شيئا فشيئا بدأت ملامح الإنتقال الديمقراطي بالمغرب تتضح معالمه ، وتعطي شارة الإنتصار، رغما عن أنوف الراقصين على دمامل الحق ، باسم الإنقلاب الشرعي .... واتضح أن هناك سياسة واضحة لتفتيت الأحزاب الوطنية ، والتلاعب بأخرى ، من بينها حزب الإستقلال ، الذي صار منبوذا ، بعد أن تلاعبوا به كيفما شاءوا و افتضوا بكارته ، و الذي خرج من رحم الحركة الوطنية التي كافحت من أجل استقلال المغرب ، والوقوف أمام المستعمر الفرنسي والإسباني ، و كذا استكمال الوحدة الترابية ، ووقف شامخا برئاسة علال الفاسي ، الذي راكم تجارب واعدة في صناعة القرار بالمغرب ..... كما استخدم حزب السنبلة ورقة ، لتمرير كل المغالطات البئيسة ، و حمل نعوش 7 أكتوبر ، الى مقبرة الإنهيار .... لقد قضى الزمن نحبه ، ومضى مع عبد الكريم الخطيب ، و علال الفاسي ، و عبد الرحيم بوعبيد وغيرهم ، حين كان للسياسة طعم ، ولم تكن تجمعهم سوى مصلحة الوطن ، فعدوهم واحد هو الأجنبي .... أما وقد انفطر دور الأحزاب السياسية ، من تأطير المواطنين و تمثيلهم في مراكز القرار ، و التدافع من أجل المساهمة في بناء الوطن ، إلى معارك هامشية تخالف ماجاء في الظهير الشريف ، و الدستور .... فاقرأ السلام .... لكن رب ضارة نافعة ..... الوقوف أمام البلوكاج ، والصمود أمام الأخطبوط المعادي ، و المتكهنين بخارطة طريق أخرى ، هو بحد ذاته انتصار .... الإستمرار في مسلسل الإصلاحات الهيكلية ضمن حكومة تصريف الأعمال ، و الثباث على البرامج التعاقدية ، التي صوت عليها البرلمان ، وطالب بها الشعب رغم البلبلة ، هو انتصار .... إسقاط الأقنعة المدججة بالشعارات الزائفة ( مصلحة الوطن .... ) هو انتصار فوق الإنتصار .... اللذين ينادون بمصلحة الوطن ، ويضعون ( العصا في الرويضة ) أو ما يصطلح عليه الحجر في العقبة ، ألم تهمهم تلك الإتفاقيات التجارية المعلقة ، التي كانت تنتظر أن تزف إلى عريسها ، أم هو طلاق إتفاقي بين أصحاب الرساميل و الساسة المحنكين في بلادنا ، لتكريس مقولة أن تجربة ما يسمونه الإسلاميين أو الظلاميين ،هي التي أعقرت مدارج النهضة! ألم يكن المغرب سباقا للعودة للإتحاد الإيفريقي ، وهو المطالب أن يتواجد بقوة في المنطقة ! كيف كان يمكن تمرير مشاريع القوانين و المصادقة عليها ، بدون حكومة و فرق برلمانية ! أين كانت وطنية المنادين بحب الوطن ! هل كان الحل الوحيد هو انتخاب رئيس جديد للبرلمان ، وتسريع المصادقة على مشروع القانون ، بغض النظر عن الرئيس أو المرؤوس ! أم أن من لم يحالفهم الحظ في الكعكعة ، لابد أن يلتهموا منها قطعتهم ، لأنهم تعودوا ذلك وقد ذبلت ورودهم وفقد عذريتها .... هذا إن كانت عذراء أصلا ..... أيمكن أن تكون أطراف خارجية تضخ النار في أرضنا ، دون أن نشعر ! ولم قامت القيامة ولم تقعد ، حين اصطفت الضمائر بعد صحوتها مع اختيار الشعب ، و مع الحزب الأول التي تصدر معركة انتخابية ، حمي وطيسها و اشتد واستعملت فيها كل الأساليب الوحشية ، لخسف النزاهة و الديمقراطية ! ما يمكن أن نستخلصه هو أن تكون بنكيرانيا ، فأنت محط الأنظار وشوكة في حلقومهم ... أن تكون بنكيرانيا يعني أن يدك نظيفة من الأدران ، يعني أنك عقبة أمام مختلسي الأموال وناهبي العباد والبلاد ، يعني أنك كابوس يهدد أوكار الفساد ولو أن أوكاره مدللة ... و أن تمارس السياسة يعني أن ورائك آلاف الرادارات ترصد هفواتك، و زنازن تنتظر قدومك الكريم ، لذا انشطر مع رفقائك البعيدين ، الذين يحاربون من أجل قطعة الخبز ، وكمم فاهك مثلما كمموا أو كممت أفواههم .... و .... المشهد السياسي يا سادة ، تتعاقب عليه كل الفصول في فصل واحد .... فإذا كان الهدف من هاته العاصفة ، هو إعادة الإنتخابات فلتكن .... لأن المقاطعين لم تعد تروقهم مقاطعتهم ، وقد أيقنوا أن ورقة التصويت تلك يمكن أن تغير الشيء الكثير ، و تنذر التحكم بالورقة الحمراء ، و حتى اللذين صوتوا زادوا تشبثا بالخيار الديمقراطي ورغبتهم في أن لا تهدر أصواتهم ، تفوق التصور هل يمكن أن نقول أن تمكين حزب المصباح من مرحلة 2011 ، ما هو إلا امتصاص لغضب الشارع ! و اليوم بعد 5 سنوات لم تعد حاجتنا به ، ووجب استئصاله بعدما تم تعليف العقول ( بطرف الخبز و الإستقرار ) ! .... لقد فضحت دكاكين السياسيين و ظهر الجناة ، وبعد اعتقادنا أن التحكم من جهة واحدة صرنا على قناعة بأنه بركان ، ينتظر الفرصة السانحة ليتوغل أكثر ، و فيروس يسري في الجسد المريض ، وحتى المعافى .... هي ولادة عسيرة إذن تنتظر الفرج ، من رحم الشعب كانت ، و من صناديق 7 أكتوبر عنونت بعنوان عريض ( الحكومة تخرج شيئا فشيئا من خندق العدم ) .... من بين الصخور الملتهبة و شظايا اللافا المتطايرة ... تخرج ... من كل الدسائس والإنصهارات .... من وسط الزوابع ... تخرج ... من كل هذا والذي نعتبره من العدم ، لأنه لن يؤثر على المبادئ التي آمنا بها نحن كمواطنين .... و خدمة الوطن والصالح العام التي ظلت ترافق 5 سنوات ، في ظل إرهاصات وأشياء أخرى ..... الحكومة تخرج شيئا فشيئا من خندق العدم ، و تبدد كل سحابة قاتمة وماهاذه المنعرجات إلا نافعة ، لإزالة الألغام ، والأشواك المتبقية في الطريق ، وكشف المتلونين ....