يعد الماء موردا طبيعيا أساسيا للحياة البشرية وضرورة لمزاولة أنشطتها الاقتصادية، وتكتسي مسالة الماء والحياة أهمية بالغة. والماء قوام للحياة وأساسها الرئيسي في جميع الحضارات والشعوب. ويعتر الماء أتمن الأشياء التي خلقت في الكون وهي مصدر واساس كل شيء. يتميز جنوب شرقالمغرب قديما بسقوط تساقطات كبيرة من الماء ولمدة أطول، بفضل المناخ الموجود في تلك الفترة. وجنون شرق المغرب معروف بتدارسه المختلفة والتنوع من النباتي. ومع مرور الزمن نجدها تتعرض للإنقاض شيئا فشيئا، كما حدت لشجرة “أنكارف”، أما اليوم اصبحت مناطق جنوب شرق المغرب تعتمد فقط على الثلوج في أعالي جبال الأطلس الكبير والصغير، بصغرو باعتبارهما خزان للماء. ومنذ سنة 1987 بدأ المناخ يتغير بشكل متباين، ما يفسر ذلك انقراض بعض الحيوانات المعروفة بالمناطق الجنوبية “كأودادن أملال أهقي بارغن …”، يعود سبب انقراضها إلى التغيرات المناخية وتراجع نسبة تساقطات الأمطار، هذا ما يجعلنا نقول ان الماء حاجة ضرورية لكل الكائنات بجنوب شرق المغرب واستقراره. وقبل الحديث عن سكان جنوب شرق المغرب كسكان قروين والماء ودوره عند كل السكان، لابدا أن نعود إلى التاريخ القديم ونطرح سؤال “لماذا أغلب سكان جنوب شرق المغرب كأمازيغ يتجهون إلى الجبال من أجل السكنوالاستقرار بدل المناطق السهلية الأخرى؟ حسب قول أحد المبحوثين لا يمكن أن نجيب بأي جواب دون جواب الماء، لأن الحياة عند الأمازيغ تكمن في عنصر الماء، وحوالي 2969 أمازيغيةوالأمازيغ يفضلون المناطق الجبلية في شمال إفريقيا، متمركزين في أماكن تتوفر على ثروة مائية هائلة. وقديما فالأبار غير معروفة مع غياب وسائل وطرق حفرها، يعتمدون على منابع ووديان، وهذا ما يلاحظ في كل الجبال التي يتوجد فيها الماء يسكنها الإنسان الأمازيغي الذي يعبر عن حضرته في مجاله الخاص، ويرتبط حياته بالمجال والماء والتاريخ ليعلن عن وجوده وتفافته، بحيث أينما وجد الماء وجدت الحضارة. ويزخر جنوب شرق المغرب بتعدد الوديان ولعل أهمهم واد يدعى ويسمى”بواد درعة” لهأهمية بالغة للسكان المحلين خاصة والمغرب عامة، تبلغ مسافته حوالي 1200 كلمترا طولا منبعه من عيون أفلافل بأوزيغمت وينتهي بالمحيط الأطلسي للصحراء المغربية، وهو أطوال واد أو نهر في المغرب، واد متوازي مع المحيط الأطلسي كمزود رئيسي له، والذي يعرف بدوره سقوط كميات كبيرة من الثلوج. يقول أحدالشباب “على حساب معرفتي وتواصلي مع الشيوخ وباحثين وأيضا تجربتي في الحياة، أن الناس قديما يعتمدون على التربية الماشية الكسيبة والفلاحة بشكل كبير لتحقيق الاكتفاءالذاتي، هذه الفترة تعرف نمو ديمغرافيا ضعيفا حيت قل الإنسان. مرحلة أيضا برزت فيه فلسفة التخزين، بحيث يتم تخزين العديد من المنتوجات المحلية “كتزارت اقورن أو الكرموس اليابس، الخوخ، تركمين أو اللفت …” مع الرعي في الجبال وتنعاش الفلاحة بفضل وجود الماء، ومن هنا يتبين أن الماء رابط اساسي بين الفلاحة وتربية