قصة الأستاذ الذي منحته الجامعة 28000 دولار، و أنفقت عليه الوزارة عبارة "يتعذر تلبية طلبكم نظراً للخصاص في أطر هيئة التدريس" !! أعترف بدايةً أنني وجدت صعوبة في اختيار عنوان مناسب لهذه التدوينة (المقال)، لسبب بسيط هو إمكانية كتابتها بأكثر من أسلوب، و معالجة محورها من أكثر من زاوية. لكن على سبيل العبور لصلب الموضوع، دعوني أنطلق من هنا: في أجواء أولمبياد ريو البرازيلية و أوسمة عيد الشباب، المحتفل بهما قبل أيام، وهما مناسبتان مقرونتان بصورة المغرب الدولية و بالرؤية الملكية المُؤسسَة على قيمة الاحتفاء بالتميز و تكريم الجد و المثابرة التي يعود نفعها على المجتمع ككل، تأبى الأقدار إلا أن أعيش الصيف على وقع تجربة مرة و محبطة للعزائم، و تشهد وقائعها و تفاصيلها على سياسة مناقضة و معاكسة تماما لطموحات قائد البلاد و للمتنورين من هذا الشعبي الأبي. جوهر الموضوع : إذا كان أمر إلتحاق الطالب بأحد مسالك الماجستير بالجامعات المغربية يكلفه أحيانا مبلغا مهما من "الحلاوة !!" والكثير من التدخلات و ليس قليلا من "لحيس الكابة"، فإن طالبا مغربيا يدعى "ع.ع" استطاع أن يحضى بالقبول في ماجستير، تخصص علاقات دولية، بمدرسة متخصصة في السياسة العامة و التدبير، مع منحة استحقاق بلغت قيمتها 28600 دولار أمريكي، أي ما يناهز 28 مليون ستنتيم مغربية. أصل الفكرة و المشروع يعود إلى مارس 2015 حينما حضي طلب تسجيلي بواحدة من أرقى و أعرق الجامعات الأمريكية بالقبول، مع منحة استحقاق بلغت حينها 23000 دولار، تغطي نسبة 50% من مصاريف الدراسة، كما عززت الجامعة قبولها لي برسالة تزكية من لدن نائبة عميد الجامعة تطالب فيها "من يهمهم الأمر " بتقديم كافة التسهيلات للطالب عبد الله عزوزي، مؤكدة على أن قبوله في برنامج " التعايش و الصراع" هو في حد ذاته إنجاز شخصي هائل، وشهادة على قدراته كطالب و كقيادي محتمل في حل الصراعات مستقبلا. إنني ألتمس منكم، باحترام، أن تعطوا السيد عبد الله عزوزي الاعتبار الكامل من أجل أية منح دراسية ممكنة، و أشجعكم على الاتصال بي في حال ما إذا كانت لديكم أسئلة متعلقة بالبرنامج أو بقبوله في جامعتنا"... حاولت أن أبقي على الأمر كشأن أسري خاص، و اكتفيت بإخبار بعض الأصدقاء المقربين جداً بمضمونه في يونيو من نفس السنة (2015)، و باشرت ترتيبات الالتحاق بالجامعة معتمدا في ذلك على إمكانياتي الفردية، وكان أول شيء بدأت به هو طلب موجه عبر السلم الإداري للسيد وزير التربية الوطنية و التكوين المهني أطلب فيه الترخيص، لكن كوني لم أتوصل بأي رد، كيفما كان من لدن الوزارة المعنية، جعلني أضيع موعد الالتحاق بالجامعة و المحدد في 20 غشت من كل سنة. وكان من ضمن الترتيبات التي اتخذتها و أنا أنتظر رد الوزارة (( مارس—يوليوز 2015)) هي تفويض كل صلاحياتي كمسؤول سياسي محلي لنائبي، وتدبير أمر إيجاد مرشح لانتخابات 04 شتنبر بمسقط رأسي بالدائرة الإنتخابية رقم 05 بجماعة أورتزاغ و التي رفض كل من تَمَّ الإتصال بهم دُخولَ غمارها. لكن في النهاية وبعدما لم أتوصل بأي قرار وزاري ملأت الفراغ الذي كان سيحصل بالدائرة الانتخابية و بدأت الحملة على وقع شرخ في حلمٍ ظل معلقا للسنة القادمة، و في جعبتي/ رصيدي منحة من جامعة دولية تصنف ضمن أجود العشر الجامعات الأولى في أمريكا؛ جامعة ذات استقطاب دولي في سلك و شعبة معروفتين بالنخبوية و العالمية. رغم هذا فَضَّلَ الناخبون (الضحايا) أن يختاروا ممثلا آخر لهم بالمجلس القروي. لكن ذلك لم يضرني في شيء، وإنما اعتبرته