مما لا شك فيه أن الساحة السياسية المغربية عرفت تحولا خطيرا من جميع الجوانب وخاصة أنها فقدت مصداقيتها عند المواطن المغربي الذي استفاق أخيرا من سباته. ويرجع هذا التحول إلى مجموعة من التراكمات التي أفقدت المواطن وخاصة الشباب إيمانهم بالحس السياسي الذي أصبح يشكل خطرا على حياتهم الإجتماعية، لاسيما وأن السياسين المغاربة يفتقدون إلى النزاهة والشفافية ويجعلون من السياسة مجالا لكسب الثروة والسلطة عوض خدمة الوطن والمواطن. لذا لم يعد الشباب يفرقون بين الصالح والطالح خاصة وأن جل الأحزاب السياسية فقدت صورتها المشرقة عند المغاربة. فكل الأحزاب ترفع شعارات رنانة وتضع برامج انتخابية تبدو واقعية، لكن للأسف عند وصولها إلى الكراسي تنسى واجباتها إتجاه المواطن الذي صوت لصالحها وتضرب مصلحة الوطن والشعب عرض الحائط. فالسياسة بالمغرب فقدت دورها ومفهومها التاريخي لتصبح وسيلة للإنتفاع والتحكم بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة لأن الغاية تبرر الوسيلة. لكن المواطن المغربي استفاق اليوم وبدأ يعرف حيل ومكر وأكاذيب السياسيين. خاصة الشباب الذين عبروا وما يزالون يعبرون عن غضبهم على جميع مواقع التواصل الإجتماعي منددين بجميع السياسات اللامسؤولة للحكومة ولباقي الأحزاب والتي توحي بمستقبل غير مشرف للمغرب. ويرجع عزوف الشباب عن التصويت لعدة أسباب منها : إقصاءه من المشهد السياسي خاصة وأن هذا المشهد يحتكره أبناء وعائلات وأصدقاء الوزراء والأمناء العامون وأصحاب السلطة. اضافة إلى غياب برامج انتخابية واقعية تخدم الشباب وإرتفاع نسبة الهشاشة والفقر والبطالة وتقليص نسبة التشغيل. ناهيك عن تردي مستوى التعليم والصحة وخلق الحكومة لمشاريع فاشلة لتكوين أطر عليا معطلة وتشريدها في الشارع. بالإضافة إلى إستمرار الأحزاب السياسية في نهب ميزانيات خيالية لتمويل مشاريع وهمية وتمويل حملات إنتخابية لا تصلح لشيئ. فالشباب المغاربة كطبقة مثقفة ترى في الانتخابات سوق ريع وبيع وشراء ولا علاقة له بالواقع السياسي المتعارف عليه عند الدول المتقدمة. ولذا فهي ترى في مقاطعة الانتخابات ضرورة لفضح تجار الدين والوطن والتعبير عن السخط الشعبي. فما فائدة التصويت اذا كانت كل الاحزاب السياسية متشابهة ولها نفس التوجع السياسي وخاصة البحث عن السلطة والثروة على ظهر المواطن الفقير الذي يفتقد الى أبسط الحقوق في العيش الكريم والكرامة. مافائدة التصويت اذا كان نفس المشهد يتكرر مرارا وتكرارا ليعشش الفساد في جميع المؤسسات الحكومية وغير الحكومية. ما فائدة التصويت ان لم تساهم السياسة في تقدم هذا البلد الذي يتذيل اخر المراتب في كل المجالات على المستوى العالمي خاصة على مستوى الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية. الى اين يسير المغرب ....حتما الى الهاوية ! ان المغرب بحاجة الى اعادة هيكلة كل قواعده السياسية لتصبح في مستوى تطلعات المغاربة. فالسياسة بدون روح وطنية وبدون النزاهة والشفافية لا تصلح لشيئ وهي خطر يهدد امن واستقرار كل المواطنين وخاصة مستقبل الشباب المعلق في المجهول..