الماشية. وعلى سبيل المتال بعض العائلات تحصل على 150 عبرة من القمح و 60 من تزرت أو الكرموس و 50 عبرة من الزين سنويا. عائللات تتكون من حوالي 20 شخص، وتجد عندهم 20 ألغم أو الجمال… كل هذه الخيرات شخص واحد هو من يتحمل المسؤولية والتدبير، وغالبا يكون أكبرهم سنا يدعى “بوتساروت أو أختار نتكات”. وفي نفس المرحلة التاريخية نجد الأسرة تضع برنامجا خصا للعمل وتقسيم الأدوار بين الرجال والنساء، حيث يستيقظون باكرا ويتنولون الفطور بعد ذلك كل واحد من هما يتكلف بمهمة معينة وخاصة، فهناك من يذهب إلى رعي الغنم وهناك من يذهب إلى الحقول “إكران” حتى الساعة العاشرة صباحا، ويجتمعون مرة أخرى لتناول الوجبة الثانية من نفس الصباح المكون من التين والشاي “تزارت وأتاي”. أما الغداء يعتمدون على الخضر الطبيعية مع الخوخ اليابس، هذه المنتوجات تعطي لهم أجسادا قوية. وفي جانب أخر يعانون من نقص من بعض المنتوجات الضرورية الأخرى مثل “الزيت، الدقيق”، هذا ما يدفعهم إلى التبادل مع السوق من خلال بيع بعض رؤوس الأغنام وشراء هذه الحاجيات الأخرى الغير المتوفرة لسد الخصاص. ولتحديد هذا في سياقه التاريخي يعود إلى الستيناتوالسبعينات من القرن الماضي. قبل أن تعرف المنطقة عدة تغيرات كبرى مع بداية التمنيات، يمكن حصر بعض هذه التغيرات في عنصرين كبرين،الأول تغير المناخ والتاني تغير الإنسان. وان تغير المناخ يؤثر على تربية الماشية والنباتات، بسبب تراجع الماء، وتحول المناخ إلى مناخ صحراوي جاف. ويمكن مستقبلا أن يعود المناخ إلى مكاناته كما كان عليه قديما كمناخ طبيعي، لأن الجو والمناخ يخضع إلى خاصية الدوران والتغير. أما تغير الإنسان بدأ منذ أن نشأت أول مدرسة في المناطق الجنوبية وتعتبر المدرسة عند هؤلاء السكان وسيلة أخرى من وسائل التحسين الوضع المعيشي وتغير نمط الحياة وتوعية أباءهم. وهدا السبب ساهم في تراجع نسبة الرعي والفلاحة لان الشباب يرى مستقبله في المدرسة. كما نجد هذه المناطق تعرف نموا ديموغرافيا وسريعا مع تراجع الاقتصادي الذي يعتمد على الفلاحة من خلال تبني سياسة تربية الماشية من جهة ومن جهة أخرى بروز الأسواق الخارجية التي تشكل عائق أمام حاجيات ومتطلبات السكان. وهذا ما يسبب في هجرة الشباب إلى المدن بهدف الرجوع بالفضل والسند على اسرهم ماديا وتحسين من وضعيتهم المعيشة. وفي الجانب الاقتصادي كما هو معروف في المنطقة قديما. إن تراجع الماء أدى إلى تراجع نسبة الرعي بشكل ملحوظ، أما الفلاحة هي الأخرى عرفت مجموعة من التغيرات بسبب التفكك الأسري وتعدد الأسر ما أدى إلى تقسيم الأراضي بين افراد الأسركلها تغيرات وتحولات ساهمت في الهجرة تجاه المدن. يقول أحد الفلاحين “المناطق الجنوبية تحتوي على ثروات مائية مهمة، لو كانت برامج مهمة تستغل تلاتين، إسلن، إسافن” في إطار مشروع بناء السود واستغلال ثروة الماء والاستفادة منها طيلة الموسم والاستدامة من عنصر الماء. إن غياب سياسات بناء السدود