تشهد مدينة الدارالبيضاء خلال الأيام الجارية، فعاليات النسخة 25 للعرض الدولي للنشر والكتاب، الممتدد من 8 إلى 17 فبراير الجاري. جريدة “العمق” استقت آراء كتاب وروائيون وقصاصون ونقادا حول هذه الدورة، فجاءت وجهات نظرهم متباينة ومختلفة، بين من رأى في المعرض إضافة نوعية للمشهد الثقافي المغربي وفرصة لاقتناء الكتب ولقاء القراء عبر الأنشطة اليومية وحفلات التوقيع، فيما اعتبر آخرون أن المعرض أصبح فرصة للتسلية وفضاءً لأخد الصور والسلفيات. موسم الكتاب الروائية سلمى الغزاوي، اعتبرت أن معرض الدارالبيضاء الدولي للكتاب فرصة جيدة للتعريف بالإصدارات الجديدة، وكذا للقاء الكتاب بالقراء في إطار حفلات التوقيع و مناقشة الأعمال الإبداعية. وأضافت صاحبة رواية “ذاكرة قاتل” في تصريح لجريدة “العمق” قائلة: “هذا موسم الكِتاب بالمغرب بامتياز، شخصيا من خلال مشاركتي في الدورة السابقة من المعرض، فوجئت بالحضور الكبير للجمهور وإقبالهم على اقتناء الإصدارات الجديدة، إلا أن المأخذ هو أن تنظيم هذا الحدث الثقافي الأبرز لا يرقى بعد إلى انتظاراتنا وتوقعاتنا سواء ككُتّاب أو كقُراء”. وزادت الغزاوي: “أعتقد أن المعرض الدولي للكتاب بالدارالبيضاء كافٍ لانتشار الروايات، لأنه من المستحيل أن يُعَوّل عليه الكتاب والناشرون، أولا لأنه مهما كانت مبيعات حفلات التوقيع مرتفعة، فإنها لا تعوض أبدا الغياب شبه التام للتوزيع هنا في مكتبات المغرب، وثانيا قلة الأنشطة الثقافية على مدار السنة، وعدم تنظيم معارض جهوية لائقة”، وفق تعبيرها. من جانبه، قال الروائي والمترجم عبد المجيد سباطة في حديث ل”العمق”، إن “علاقتي بالكتاب ليست رهينة بالمعرض السنوي وحده، ما دمت مرتبطا بفعل القراءة طوال العام، إلا أنني أنتظر هذا الموعد بفارغ الصبر، لأن معرض الكتاب فرصة ذهبية للتعرف على جديد دور النشر، ومشاكل التوزيع تمنعنا في معظم الأحيان من الحصول على عناوين معينة مغربية وعربية وأجنبية خارج أيام المعرض”. واعتبر صاحب كتاب “ساعة الصفر”، أن المعرض،”حلقة وصل مهمة بيني وبين القراء، أولا الذين ألتقي بهم وأحاورهم وأستمع لكل ملاحظاتهم حول ما أقدمه تأليفا وترجمة، وزملائي المبدعين ثانيا، ممن تجمعني بهم لقاءات ونقاشات لا شك في قدرتها على إغناء رصيدي المعرفي وتعميق تجربتي الأدبية التي مازالت في بدايتها وتحتاج للمزيد من الخبرة والصقل”. إحياء العلاقة مع الكتاب وبخصوص الانتظارات من دور النشر المشاركة، نبه الروائي سباطة الفائز بجائزة الكتاب في صنف السرد سنة 2018، إلى ضعف القدرة الشرائية للمغاربة، والتي لا يمكن مقارنتها بدول أخرى (خليجية على سبيل المثال)، معتبرا أن تخفيضات الأسعار ستساهم في زيادة إقبال القراء على العناوين المنتظرة بما يعود بالنفع على الجميع، على حد قوله. ولفت سباطة إلى أن المغاربة يشتكون أيضا من برود العلاقة بينهم وبين المثقف، ما يجعل الندوات الثقافية والفكرية المقترحة ضمن برنامج المعرض فرصة لكسر هذا الجمود، مضيفا: “أملي أن تقدم هذه اللقاءات المرجو منها، بلغة واضحة واقتراب ملموس من هموم