المثال إرغامهم على شرب كمية منه حين يضبطون متلبسين باقتنائه أو يجدونه مدسوسا بين البضائع ! من الطبيعي أن تكون تلك الروايات عن تلك الاحداث والوقائع أداة للتنشئة “على حب الملكية وحب الوطن ، وأن تجري منا مجرى الدم ونتشربها كما نشرب والماء ونتنفسها كما نتنفس الهواء ، وأظن ذلك صحيحا للأغلبية الساحقة من المغاربة مناسبة وفاة الملكين محمد الخامس والحسن الثاني رحمهما الله كانتا مناسبتين تنطقان بهذه الحقيقة حيث خرج المغاربة كبارا وصغارا يعبرون عن تعلقهم الصادق بالملكية ، ! في كلتا المناسبتين لم تجبر سلطة أو أمن أو عمالة أو قائد أو شيخ أو مقدم حشودا غفيرة من الرجال والنساء والشيوخ والأطفال على الخروج للتعبير عن الحزن والتعبير عن الأسى والحزن ، ورأينا كيف اختلط جمهور الشعب مع الأمير والوزير والسفير والغفير في الموكب الجنائزي المهيب ! -2ريح ثورية ونفس رافض خلال مرحلة الشباب نحن وأبناء الجيل ممن عاش طفولته خلال سنوات الستينيات وفترة المراهقة ودخول مرحلة الشباب خلال السبعينات كنّا أيضا شهودا على أحداث من قبيل احداث ومظاهرات23 مارس 1965، وعاينا تكسيرا لنوافذ المدارس وتخريب منشآت عامة وسمعنا أيضا لعلعة الرصاص في سماء الدارالبيضاء ، وقبل ذلك أخبار مطاردة ” شيخ العرب “بحي سيدي عثمان ثم الانقلابيين العسكريين سنتي1970 وسنة 1971 ونجاة الملك الحسن الثاني مرتين متتاليتين نحن الذين تابعنا – وكنّا قد شارفنا على مرحلة الشباب وعايشنا أجواء المد الثوري وانتعاش التوجه اليساري الماركسي اللينيني أو التوجه الانقلابي البلانكي- ( احداث مولاي بوعزة 1973 ) كان من الطبيعي إن نتشرب أيضا شيئا من ذلك النفس الذي كان ثقافة سياسية مشتركة يتنفس الشباب هواءها ويعيش في أجوائها وجاء علينا وقت كنّا معادين فكريا وإيدي لوجيا وليس شعوريا ووجدانيا للملكية ! -3غلبة نسمة التنشئة الأولى لكن تلك البذرة التي بذرت فينا والنسمة التي تنفسنا هواءها مِن خلال تنشئتنا الأسرية والاجتماعية كانت الغالبةفي نهاية المطاف ، لندرك بعد حين بكامل الوعي وبعد نظر وتحقيق ، ما تمثله للملكية في المغرب وما اضطلعت به وما تزال تطلع وستظل من دور في استقرار المغرب ، وهو الاقتناع الذي أصبح مشتركا عند الجميع بما في ذلك تلك القوى التي كانت لها خلال سنوات الستينات مواقف جذرية من النظام الملكي ! نتذكر من أجل الذكري أن وجود ملكية وطنية وأصالتها ومشروعيتها الدينية والتاريخية كانت دوما عامل توحيد وتصدي لمحاولات العدوان ، ونتذكر أن وجود ملكية بتلك المواصفات قد حال دون أن يسير المغرب في مسار تجربة الحزب الوحيد التي كانت موضة العصر آنذاك . ونسترجع بفزع ونستحضرألطاف الله في فشل التجارب الانقلابية المدنية والعسكرية ، وماذا كان سيكون عليه حال المغرب لو كتب لها النجاح ،وأي وضع كان سيكون عليه المغرب ، لو كان قد حكم هذه البلاد الجنرال أوفقير ومن على شاكلته ! نعم كانت عندنا سنوات الرصاص وكان لدينا معتقل تازمامارت ودرب مولاي الشريف ، وهي مراحل مظلمة في تاريخ المغرب المعاصر ، ولكن لا مجال بقارنتها بالفطاعات التي ارتكبت في حق المعارضين في عدد من الدول العربية التي خضعت لحكم العسكر ، ومن أراد أن يعرف شيئا من ذلك فليرجع مثلا إلى كتاب .”