انا شاب عشريني احلم بغد افضل. غير انني لم اجلس عند حافة الحلم فقمت للمحاربة من اجل الحلم. لذلك سأطلق على نفسي ومن هم مثلي لقب اليساري المتمرد. فكوننا يساريون لم يكن بعد قراءتنا لنص الرأسمال لكارل ماركس ولا بتأثرنا بمقالات لينين ولا كراسات تروتسكي او الثورة الثقافية لماو. اننا متمردون لاننا احسسنا بالظلم والحكرة و لا نقبل بها ابدا. لذلك فهذه الكلمات تخاطب كل مناضل كاره للحكرة وعاشق للحرية الى كل متمرد شريف يرفض ان يلعق حذاء اسياده. انني اخاطب الاحرار ومعكم سأتقاسم تجربة تحول الحلم الى واقع. ما معنى ان تكون مناضلا؟ سؤال ماهوي يسائل ذاتك بعيدا عن كل بهرجة, مثله مثل سؤال هل تؤمن بالله؟ فأسئلة من هذا القبيل هي اسئلة مبدأ لا تحتمل الجدل و النقاش بقدر انها تستلزم الإيمان و الإعتقاد. أن اكون مناضلا معناه ان أدافع عن شرفي وكرامتي كلما تم المس بهم او الدَوس عليهم. فالنضال غير مرتبط بأفكار فلسفية او اطارات ايديولوجية بقدر انه مرتبط بمدى كرامة الإنسان وشرفه.وكم هو جميل ذلك المناضل المبدئي القادر على الموت في سبيل شرفه وكرامته الى اخر رمق حتى وان أدى به ذلك الى خسارة ما يعتربه الآخرون انجازات او مكاسب. سأبسط لك صديقي القارئ أنواعا و أصنافا من المناضلين الذين جمعتني معهم شوارع البلد او مقرات الأحزاب او النقابات او الجمعيات. وذلك من أجل اصدار احكام قيمة سنبررها بإعتمادنا لحجج نراها منطقية وسيراها الذي نقصده بالنقد واهية. وسأقسم انواع المناضلين الى ثلاث اصناف : 1- المناضل المازوشي وهو المناضل المبدئي بحق والقادر على الموت في سبيل قضيته كالمناضل الأرجنتيني تشي كيفارا ومن ساروا على نهجه الى الأبد. يحيل لفظ المازوشية الى كونه مرضا نفسيا يتلذذ فيه صاحبه بتعذيب نفسه او بتلقي العذاب من طرف الآخر من اجل الوصول الى رعشته الجنسية. إلا اننا هاهنا لا نوظف المصطلح في بعده النفسي الجنسي بقدر اننا نوظفه في دلالته النفسية الأخلاقية كما سبق وان استخدمه كل من حجازي مصطفي في كتابه عن التخلف الإجتماعي و هاشم صالح في حديثه عن الربيع العربي. ومقصودنا هاهنا بالمناضل المازوشي هو كل مناضل مبدئي مستعد للتضحية بنفسه وحريته وتلقي العذاب من اجل قضيته وفي سبيل الذين يناضل من اجلهم. ولعل هؤلاء هم الأحق بأن يكتب عنهم التاريخ لكونهم يدونون اسماءهم في سجله بدماءهم وبسنوات حريتهم. ولا حل امام النقيض مع المناضل المازوشي الا بقتله وتنحيته و إعطاءهم وسام الإستشهاد, ليكون شاهدا على نقاوة روحه وبؤس العالم. 2- مناضل السيلفي وهو المناضل الإنتهازي بكل بساطة. فالسيلفي هو مصطلح معاصر معرب ويقصد به عملية التقاط الصورة بواسطة العدسة الأمامية. نلاحظ عند كل محطة نضالية او تنظيمية تسابق هذا الصنف الى الصفوف الأمامية كما يتسابق اعوان السلطة الى الصفوف الأولى للسلام على اسيادهم. ويتميز هذا النوع من المناضلين بكونهم حفظة مجدين لكل الشعارات من اجل غناءها في المحافل النضالية فيصبح كل حافظ للشعارات مناضلا قادر على اسقاط الظلم والحكرة والنظام العالمي الى اخره من الشعارات الجوفاء المنتهية بانتهاء موعد الوقفة او المؤتمر. ان هذا الصنف من المناضلين له معايير محددة يقيس بها نضالاته. فأول محدد يعتمده هذا مناضل السيلفي يكمن في عدد الإعجابات التي تنالها صورته الموضوعة على مواقع التواصل الإجتماعي وعدد التعليقات المشيدة بتضحيته و نضاليته مقدمة له التحية. كأنه ملك من الملوك قد عاد من حرب ضروس. اما المحدد الثاني فيتجلى في عدد المناصب الرمزية التي يحتلها ليطلق عن نفسه انه كاتب لفرع معين و مسؤول عن هيئة معينة. وذلك رغبة منه بأن يشعر بأن له قيمة رمزية تجعله فارسا وقائدا مغوارا. اما المحدد الثالث فيتجلى في اعادته وتكراره الممل للبرامج التاريخية و إحياء الأيام العالمية دون القدرة على التفاعل مع الحاضر و إرهاصاته ومشاكله. 3- مناضل المؤسسة وهو مناضل يدين بدين المؤسسة دون القدرة على تقديم نقد لها. ونقصد بالمؤسسة كل اطار حزبي او نقابي أو جمعوي قائم بذاته له نظمه الخاصة و أعرافه وتقاليده التي تميزه عن باقي التنظيمات. ان مناضل المؤسسة هو مناضل راغب في الحفاظ على دوره المؤسساتي والنضال من داخله وقد يصل به الأم الى حد تقديس تنظيمه وتنزيهه عن الخطأ وكذا تأليه رموز حزبه والتشبه بهم الى حد الإنصهار. فيصبح مناضل المؤسسة بذلك مجرد ذات جماعية مستنسخة يغيب عنها كل حس نقدي ويموت فيها كل شكل من اشكال التفرد والتميز. * أستاذ الفلسفة / عضو الحزب الاشتراكي الموحد فرع الحي الحسني