تجربةً بعدما أقدمت عليه انطلاقا من توجهي النضالي و بناءً على قناعتي التي ترى في الفراغ عَدُواً للإنسان، و أن الحياة مدرسة و الاحتكاكُ بالواقع سقلٌ لشخصية الفرد و شحذٌ للعزيمته. في مارس 2016، جَدَّدَتْ لي الجامعة رسالة القبول و رفعت منحتها لي من 23000 إلى 28600 دولار، كما حينت رسالة السند و التزكية. بالمقابل واصلت من جهتي طلب الحصول على الدعم، فبدأت بتجديد طلبي للوزارة في شأن الترخيص و الدعم وآزرت طلبي برسالة القبول لدى الجامعة المعنية و برسالة الدعم و التزكية المتضمنة لقيمة منحة الإستحقاق؛ وبالموازاة مع ذلك قمت بمراسلةِ عددٍ من المؤسسات المالية والمدنية الوطنية ((طالبا للدعمها و رالرعاية/ Sponsorship))، لكنها، للأسف،لم تُكلِّف نفسها ، لحدود كتابة هذا البوح، حتى عناء رَقْنِ ردٍّ إداري، كما هو منصوص على ذلك في القانون المغربي !! تجربة هذه السنة (2016/2017) قاربتُها بنَفَس جديد و مُغاير. فعلى عكس عادتي التي تربيت عليها و التي كنت أعول فيها على مجهوداتي الشخصية بشكل حصري، حاولت هذه المرة أن أستشير مع أطر توسمت فيها خيراً و قدرة على تحقيق مشروع اعتبرته من الوهلة الأولى تكريما لي و لبلدي و لكافة المغاربة، خاصة أبناء إقليمتاونات، لكونه له علاقة و طيدة بصورة المغرب في المنتديات الأكاديمية و الفكرية، و أنه سيسمح لي بغرس العلم الوطني المغربي برحاب الجامعة و كذا أثناء حفل التخرج كما هو جاري به العمل بأمريكا، و استغلال 18 شهرا -- مدة الدراسة و التكوين -- في الذود عن عنفوان وطن إسمه المغرب و المرافعة على صورته و مصالحه بلسان أنجليزي فصيح. لكي أخوض في التفاصيل اليومية و أنا أسعى وراء ذلك الحلم، يلزمني الكثير من الوقت، و سأسقط، لا محالة، في السرد الممل. لكن، و باختصار شديد، اكتشفت و أنا أسير على الطريق هذا المشروع العلمي و الحلم الأكاديمي، طبائع الناس و مكنوناتهم و دهاليز الإدارة و نظرتها التدبيرية. و أغرب موقف تعرضت إليه هو قول أحدهم محذرا " أنصحك بغلق هذا الملف.. فقد تفشل فيه.. لا أحد سيؤمن بمثل ما تؤمن به.. وقد تجد نفسك في أزمة نفسية.. وانهيار تام.. !! ". بالمقابل، لا زال في المغرب رجال أبرار و أمناء على مستقبل هذه الأرض المعطاء... وبتوصلي برد مصلحة الموارد البشرية بوزارة التربية الوطنية يوم 27 يوليوز المنصرم، و القاضي بعدم الترخيص لي للتفرغ لمشروعي العلمي السالف الذكر، "نظراً للخصاص في أطر هيئة التدريس"، حسب نص المراسلة، تكون وزارة التربية الوطنية قد وأدت طموح أحد أطرها و أحد أبناء هذا البلد التواقين للمساهمة في خدمة الوطن من مواقع أخرى أكثر تأثيرا و مردودية، بعد 19 سنة أمضيتها في تدريس الأنجليزية الابتدائية ليافعين تتراوح أعمارهم بين 15 و 20 سنة. فهل يعقل أن تمنحني الولاياتالمتحدةالأمريكية ،التي تربطها بالمملكة المغربية علاقةُ تأثيرٍ و تأثر قارةٍ و ثابتة، منحة تقترب من 29 ألف دولار، رغم أنني لست أحد مواطنيها و لا واحداً من دافعي ضرائبها، ويحرمني وطني من حقٍّ دستوري و طبيعي ، رغم أمرين مُهمين: الأول أنني أضخ ضرائبا في عدة صنادق لفائدة الدولة المغربية منذ التحاقي بالتعليم في شتنبر 1997،و الثاني كون انتقائي كطالب مغربي في جامعة دولية ليست في متناول أيٍّ كان هو حضور للشخصية المغربي و تمثيلا لكل المغاربة الذين يشرفون بلدهم أحسن تشريف؟ ** أستاذ اللغة الأنجليزية بالتعليم الثانوي التأهيلي، ناشط سياسي و إعلامي، خريج برامج التبادل الأمريكية (US Exchange Programs Alumnus/SUSI/2013)