أيام من حياتي” لزينب الغزالي ! ونستحضرما عرفه تاريخ المغرب من تمكين للريع ونظام الامتيازات في المجال الاقتصادي ، لكننا نستحضر أن ذلك كان نتيجة أحد النتائج التي أنتجها الصراع على السلطة خلال عقد وزيادة ودخول ” القوة الثالثة التي استغلت هذا الوضع .” وعملت على طول تاريخ المغرب المعاصر للحيلولة دون التقارب بين الملكية والقوى الوطنية ، وأيضا نتيجة انزلاق هذه الأخيرة أحيانا واستدراجها لبعض المغامرات الانقلابية والتوجهات البلانكية الإقصائية التي كانت موضة شائعة في العصر! ونتذكر أيضا كيف ظلت يد الملكية رغم ذلك كله ممدودة للمعارضة حتى في أحلك مراحل التوتر بين الطرفين مما كان ينتهي بالفشل لهذا السبب أو ذاك ، قبل إن يتم التصويت لأول مرة بإجماع القوى السياسية الوطنية على دستور 1996 مما فتح المجال واسعا أمام تجربة التناوب التوافقي بغض النظر عن تقييمنا لنتائجه ومآله ! وهو التناوب الذي كان هندسة بين الملك الراحل الحسن الثاني وأحد أكبر المعارضين لنظامه خلال لأكثر من عقدين .! ونستحضر الاستثناء المغربي بعد وصول تأثيرات ما سمي ب”الربيع العربي ” إلى المغرب وكيف فتح ذلك المجال ل” إصلاح دستوري ومؤسساتي ” ما زلنا لم نستكمل تنزيل كل ممكناته إلى يومنا هذا . نستحضر الحراك الذي عرفته بلادنا سنة 2011 وكيف كنّا حاضرين فيه بمقاربتنا الخاصة من خلال مبادرة ” نداء الإصلاح الديمقراطي ” الذي اعتمد شعار .” الإصلاح في نطاق الاستقرار ” والذي انتظم في أكبر مسيرة من مسيرات الاحتفال بالعبد الوطني للعمال فاتح ماي في تاريخ المغرب دون مبالغة . -4المساس بالملك والملكية خط أحمر لكل هذا وغيره نقول : إن المساس بالملكية وشخص الملك خط أحمر ، لأن في ذلكًمساسا برمز من رموز وحدة المغرب وسيادته . وأن استهدافهما واستهداف لا يمكن أن يقبله المغاربة أو أن يسكتوا عنه ، ليس فقط بسبب ذلك الترابط الوجداني الذي ورثناه وتمت تنشئتنا عليها ، ولكن لأن تقدير الملكية ودورها والحاجة المتواصلة إليها يعكس أيضا الذكاء الاجتماعي والسياسي للمغاربة عبر التاريخ ، وهو التاريخ الذي جعل من الملكية ضمانا للوحدة الوطنية ولاستقرار البلاد ، وأنه حتى في الفترات القليلة في تاريخ المغرب التي تم فيها عزل بعض الملوك ، فإن ذلك لم يكن اهتزازا في الاقتناع بالملكية ، بدليل أن ذلك لم يكن يقع إلا لمبايعة ملك آخر من نفس الأسرة المالكة المغاربة لا يمكن أن يقبلوا بالمساس بالاحترام الواجب للملك ،والأدب اللازم في مخاطبته ، وهو ما لا يتعارض مع النقد لسياسات الدولة واختياراتها ، فقد تعلمنا من الحكام الراشدين المسلمين أنهم كانوا يقولون :” لا خير فيكم إن لم تقولوها ولا خير فينا إن لم نسمعها ” وهي مناسبة كي نذكر بالرسالة التي كان قد حملها مستشار الملك للجنة السياسية المواكبة لعمل لجنة صياغة دستور 2011 حينما اقترح بعض أعضائها مراجعة صيغة “الملك شخص مقدس لا تنتهك حرماته” رسالة مضمونها ” القداسة لله والعصمة للأنبياء وإنما أنا ملك مواطن ” . من دون شك فإن هناك انتظارات واسعة من فئات عريضة في المجتمع وهناك مظاهر من الخصاص والتفاوتات الاجتماعية وانتشار لعدد من مظاهر الفساد والريع وأوراش واسعة للإصلاح ، لكن مواجهتها لا تتأتى من خلال دعوات شعبوية أو أغاني غوغائية تسهم في تسويقها جهات تستهدف المغرب واستقراره وتسعى لجره نحو الفوضى غير الخلاقة التي دمرت دولا ومزقت شعوبا ورمت بها في أتون حروب أهلية لا يرى لها في الأفق نهاية قريبة . لذلك نقول : يحيا الملك عاش الملك ، يحيا الشعب عاش الشعب … لأن تميز هذا البلد واستثنائيته ومقاومته للمستعمر يكمنانفي تلك العلاقة المتينة بين الطرفين ، في النضال المشترك خلال معارك الاستقلال ومعارك استكمال الوحدة الترابية ، وكذلك في معارك البناء الديمقراطي والتنموي ، الأمر كان ذلك على مر التاريخ وسيتمر على مر التاريخ إن شاء الله !