اعتبر طلبة وخريجو المدرسة الوطنية للصحة العمومية أن قرار وزارة الصحة فتح المجال للخريجين من الفئات الغير طبية بتقلد مناصب ومسؤوليات إدارية ظلت لسنوات حكرا على فئات الأطباء، رافق تنزيله "ارتباك واضح" وشكل "إحراجا كبيرا" للوزارة. وأوضح المنسق الوطني لطلبة وخريجي المدرسة الوطنية للصحة العمومية، أن قرار الوزارة وضعها أيضا في تناقض صارخ بين ضرورة استثمار كفاءات الخريجين لسد الخصاص في مراكز المسؤوليات وبين وقوعها في التمييز بين حاملي دبلوم المدرسة الوطنية في مسالة التعويض عن التخصص الشيء الذي أجج غضب واستياء الخريجين من الفئات الغير طبية نظرا لحرمانهم و إقصاءهم من هذا التعويض. "تمييز وتناقض" وقال المتحدث ذاته، إن وزارة الصحة "ظلت تتكتم على هذا التمييز والتناقض لأسباب غير منطقية وغير دستورية سابقة غريبة وخطيرة في المدارس العليا الوطنية، علما أن الولوج لهذه المدرسة يتمّ عبر انتقاء ومباراة تفتح في وجه موظفي وزارة الصحة على اختلاف فئاتهم بشروط محددة، ويخضعون لنفس الاختبار، ثم يدرسون نفس الوحدات ويتلقون نفس التكوين ويجتازون نفس الامتحانات ويتوج تكوينهم بنيل نفس دبلوم التخصص في الصحة العمومية والتدبير الصحي". إلا أن فئات الأطباء والصيادلة وجراحي الأسنان، يضيف النقابي المذكور، "يخول لها هذا الدبلوم – مباشرة بعد التكوين- الاستفادة من تعويض عن التخصص بينما تستثنى باقي الفئات الأخرى من ممرضين ومتصرفين ومهندسين ومساعدين طبيين بحجج لا يستسيغها العقل ولا المنطق مما يعتبر إهانة وظلم في حق هاته الفئات وانتقاصا لدبلوم المدرسة وتمييز صارخ وازدواجية ممقوتة وجب وضع حدّ لها". وأشار أن "هذه الفئات المقصية من التعويض عن التخصص وجدت نفسها ملزمة عقب هذا التكوين بقبول تقلد مناصب للمسؤولية في جهات وأقاليم بعيدة، دون الاستفادة من أي تحفيز أو تحسين لوضعها المادي كقيمة للتراكم المعرفي الذي يلخصه دبلوم المؤسسة المحصل عليه أسوة بباقي زملاءهم، أو ما يوازي جسامة المسؤوليات المطلوبة من هذه الأطر". "وضع شاذ" ومن جهة أخرى، اعتبر المنسق الوطني لطلبة وخريجي المدرسة الوطنية للصحة العمومية "هذا التناقض والتمييز بين حاملي نفس الدبلوم الذي يعتبر وضعا شاذا، دفع مؤخرا بهذه الفئات المقصية من الحق في التعويض عن التخصص، طلبة وخريجين، للتكتل في تنسيقية وطنية للدفاع عن قضيتهم والترافع من أجلها، ودعوة الوزارة الوصية والأطراف الحكومية المعنية إلى تصحيح الوضع وإنصافهم في قضية تعتبر عادلة بحكم منافاة الوضع الحالي لروح ومنطوق الدستور وللمبادئ الكونية الخاصة بالمساواة والعدالة وللتشريعات الوطنية المتعلقة بالوظيفة العمومية". وأكد أن اللجنة التي تمثل هذه الهيئة راسلت في وقت سابق وزير الصحة الحالي بعد تنصيبه، لاطلاعه على الملف قصد اتخاذ إجراءات عاجلة في الموضوع، لكنها لم تتلق أي رد لحدود الساعة، مضيفا أن هناك تخوفا من أن "تستمر وزارة الصحة في اللامبالاة والتغاضي عن الموضوع والاستمرار في تجاهل معاناة الخريجين، ونهج سياسة الكيل بمكيالين وتعميق الإحباط لدى هذه النخبة من خيرة الأطر والمسؤولين خريجي هذه المدرسة الذين يحملون عبء المنظومة الصحية ويواجهون بتضحية كبيرة وتفان المتطلبات الصحية المتزايدة للمواطنين في ظل شح الموارد البشرية والمادية". رد فعل أولى ردود فعل هاته الفئات الغاضبة على عدم تفاعل الوزارة الوصية كان من خلال وقفة إنذارية وتحسيسية عرفتها ساحة المدرسة الوطنية للصحة العمومية بالرباط يوم الخميس الماضي 03 ماي 2018 حضرها عدد من الطلبة والخريجين من الفئات "المقصية" وقد شارك في الوقفة أطباء و صيادلة كتعبير منهم على مشروعية و عدل مطلب زملاءهم. وحمل المشاركون شارات تتضمن عبارة: "لا للتمييز و الإقصاء، التعويض للجميع" في إشارة ل"الحيف" الذي طالهم، كما رفعت عدة شعارات طالب فيها المشاركون الجهات المختصة بالتعجيل بتسوية الملف و إنصاف المظلومين. واستغرب المحتجون من جدوى الاستمرار في هذا التكوين المكلف ماديا، ومعنويا على حساب الظروف الصحية والعائلية، إذا كان نفس الدبلوم يخول لزملائهم الأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان تعويضا عن التخصص بينما ستجد باقي الفئات نفسها مضطرة للالتحاق بتعيينات جديدة غالبا ما تعصف بحياتهم العائلية دون أدنى تحفيز مادي أو تعويض يذكر، وقد سبق لبعض الناجحين في مباراة الولوج الانقطاع وعدم الالتحاق بالدراسة وجعل الباقون يفكرون جديا في مغادرة هذا التكوين المجحف بكل المقاييس".