لقد ابتلينا في هذا البلد بحزب إسمه العدالة و التنمية رأسماله في المشهد السياسي لحية و سبحة و خطاب سياسي محوره محاربة الفساد في عالم خيالي يتحرك فيه شيوخه كالفارس دون كيشوت يرسمون للناس عالما من نسج خيالهم فيه العفاريت و التماسيح في قالب حكائي يستهزؤون به على العامة و الفقراء و يكونون ضحكاتهم عليهم و يوفرونها لجلساتهم الخاصة و خلواتهم بينما هم أفسد من الفساد نفسه بل و قد تفوقوا في الفساد على من سبقهم في تسيير شؤون هذا البلد، فمنذ ( إستقلال ) البلاد و أبناء ماما فرنسا يقفون على أبواب ثروات البلاد متبثين أقدامهم كمريم بن صالح بارونة الماء، و عزيز أخنوش إمبراطور المحروقات و الفلاحة و الصيد الذي يقتسمه مع آخرين كحسني بن سليمان و القائمة طويلة للأغنياء بالوراثة، و على كل باب حارس منهم كتب " ممنوع الاقتراب أو التصوير ". ولهذا فقد كان لزاما على قياديي حزب المصباح ( الذين لم يشهد معهم المغاربة لا عدالة و لا تنمية ) أن يبحثوا عن موارد أخرى تصفهم في قائمة الطبقة البرجوازية، و لم يطل بحثهم ليعرفوا أن الطريق الوحيد هو جيب المواطن المقهور ليحدثوا فيه ثثقبا يصب مباشرة في جيوبهم بوثيرة مسعورة، ربما لكونهم يعلمون علم اليقين أن كلامهم في السلطة لن يدوم في الغالب لكونهم لا يحضون لا بثقة القصر و لا الحاكمين بأمر البلاد و كذا لكون هوياتهم انكشفت أمام عموم المواطنين، قبل الكذب قصير و قد انقطع مع بلوغ ولايتهم الثانية منتصفها, و لكي تتضح لك الصورة و تنكشف لك حقيقتهم فيكفي أن تأخد مثالا واحدا يغنيك و يبين لك أن همهم الوحيد من كراسي السلطة هو تلك القناة التي تربط جيب المواطن بجيوبهم و لا يهمهم بتاتا إصلاح شؤون البلاد و لا محاربة الفساد الذي اتضح جليا أنهم ركن من أركانه عكس ما يدعون. و سأتطرق هنا أعمدة فاس إدريس الأزمي الذي ابتلينا به في هذه المدينة العريقة و هو الذي خلف قائد حزب الإستقلال السابق حميد شباط ليصلح ما أفسده سلفه حسب ما أعلن في حملته الإنتخابية التي فاز فيها بتصويت عقابي لهذا الأخير، لكن ما إن استقر به المقام على كرسي العمودية جزاءا له على ولائه لبنكيران حتى جمع حقائب عائدا لمدينة الرباط ليكون قريبا من مركز القرار تاركا وراءه من منحوه صوتهم يبحثون عنه ليفي بوعوده إبان الحملة الانتخابية لكن دون جدوى، فهو يسير المدينة عن بعد بالهاتف و منشغل بأمور حزبه الذي ترشح فيه لخلافة بنكيران على رأس الحزب إلا أنه فشل، و هو الآن يبحث عن تتبيث أقدامه بمراكز القرار بمدينة القرار مخلفا وراءه مدينة فاس تتخبط في مشاكل لا حصر لها على جميع المستويات الإقتصادية، الإجتماعية و الأمنية…الخ. هذه المدينة الضاربة جذورها في أعماق التاريخ و التي كانت فيما مضى منارة للعلم و أصبحت اليوم مرتعا الإجرام و المجرمين، المدينة التي كانت معاملها رائدة في تصدير منتجات النسيج و أصبحت اليوم (معاملها) مسكنا للأشباح، المدينة التي عرفت قديما بصناعتها التقليدية كرمز من رموز المدينة و ها هم اليوم سماعها يصارعون الإفلاس و الإغلاق في الوقت الذي يمنح فيه السيد العمدة حق استغلال معرض للصناعة التقليدية بوسط المدينة لجمعية تابعة اجوبه لا علاقة لها بالصناعة أو بالصناع التقليديين، و من جانب آخر فالمدينة تضم جامعة و عدة كليات و معاهد يتخرج منها سنويا الآلاف في غياب تام لأي مناصب شغل أو خلق أقطاب صناعية أو استثمارات تمتص هذه الكفاءات والمدينة تسجل أرقاما صادمة للبطالة، ليطرح السؤال أين تصرف ميزانية تسيير مدينة فاس ؟ و للإشارة فالأزمي صرح إبان فوزه في الانتخابات التشريعية الماضية أن الأمر " لا يتعلق بالموارد المالية، و إنما بالحكامة الجيدة…." مما يعني أن الموارد الكافية متوفرة و هاهو يعطينا تعريفا عصريا الحكامة عن بعد بواسطة الهاتف، و الحقيقة أن الحديث سيطول إذا أردنا الإلمام بالحديث عن كل مهازل التسيير الاي يبدع فيها السيد العمدة كمثال عن فساد قياديي حزب المصباح المظلم الذي أظلم حياة المغاربة بدل أن يضيئها، إلا أنني اقتصرت على بعض الجوانب التي تبدو كافية لإجلاء الحقيقة.