مرر القانون الإطار الخاص بإصلاح منظومة التربية والتكوين ،دون أن يثير جدلا يليق بحجم خطورته على مستقبل التعليم في وطننا العزيز ،وكذلك سكوت النخب التي من المفروض عليها أخلاقيا التنبيه بكل الطرق القانونية والممكنة لتوضيح الإشكال المتعلق بتدريس العلوم ، والأدهى والأمر أن حتى النقابات الفاعلة في التعليم العالي لم تعر اهتمام بالموضوع ،وكدالك جمعيات المجتمع المدني ،والمنتديات الفكرية على قلتها. سنناقش أهم إشكالات القانون الإطار خصوصا لغة تدريس العلوم أو البند المتعلق بما سمي بالتناوب اللغوي ، رغم وجود بنود أخرى لا تخلو من أهمية كالمادة 43 المتعلقة بمجانية التعليم الأولي والإعدادي واحتمال فرض رسوم في الأسلاك الأخرى . القانون الاطار51.17 الخاص بالتربية والتكوين الذي ضم 10 أبواب و57 مادة ،أعتبر محوري ومصيري في رسم سياسة الدولة التعليمية الخاصة بالتعليم والتكوين المهني والتعليم العالي ،فالكل يجمع على أهمية التعليم والتكوين كقضية مصيرية بالنسبة لمستقبل المغرب ، فأي دولة لا تولى التعليم أهمية قصوى ،مصيرها التخلف ومشاكل في السلم الاجتماعي وغير قادرة على إنتاج نخب وكفئات ترسم طريق المستقبل والحرية والديمقراطية ،فالإصلاح الحقيقي للتعليم والبحت العلمي و التكوين المهني وجعله قاطرة نحو المستقبل ومساهم في إنجاح النموذج التنموي المطلوب، لا يجب أن يأخذ بعين الاعتبار أي تجاذب سياسي أو مصلحة اقتصادية أو علاقات مع دول أخرى أيا كانت. إنه قانون إطار متخبط و مرر بسرعة ، انجر إلى إعادة سياسة الفرنسة بعد التعريب الذي لم يستكمل في الجامعة ، لنجد أنفسنا ندرس العلوم باللغة العربية في الثانوي تم ندرسها بالفرنسية في سلك الإجازة تم ننشر الأبحاث بالانجليزية في سلك الدكتوراه ، لان قانون الدكتوراه الوطنية في العلوم بالمغرب، يلزم وجوبا نشر مقال علمي على الأقل في الجرائد العالمية التي تستعمل اللغة الانجليزية في الغالب الأعم وأن جل المؤتمرات العلمية والبحثية تدار ويشارك فيها باستعمال الانجليزية . كان على من خط القانون الإطار للتربية والتكوين ، و صوت عليه ،وعلى من باع الوهم للمغاربة خصوصا الحكومة الحالية التي وعدتنا بالدفاع عن اللغة الأم والتدريس بلغة العصر أي الانجليزية ، لنجدها في الأخير تصوت على الفرنسة، كان على المشرع أو من اشتغل على القانون أو أنزل توصيات المجلس الأعلى للتربية والتكوين أن يستفيدوا من التراكم الايجابي والتنوع اللغوي خصوصا التعريب، الذي راكمه الجيل الحالي ( مواليد النصف الثاني من السبعينات) ،إد لا يعقل أن نلغى تجربة عتيدة دامت لمدة طويلة ، وأن إشكال التعليم بالمغرب ليس بيداغوجي محض من حيت محتوى المقررات ولكن المصيبة هي ما أنفقته الدولة من ميزانيات ضخمة لإصلاح التعليم في ضل غياب المحاسبة على مشاريع خططها أناس لهم امتدادات حزبية وتابعين لجهات يجب معرفتها و محاسبتها ،لكي لا تكرر مرة أخرى و خصوصا والمغرب مقبل على ضخ مليارات جديدة في إطار التعليم ضمن مخطط النموذج التنموي للبلاد . فعكس ما يروج له حاليا بعض صناع القرار عن التعليم العالي وخصوصا الوزير المكلف بالبحت العلمي ،أن إدخال الانجليزية في التعليم العلمي مكلف ماديا ، وهو عذر لا يستند على دليل علمي , فالنسبة للتعليم الثانوي تدريس المواد العلمية أو مجزءات منها بالفرنسية سيتكلف به أطر درسوا العلوم أصلا بالعربية وبالتالي خوضهم تجربة الفرنسة سيشابه التدريس بالانجليزية مع الأخذ بعين الاعتبار توفر المراجع البيداغوجية والتقنية باللغة الانجليزية في محركات البحت وكذلك استعمال مفردات كنيرة لدى التلاميذ جراء تطبعهم مع مواقع التواصل الاجتماعي ، وان الوسائط البيداغوجة من معدات الإعلام والاتصال غالبا تثبت عليها تطبيقات تستعمل كلمات مفتاحية باللغة الانجليزية ، أما بالنسبة للتعليم الجامعي فالأساتذة أصلا ينشرون أبحاثهم في العلوم بالضرورة بالانجليزية وتكوينهم في سلك الدكتوراه بالكامل باللغة الانجليزية و هي حقيقة لا ينكرها أحد . ليس كل من دعا إلى تعريب العلوم في الجامعة وإدخال الانجليزية في تدريس