أعوان المقدم يليهم المقدم ثم القواة المساعدة فالقائد، يتوسطهم “التُكتك” أو آخر فرصة كما يحلو للشباب تسميته تلك الدرّاجة النارية ذات العجلات الثلاث التي يُحمّلون فيها “المحجوزات” حسب السلطة أو “المسروقات” حسب الباعة المتجولين وصغار الفلاحين. الحٓركٓة المخزنية هي حملة، عُرف بها سلاطين الدولة العلوية، الغاية منها إما تأديب القبائل المتمرّدة أو جمع الجبايات من المناطق التي تأبى تأديتها لسبب من الأسباب، كانت الغاية من هذه الحركات إثبات قوة الدولة وفرض النظام على كافة المناطق التابعة للدولة المغربية. أما الحرْكة المغربية الجديدة هي نسخة مشوّهة أو مختزلة لهذه الحرْكات التي عُرفت في التاريخ والتي لا يكتمل مصدر أو مرجع حول تاريخ المغرب الحديث إلا بذكرها، لكنها امتداد لآليات الدولة التقليدية بالمغرب، تسرّب للتدبير القرسطي للشؤون الاجتماعية والاقتصادية، إنه تدبير خريجي البوليتيكنيك والمعاهد الأمريكية بعقلية القياد خادمي العتبة الشريفة كما كانوا يطلقون على أنفسهم. منتصف سنة 2016 جاءت الأوامر الملكية للحكومة بتنظيم القطاع غير المهيكل، أو الباعة المتجولون، وذلك بتخصيص أماكن لاشتغالهم بشكل يصون كرامتهم! تحقق من هذا الكلام نصفه السهل. طرد الباعة المتجولون، بناء ما سُمي أسواق القرب، فشل أغلب هذه الأسواق، عودة بعضهم إلى أماكنهم القديمة، البعض الآخر ولج عالم البطالة، والقلّة التي حالفها الحظ تناسبت طبيعة نشاطها التجاري مع موقع سوق القرب الذي نقلت إليه، قضاءاً وقدراً من الله وليس دراسةً من المسؤولين. سيقول من يتعامى عن معاناة الناس، إن الدولة قد وفّرت البديل، وأعادت النظام إلى الشوارع، فمن حقها اليوم أن تفرض القانون، وتطارد من يريدون أن يعيدوا الفوضى وتصادر سلعهم وتعيد هيبة الدولة، أي شيء غير هذا هو من باب اليوتوبيا. ترى هل سمعوا بقصص أولئك الذين ظلوا بالأسابيع لم يبيعوا درهماً في “أسواق القرب”؟ ألا يعلمون بأحوال تلك الأسواق؟ ألم يأتهم خبر المئات الذين سُجنوا بتهمة الاعتداء على رجال السلطة أثناء هذه الحرْكات الجديدة في كل المدن التي عرفت هذا المشكل؟ هل سمعوا بأخبار أعوان المقدم الذين يأخدون المحجوزات ويعيدون بيعها لبائعين آخرين؟ يقالُ لهم امكثوا في الأسواق الجديدة وستتحسن الوضعية، لم تتحسن سيدي الوالي إنها تزداد سوءاً يوما بعد يوم، بأبنائهم بدون نقابات هؤلاء، لا تقاعد لهم ولا تغطية صحية. أقول، من حقنا كمواطنين أن نسأل -لأنه في بلدنا ليس من حقنا أن نُسائل- لماذا تهدرون المال العام في هذا الجنون، هذا الكرنفال المخزني العتيق؟ نصيحة لوزارة السياحة “إن منظر هذه الحرْكات المخزنية الجديدة أكثر إضرار بصورة المغرب من منظر الباعة المتجولون، والفوضى التي يتسبب فيها هي أعم من فوضى الباعة المتجولون” وشكراً. * مدوّن