المغاربة الآنية، عوض تكريس تلك القطيعة التي لا تنتج في نهاية المطاف سوى لقاءات فقيرة الشكل والمضمون وبمقاعد معظمها فارغة، وضيوف لا يحاورون سوى أنفسهم”. وأشار المتحدث ذاته، إلى أن “البعض يرى أن أروقة المعرض تمتلئ في معظم الأحيان بزوار لا علاقة لهم بالكتاب، ممن يحجون إلى المكان مدفوعين بأغراض أخرى، وهو ما تحاول بعض المواقع الإخبارية المعلومة تكريسه، قد يكون ذلك صحيحا، لكنني أحتفظ دائما بأمل ولو بسيط في قدرة تظاهرات من هذا النوع على تجديد العهد مع الكتاب”. وقال أيضا: “من بين آلاف الزوار، إذا تمكن المعرض من إعادة إحياء حب القراءة في نفوس المئات أو حتى العشرات منهم، فسيكون ذلك مكسبا حقيقيا للأجيال القادمة التي يحاصرها واقع صعب ومستقبل تدل كل المؤشرات على أنه أكثر صعوبة، ولا أعتقد بأنها ستجد في يدها سلاحا فعالا لمواجهة آثاره سوى هذا الكتاب الذي يواصل صموده رغم كل مغريات التكنولوجيا الحديثة”. التناوب بين الجهات من جهة أخرى، ناشد الناقد والروائي إبراهيم الحجري، الجهات المسؤولة أن تفكر في مبدأ تناوب الجهات على تنظيم المعرض، ضمانا لاستفادة كل المواطنين من هذا الحدث الاستثنائي، مشددا على ضرورة ألا تكون الأنشطة متزامنة لأن ذلك يضعف مستوى الحضور واستفادة الجمهور من كل الفعاليات. وطالب بتقليص عدد الأنشطة مع ضمان مستوى كبير من الدقة في الاختيار، مع إعادة النظر في توقيت البرمجة، وإرجاء المعرض إلى شهر أبريل مثلا، ليتزامن مع فصل الربيع وعطلة الأسدس الثاني حرصا على حضور رجال التعليم، والتلاميذ المعنيين بالدرجة الأولى. وأبرز صاحب كتاب “عبق المدائن العتيقة، عن رحلات إلى الشرق” في تصريح لجريدة “العمق”، أن المكان الذي يخصص للمعرض لم يعد مناسبا لحكم ضيق الحيز، ووجوده في مكان مكتظ ومزدحم يصعب الوصول إليه، حسب قوله. مرآة لمشروع الثقافة على صعيد آخر، قال الروائي المغربي طارق بكاري، إن المعرض الدولي للكتاب “هو مرآة لمشروع وزراة الثقافة في ما يتعلق بالكتاب”، معتبرا أنه أكبر مناسبة ثقافية تعنى بالكاتب والكتاب بالمغرب. صاحب رواية “نوميديا” التي دخلت للقائمة القصيرة لجائزة البوكر سنة 2016، أشاد في حديثه لجريدة “العمق”، ب”المجهود الكبير الذي يبذلهُ المسؤولون كل سنة من أجل إخراج هذا المعرض في أفضل حلة، والحق أنهم ينجحون في ذلك لكن شيئًا ما ينقصُ هذا المعرض على الدوام”. وأضاف بالقول: “أعتقد أن المعرض يفتقرُ إلى الإشهار الكافي، والاقتصار على إشهاره في القنوات العمومية أو الجرائد لن يجديَ نفعًا، والأجدر الترويج لهذا الحدث الكبير في منصات التواصل الاجتماعي”، وفق تعبيره. وبخصوص توقيت المعرض، قال بكاري إنه يتفهم أنّ للوزارة حسابات مختلفة، لكن كانَ الأفضل لو تم يرمجة هذا الحدث الثقافي بالتزامن مع العطلة، فالجميع يعلم أن السواد الأعظم من المنشغلين بالشأن الثقافي هم أساتذة وطلبة لا تسمحُ لهم ظروف عملهم بحضور فعاليات المعرض. وتابع قوله: “وهذا ما يفسر أن الكثير من المحاضرات واللقاءات المبرمجة تستفيدُ منها الكراسي الفارغة، لأن المعرض الدولي