يعدون على الأصابع أولئك الشباب – شباب الفن – الذين يعرفون كيف يقلبون هذه المعادلة بمتناقضين مختلفين اختلاف الأرض عن السماء ،ثم يحافظون على نتيجتها ، وما الشاب جدوان ببعيد عن ذلك،فهو رقم حاضر في هذه العملية الحسابية و بقوة ، فبعدما كان رائد الأغنية الشعبية في زمانه يشار إليه بالبنان، ويفرش له السجاد الأحمر لإقامة السهرات ،فسطع نجمه هنا و هناك، و تفاوض معه أصحاب المنصات بالملايين لإحياء الحفلات، و شرعت له أبواب الاذاعات والقنوات ،ثم تحين لحظة العمر، و يغدق الله عليه بأكبر نعمة ويصطفيه لزيارة مكة الحبيبة في عمرة تاريخية قلبت حياته رأسا على عقب ،حيث رأى في المنام رسول الله(ص) وهو يرشده إلى تسوية الصف، ففهم الرجل تأويل الرؤيا ،والحر تكفيه الإشارة ،فتنازل عن حياة البهرجة والصخب و الاغتناء المشبوه مقابل توبة قادته إلى حفظ كتاب الله بعد حرص واصرار شديدين. مناسبة هذا الكلام أن الشيخ جدوان كما يلقبونه حاليا زارنا في بحر الأسبوع االمنصرم هنا في بلجيكا بمعية مجموعة من القراء العالميين في جولة خيرية لفائدة جوعى الصومال ، والحقيقة أنهم أسروا قلوبنا وملكوا عقولنا بأصواتهم كما أتحفنا شيخنا التائب بمدائح رائعة في نهاية الأمسية حيث توارى عن الأنظار تاركا المنصة لإ خوته القراء،و ظل طول الوقت منعزلا في مقصورة جانبية متاحشيا أضواء المصورين و كأني به يعرف حق المعرفة أن الشهرة في هذا الحقل تختلف تماما عن الشهرة هناك. أمثال الشاب جدوان و الشاب رزقي يستحقون أن يكرموا و يحتفى بهم أيما احتفاء ،لكننا عوض أن نثمن هذه الشهامة نعمد إلى عزلهم وإصدار أحكام غير منصفة في حقهم ،وتنصرف قنواتنا الإعلامية إلى تصنيفهم في خانة المغضوب عليهم فتوصد الأبواب في وجوههم تماما كبائعة الهوى تدني من تشاء فتقضي منه حاجتها ثم تلقي به في الدرج القديم حتى موعد جرعة أخرى . أخيرا من هنا نبعث للشيخ جدوان بتحية تقدير و احترام و شكر على المدائح التي أتحفنا بها و أن يعمل جاهدا في هذا المجال لاستمالة رفقاء الدرب القد يم فالخير فيهم كبير وأملنا فيك أيها الفارس أن تقتحم عليهم ميدانهم و تدعوهم بالحسنى لعلك تضيف حلقة إلى حلقتك فتصبح عقدا ذهبيا تزين به صحيفتك يوم اللقاء واعلم أن توبة واحد من هؤلاء تعدل عند ربي الكثير و الكثير. صور تذكارية مع الشيخ جدوان