والتخزين للماء يسبب في ضياع عدد كبير من أطنان الماء الذي نحن في أمس الحاجة إليه. طرق التنظيم الماء بمناطق جنوب شرق المغرب تعد تولي فلسفة وخطة يعتمدها السكان لتنظيم عملية الاستفادة الجماعية والاجتماعية للماء، تولي فكرة قديمة العهد جاءتنا من رجل حكيم. بفضل تولي استقرت المنطقة الجنوبية نظرا لأهميتها على القضاء على الخلافات والصرعات حول الماء، وخاصة بين القبائل العليا والسفلى. تولي عملية هي بمتابه قانون قبائلي يعتمد على تنظيم وتدبير وتقسيم الماء بشكل عادل بين السكان القبائل بشكل عادل وخاصة في أوقات الجفاف التي تعرف هذه المناطق تراجع الماء بشكل كبير. في مثل هذه الفترات من الجفاف ترجع السكان شعار “سقي الأشجار فقط” وسقي الأشجار لم يتم بالطرق المعهودة بل يتم تدبير الماء بطرق جديدة بهدف الحفاض على الماء مع الاستفادة للجمع. ظاهرة الجفاف بهذه المناطق ظاهرة دورية ترتبط بتغيرات الجوية. فما هي أهم العادات والتقاليد التي تقام بهذه المناطق في سنوات الجفاف؟ تعد المناطق الجنوبية للمغرب بمثابة تاريخ تقافي اجتماعي قديم، فسنوات الجفاف ما هي إلا جزء من تاريخ هذه المناطق.المعروف وتلا غنجا وصلاة الاستسقاء. كلها ممارسات عقائدية تجمع بين الإرث الديني والثقافي المحلين. حسب اعتقادي هذه الممارسات يمكن تفسيرها وقراءتها انطلاقا من منظور السيكولوجية، بحيث أنها ممارسات ترتبط وتستهدف الذات. الجفاف ظاهرة طبيعية تؤثر في نفسية الإنسان، تجعله في حالة اليأس والاكتئاب … إلخ. أما إدا حللنا هذه الطقوس “المعروف، تلا غنجا، صلاة الاستسقاء” نجدها تقوي روح الجماعة وتجمع الجميع، رجال ونساء وأطفال، وخاصة تلا غنجا التي يعلن عنها زعيم القبيلة وتمارس في مكان بعيد عند المنازل وفي الهواء الطلق. تلا غنجا تجمع أفراد القبيلة على الطعام والفرح والضحك، وهي محاولة إحياء الأمل في اقتراب الأمطار. هذا الأمل يمكن أن نحدده إلى أمرين فالأول إما أن تسقط الأمطار في الحين وفي نفس اللحظة، والتاني العكس يمكن أن تتأخر حسب المناخ. تعد صلاة الاستسقاء في العقود الأخيرة هي الأكثر ممارسة، بحيث أصبح الإنسان أكتر وعيا مقارنة مع السابق، أصبح يميز بين الحقيقة والخرافة. وصلاة الاستسقاء ممارسة من ممارسات الدين الإسلامي الشيء الذي جعل السكان يفضلونها نسبيا على باقي الممارسات التقليدية الأخرى، وهي ممارسة منطقية حسب تمثل السكان أولا فهي صلاة وتانيا فهي من الأدعية الجائزة لطلب المطر. إن نظرة السكان حول مستقبل الماء بالمناطق الجنوبية، وحسب أحد المبحوثين ربما تغير الجو والمناخ في المستقبل، قد يعود الماء متوفرا بشكل كبير كما كان في السابق وربما قد يحدث العكس. والماء أصبح من المواردالأكثر أهمية في الحياة يعرف التراجع في كل مناطق العالم، وهي إشكالية وتحدي لكل الدول وهذا ما بدر إليه بعض العلماء الدين يفكرون في كيفية استغلال ماء البحار وتصفيتها بهدف استغلالها واستعمالها للشرب والاستعمال الفلاحي.