ليسَ مجرد مناسبة تجارية لبيع الكتب، والأنشطة الموازية ينبغي أن تمنحُه الحيوية المطلوبة”، على حد قوله. دعم الشباب معرض الدارالبيضاء ليسَ معرض البيضاء والرباط ونواحيهمَا، بل هو معرض كل المغاربة، تعديل تاريخه ودعم الرحلات المدرسية والجامعية إليه وإغناء تجربة المعارض الجهوية وإعادة النظر في برامجه وأنشطتهِ الموازية، كلها أشياء كفيلة ببث الروح في علاقتنا كشعب مع الكتاب، يضيف بكاري. وأشار نفس المتحدث إلى أن المعرض الدولي يجب أن يستهدفَ الشباب، وأن يضع نصبَ عينيه مصلحتهم مع الكتاب، ولو اقتضى ذلك دعم قدرتهم الشرائية، ودعمَ تنقلهم إلى المعرض، لا سيما التلاميذ والطلبة، كما يجدر بالمسؤولين تشبيب برنامج المعرض أيضًا، وفق تعبيره. وزاد قائلا: “عموما، لا أنفي أنّ هناكَ جهودًا كبيرة تبدلُ سنويًا من أجل إنجاح المعرض، وهو أيضًا ناجح قياسًا إلى بعض المعارض العربية التي شاركتُ فيها، لكن، ولأنهُ مرآة بمشروع ثقافي وطني، نطمحُ أن يكونَ المعرض أكثر من مناسبة تجارية”. فسحة للتسلية والصور وعكس الآراء التي أشادت بالمعرض، شنت القاصة نعيمة القضيوي “هجوما شرسا” على المعرض والقائمين عليه، واعتبرته مجرد “فسحة للتسلية وفضاءً لأخذ الصور”. صاحبة المجموعة القصصية “مضاجع ملغومة”، أوضحت في تصريح لجريدة “العمق”، أن المعرض يعرف كل سنة نفس تشكيلة الكتب، “نجد كتب الطبخ والكتب الدينية هي أكثر المعروضات، لأن العارض مجرد تاجر بدوره، أكيد هناك استثناء، لكن الطابع الغالب نفسه يتكرر كل سنة بنفس الارتجالية، مع غياب شبه تام للناشر المثقف الذي يدعم الكتاب ويحرص على ترويجه وإيصاله للقارئ”. القضيوي أضافت بالقول: “يقام في الدارالبيضاء بعد المعرض الدولي للكتاب معرض الكتاب المستعمل، صراحة حضرته مرة أو مرتين، ووجدت نفسي كأني في سوق أسبوعي لإحدى القرى، يقام في ساحة عامة بدرب سلطان وسط ضجيج وأبواق لتجار الأدعية، ناهيك عن أبواق السيارات والحافلات، فكيف ستستمتع بندوة ما أو حتى بشراء كتاب؟”. وخلصت نفس المتحدثة إلى أن “المبدع هو أكبر الضحية، يطبع على حسابه ويوزع بنفسه، لا داعم له، حتى إعلاميا يتكلف بترويج لمؤلفه إن حالفه الحظ وحصل على حفل توقيع، للأسف الشديد حفلات التوقيع تلك مأساة كبرى، تُشعره كأنه متسول ينتظر كريما يجود عليه، أو يتيما في العيد”، وفق تعبيرها. من جانبه، تساءل القاص والروائي مصطفى لغتيري، عن حال وزارة الثقافة في المغرب بمناسبة معرض الكتاب، مختزلا حالة الوزارة في “تهميش الجمعيات الفاعلة طول السنة بأنشطتها وإصداراتها”. صاحب رواية “الأطلسي التائه”، قال في تصريح لجريدة “العمق”، إن أنشطة الوزارة “تحتفي بجمعيات لم نسمع بأسمائها من قبل، فبالأحرى أنشطتها، فضلا عن إقصاء أدباء يغنون المكتبة الوطنية والعربية كل سنة بإصدارات جديدة، مقابل حضور كتاب لم يصدروا كتبا منذ سنوات، هذا إن كانوا قد أصدروا كتبا أصلا”، حسب تعبيره. 1. وسوم 2. الدارالبيضاء 3. السيلفيات 4. الصور 5. الكتب 6. المعرض الدولي للكتاب 7. المغاربة 8. المغرب 9. باحثون 10. روائيون 11. زوار 12. كتاب