بعد حملة الاعتقالات الضخمة، التي قامت بها السلطات السعودية، ضد أكاديميين وكتاب ومفكرين ورجال دين، اتسعت دائرة الاعتقالات لتشمل أيضاً أمراء ومسؤولين سعوديين، هذه المرة من باب سريان عمل لجنة مكافحة الفساد، التي كلف ولي العهد قبل ساعات، بتشكيلها، بناء على أمر ملكي. وقد أصدر العاهل السعودي، سلمان بن عبد العزيز، مساء السبت، أوامر ملكية، تقضي بعزل وزير الحرس الوطني، ونجل الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، متعب بن عبدالله آل سعود، كما أمر الملك سلمان بتأسيس لجنة عليا لمكافحة الفساد، برئاسة ولي العهد محمد بن سلمان، وعضوية رئيس هيئة الرقابة والتحقيق، ورئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد. وبعد ساعات من تشكيلها، اعتقلت السلطات تبعاً لتعاليم اللجنة، كلاً من وزير الحرس الوطني السابق متعب بن عبدالعزيز، بتهمة الفساد في صفقات السلاح أثناء توليه الحقيبة الوزارية، كما أوقفت الأمير تركي بن ناصر بن عبدالعزيز آل سعود، نائب قائد القوات الجوية الملكية السابق، والذي يعد أحد المتورطين الرئيسيين في صفقة الأسلحة بين بريطانيا والسعودية، والشهيرة إعلامياً باسم صفقة اليمامة. كما أوقفت رجل الأعمال الوليد بن طلال آل سعود، ومالك مجموعة قنوات (أم بي سي) بتهمة غسيل الأموال، وخال الأمير المعتقل عبدالعزيز بن فهد، الشيخ الوليد بن إبراهيم بتهمة الفساد، وخالد التويجري رئيس الديوان الملكي السابق في عهد الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، بتهم تتعلق بالفساد وأخذ الرشاوى. كما شملت التوقيفات، أمير الرياض السابق تركي بن عبدالله، بتهمة الفساد في مشروع قطار الرياض، ورئيس الخطوط الجوية السعودية السابق، خالد الملحم، بالتهم ذاتها، ورجل الأعمال والمقاول الشهير بكر بن لادن، بسبب الفساد في بناء الحرم المكي، ورجل الأعمال صالح كامل واثنان من أبنائه. وأوقفت أيضاً وزير الاقتصاد السابق عادل فقيه بتهمة التورط في حادثة سيولجدة وقضايا الفساد المتعلقة فيها، كذلك عمرو الدباغ محافظ هيئة الاستثمار ورجل الأعمال المسؤول عن مشاريع المدن الاقتصادية. إلى ذلك، أفاد إعلاميون مقربون من ولي العهد محمد بن سلمان، بأن عدد المعتقلين من الأمراء وصل إلى 11، بالإضافة إلى 38 رجل أعمال، وأن العدد مرشح للازدياد في أي لحظة. ويرى المراقبون أن خطوات بن سلمان الأخيرة تهدف إلى أمرين، الأول هو تجريد الأمراء المعارضين له وعلى رأسهم متعب بن عبدالعزيز من منصبه كرئيس للحرس الوطني. ويعد متعب العقبة الأخيرة في طريق تنصيبه ملكاً للبلاد، بعد عزل بن سلمان لولي العهد محمد بن نايف من منصبه وإعفائه من وزارة الداخلية أيضاً. كما جرّد ابن سلمان أمراء آل سعود من أصحاب الملايين، وعلى رأسهم تركي بن ناصر، والوليد بن طلال من ثرواتهم، هم وشركاءهم من التجار المحليين، خوفاً من أي خطوات قد يتخذونها مستقبلاً، خصوصاً وأن الكثير منهم يعترض على سيطرته المطلقة والتامة على المناصب في الدولة، ويخشى من دخول المستثمر الأجنبي الذي يحاول بن سلمان دعوته للاستثمار في المدن الجديدة. أما الأمر الثاني، فهو محاولة ولي العهد كسب رصيد شعبي، ضد عدد من المستشارين والوزراء الذين تورطوا في قضايا فساد في الفترات السابقة، حيث فٌتحت القضايا التي تخص صفقة اليمامة التي حدثت في تسعينيات القرن الماضي. كما فتحت ملفات المدينة الاقتصادية والتي تورط فيها رجل الأعمال عمرو الدباغ، وكذلك فتحت ملفات الرشاوى التي قدمت لمستشار الديوان الملكي خالد التويجري، والذي قدّم ككبش فداء بسبب علاقته الوثيقة مع وزير الحرس الوطني، المعزول متعب بن عبدالله. وقال معارض سعودي بارز يعيش في بريطانيا لموقع "العربي الجديد"، إن "حملة الاعتقالات ستستمر حتى يخضع آخر رجل من أسرة آل سعود لحكم بن سلمان، ويعترف به كملك للبلاد، خصوصاً وأن المعتقلين وعلى رأسهم الوليد بن طلال سيجردون من كافة أموالهم".