العلوم ضد الفرنسية كلغة ،فنحن معها رفقة لغات أخرى كالاسبانية ولكن ضدها في تدريس العلوم لان أصحابها و في خطابات رسمية أقروا بعدم مسايرتها للعصر. إن الانفتاح واجب على الفرنسية و الاسبانية بحكم حجم العلاقات الاقتصادية التي تربط المغرب بإسبانيا وفرنسا كشريكين أساسين للمغرب. كان على الحكومة ومن أعدوا القانون الإطار أن يتحلوا بالموضوعية والهدوء، وعدم التسرع واستعمال المنطق والعقل، ونقل التجارب الناجحة في دول أخرى مع استحضار الخصوصية الوطنية، فالوقت لا زال للتدارك من خلال المذكرات الوزارية التي ستنزل القانون الإطار من خلال فتح المجال للغة العربية والانجليزية لتدريس العلوم ما دام القانون الإطار لم يشر بشكل صريح باستعمال اللغة الفرنسية ولكن استعمل عبارة التناوب اللغوي في تدريس العلوم أو جزء من الوحدات .والوقت لا زال ممكنا خصوصا في التعليم العالي كما أشرنا إليه مسبقا وبالتالي نتمنى التروي في تنزيل الإصلاح والأخذ بعين الاعتبار ملاحظات الفاعلين الدين عارضوا بعض بنود القانون الذي مرر بسرعة لا تتماشي مع أهمية المشروع الذي تجاهل نقط بأهمية مشابهة كعلاقة الدولة مع التعليم الخاص حيت أصبح بعيدا عن المراقبة والدليل هو الارتفاع الصاروخي في مصاريف التسجيل والتأمين وعدم الإشارة بوضوح في القانون الإطار لبنود تتناول التعليم الخاص بالمغرب الذي لا يجب اعتباره مقاولة ربحية فقط ولكن يجب أن يكون هناك التزام شعاره المواطنة من خلال دفتر تحملات يراعى نبل وحساسية المهنة . إن جزء من المسؤولية الناتجة عن عدم الاستمرار في التعريب وتعميمه في الجامعة وفقا لدستور المملكة الذي يعتبر العربية لغة رسمية للبلاد راجع بالأساس إلى مهندس القانون الإطار أو جزء منه المتمثل بالمجلس الأعلى للتربية والتكوين، الذي تأسس بعد الربيع العربي أي بعد دستور 2011 ، ولعدم إلزامية قراراته جاء القانون الإطار ليصلح الإشكال ويتم شرعنة قراراته من خلال القانون الإطار من خلال التصويت عليه بالغرفتين، قانون صوت عليه نواب ومستشارون أغلبهم كان رافضا فرنسة التعليم قبل أن ينادى عليهم بسرعة خلال عز الصيف ويصوتوا عليه وسط استغراب الجميع . مجلس عزيمان كما يطلق عليه البعض ضم ممثلين عن كل الأحزاب السياسة والفعاليات الحقوقية وأكاديميين ،فقليل هي الشخصيات والكفاءات المختصة التي كانت حاضرة ذات مرجعية “أنجلوساكسوسنية ” وهو ما بدا ببرودة الدفاع عن استعمال الانجليزية كلغة تدريس العلوم ، وضعف الحماسة تجلى بقلة الخرجات الإعلامية أو انعدامها لشرح المواقف المتخذة ،مجلس كلف ميزانيات كنيرة كأجور وتعويضات لأعضاء المجلس ،دون أن نرى تقارير فردية لكل عضو تضم مقالات و أبحاث وتصورات ومقارنات ،لنرى رأي كل فاعل أنيط به إصلاح مصيري و إستراتيجي ، حتى الزيارات و المؤتمرات التي نظمت جهويا لن تكن كافية من حيت الوقت للأخذ بعين الاعتبار مداخلات الفعاليات الجهوية الجادة والمهتمة . كخلاصة لا يجب التذكير بأنه فقط الدولة الفاشلة هي من تدرس العلوم بلغات أجنبية ،كان بالأحرى أن يحترم روح الدستور باعتبار أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للبلاد وأن يستشرف المستقبل باستعمال الانجليزية كلغة محفزة لتدريس العلوم وتضمين المقررات الخاصة بالمواد العلمية هوامش مترجمة لبعض المفردات وترجمة الأفكار الرئيسة لكل الدروس والوحدات ب الانجليزية ،لنحترم هويتنا و ننخرط في المستقبل ،فجل الأطر الحالية في الجامعة وخصوصا الشباب درسوا العلوم بالعربية في سنوات الثانوي والانجليزية في سلك الدكتوراه وبالتالي التنزيل ممكن وواقعي ، ومن يحترق غيضا ولا يريد العربية كلغة ندركه أن حتى جامعات الكيان الصهيوني الغاصب وجامعاته المنصفة كأرقى الجامعات تدرس العلوم بالعبرية التي ليس لها إشعاع البتة .وأخيرا تصبحون وتمسون على وطن تحترم لغته الأم ويساير العصر من خلال أحدت لغاته المستعملة عالميا وليس لغة مستعمر قديم أصبحت لغته لا يستعملها أهلها في العلوم. مهندس دولة في تقنيات الاعلام و الاتصال و باحت بالمنتدى الوطني البيداغوجي للتكوين المهني