في الذكرى المائة وعشرة لإعدام المتمرد بوحمارة (2 شتنبر 1909) و هو ضابط مهندس يتحرك كثيرا بكتبه فوق حمارته.. اختارت جهات نافذة في دولة الحق و القانون و الحريات و الحداثة بعث رسالة لمترد من نوع آخر هو العالم أحمد الريسوني: رفضت أي تقنين للإجهاض سنة 2015 من منطلق ديني، و ها نحن نعتقل ابنت أخيك بتهمة الإجهاض و الفساد في الأرض….و البادء أظلم! 110 سنوات لم تتغير خلالها عقلية مخزن هو عمود الدولة الفقري. سنة 1909 أطلقت أسود تنهش لحم بوحمارة (و في رواية أعدم بالرصاص) جزاء تطاوله و ادعائه النسب الشريف و خروجه عن الخط المرسوم. اليوم تطلق ضباع إلكترونية و مكتوبة تنهش شرف كل من قال كلمة لا و لو همسا. نعصرن تخلفنا لا أقل و لا أكثر! أسابيع قليلة بعد خروج (أوجار) وزير العدل-في نسخته المغربية- على منابر فرنسية، فخورا مبشرا بتراجع اعتقالات الممارسين للجنس خارج الزواج، و أن الأعمال جارية على قدم و ساق لتهيئة الشعب لتقبل الجنس الرضائي و الشذوذ و ما إلى ذلك مما يعتبره الوزير قيما عالمية سترضي ماما فرنسا..انقضت فرقة ثمانية من شرطة بزي مدني على صحفية مقربة من التيار الإسلامي، لتتابع الشابة ذات 28 ربيعا في حالة اعتقال (و عليوة رخصة 7 سنوات ترحما على الفقيدة!) بتهم تمس ليس فقط شرفها، بل و تزيد من تكريس صورة “نفاق الإسلاميين” في المغرب، حسب ما يرسمه أعدائهم منذ فترة ليست بالقصيرة. ما واكب الإعتقال من ترصد و مراقبة و متابعة حتى للمكالمات بين الطبيب و زبائنه يؤكد أننا بعيدون تماما عن حالة سهر و غيرة على احترام القانون للتدخل، و منع “إجهاض” توسط ملك البلاد سنة 2015 للوصول لحل بين معارضيه و مؤيديه. ما لحق بصحيفة مؤيدة لحراك الريف، و قبلها لرئيس تحريرها المزعج للوزير أخنوش و صحبه، رصد و تتبع البرلمانية ماء العينين لتصويرها دون حجاب و تكسير الساحة الإعلامية بالخبر و كأنه أهم من معلومة تصدر بلادنا تجارة الحشيش دوليا، و استقرارها طوال عشرين سنة من الإنجازات في رتبة 123 عالميا في سلم التنمية البشرية، و غيرها من عمليات تتبع و مراقبة (لصيقة) لكل من أنزل لحية أو ركبت فولارا و كان(ت) خارج تغريدات الدولة.. تصرفات لا تليق بدولة تسمي نفسها دولة قانون. اللعب بالنار أن تستعمل جهات نافذة في الدولة أجهزة من المفروض فيها الحياد و خدمة الجميع دون تمييز، في تصفية حسابات سياسية مع الخصوم، بل و أن تظهر أجهزة سيادية بمظهر العداوة مع صحفيين أو معارضين كحال قضية الصحفي توفيق بوعشرين…ببساطة هي انتكاسة للوراء و تهديد للسلم المجتمعي؛ تسيب الأجهزة في صغائر الأمور سيفتح شهيتها لما هو أكبر، و لي دارها صغيرة يدير كبيرة! و لمن يحاول إتباث نفاق (الإسلاميين) نقول الأولى و الأهم أن تلتفت لنفاق دولة يشاهد للعيان ليل نهار…بدل مراقبة أجهزة الناس التناسلية…و الإلكترونية. شاهد نفاق دولة تبني أسرع قطار و ربع شعبها يركب الحمير و نصفهم يعجن في الطرقات و يدفن حيا و لا مبال! راقب نفاق دولة تنادي بحرية المرأة (الجنسية حصرا) و تغفل حالة 9000 امرأة في معبر باب سبتة أقل ما يقال عنهن خضوعهن كعبيد لعصابات تكسب مليار دولار سنويا، و تبني فيلات على طول سواحل الشمال، تحت مسمع و مرأى أجهزة حماية القانون، و راجع في ذلك تقرير لجنة مجلس النواب حول عبودية باب سبتة. أولى بك فأولى النظر لتصنيف بلادنا الأخير في معدل رعاية الناس صحيا و نحن نحتفل بإطلاق قمرين لحراسة أعدائنا في الخارج، بينما مواطنونا في الداخل يموتون ألف مرة كلما اضطروا للتوجه لأحد أقسام الإن-عاش. أولى بكم فأولى يا تجار المخدرات المكتوبة، و يا موقع المخابرات و ناشري الفضائح و شهادات الزور، مراجعة عمليات نهب و سلب لاقتصاد بلد وصلت مليارات الدولارات بشهادة منظمات العالم، خلال عقد من التوعد و الوعيد بالمحاسبة و الصرامة و الزلازل و البراكين…بدل تركيزكم على أقذر أماكن أجسام المعارضين، يا سادة الكذب و التلفيق. الشعب كشف مؤامراتكم و سعيكم لبيع الوهم و تصدير التفاهة و قلب الأولويات و خلق أعداء من ورق…فاستمروا في الحفر على المسالك البولو-تناسلية… هنيئا لكم و نعم أجر الحافرين!