غزة: 11 قتيلاً بينهم أطفال جراء البرد والفيضانات مع اجتياح منخفض قطبي للقطاع في ظل القصف والحصار    فيضانات عارمة تتسبب في عمليات إجلاء بالولايات المتحدة وكندا    اختيارات الركراكي تظفر بالمساندة    فاعلون يثمنون آفاق المشروع التنموي للحكم الذاتي في الصحراء المغربية    النيابة العامة تطلق دليلا وطنيا للتحري في ادعاءات التعذيب    عامل إقليم العرائش ريترأس اجتماع للجنة الإقليمية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية    تساقطات ثلجية وأمطار قوية أحيانا رعدية من غد الجمعة إلى الأحد المقبل    ابتدائية صفرو تؤجل النظر في ملف Pause Flow    أمريكا تطلق تأشيرة ترامب الذهبية للأثرياء    توقيع الاتفاقية الرسمية لخطة تسريع التكوين المهني الخاص : حدث تاريخي يؤسس لمرحلة جديدة في القطاع    تعاون عربي واسع في إصدار أغنية "روقان" للنجم المغربي محمد الرفاعي    مدينة الحسيمة تستعد لاحتضان الملتقى الجهوي للإعلام والتراث ببرمجة متنوعة    جلالة الملك يعزي الرئيس الإندونيسي في ضحايا الفيضانات المدمرة    البنك الإفريقي للتنمية يمنح المغرب 150 مليون أورو لتعزيز التنمية الترابية    بايتاس: نجاح تجربة جهة طنجة يُعمم المجموعات الصحية الترابية في المغرب    مصابو "فاجعة فاس" يُلازمون المشفى.. والتحقيقات تنذر بسقوط مسؤولين    تساقطات مطرية مهمة بعدة مدن مغربية    الحسيمة.. الجنايات الاستئنافية تؤيد الأحكام الصادرة في حق ستة قاصرين على خلفية أحداث إمزورن    السكتيوي عن احتمال مقابلة الجزائر في المباراة القادمة: "كل المباريات صعبة وكلما تقدمنا زادت الصعوبات أكثر"    الركراكي يكشف لائحة " الأسود" لكأس إفريقيا 2025 .. بحثا عن التتويج الثاني من قلب المغرب    المنتخب المغربي يتأهل إلى نصف نهائي كأس العرب على حساب سوريا    كأس العرب لكرة القدم.. المنتخب المغربي يتأهل إلى دور النصف عقب فوزه على نظيره السوري ( 1-0)    حركة "جيل زد" تلتمس من مندوبية السجون تقريب المعتقلين من عائلاتهم وضمان مواصلة تعليمهم    بمبادرة صينية.. المغرب ينضم إلى الدول المؤسسة لمجموعة "أصدقاء الحوكمة العالمية"    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الانخفاض    بطولة فرنسا.. نانت يعيّن المغربي القنطاري مدربا في مهمة محفوفة بالمخاطر    تلك البراري    هكذا يكبُر الخَوف    الإمارات تعزّي المغرب في "فاجعة فاس"        تصنيف "فيفا" للسيدات.. المغرب يحتل المركز 66 عالميا والخامس إفريقيا    الدار البيضاء.. معرض "خمسون" يحتفي بأعمال 50 فنانا    منظمة الصحة العالمية تؤكد عدم وجود صلة بين تلقي اللقاحات والإصابة بالتوحد    إسرائيل تتمسك بنزع سلاح حماس غداة اقتراح الحركة "تجميده" مقابل هدنة طويلة الأمد في غزة    أطر التدبير الإداري بالوزارة تصعّد وتطالب بإنصاف مالي وتعويض عن المخاطر    انطلاق فعاليات الدورة الرابعة عشرة للجامعة السينمائية بمكناس    تتويج الذهبي بجائزة "الأثر الإنساني"    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    النفط يتجه لمزيد من الارتفاع وسط قلق بشأن الإمدادات        تقرير: السياسات الفلاحية بالمغرب تستنزف الماء وتهمل الأمن الغذائي وتهمش الفلاحين الصغار    هذا الزوال بقطر: ربع نهائي ملغوم بين المغرب وسوريا..    بمناسبة اليوم العالمي للتطوع..المغرب يكرّم المبادرات المحلية والوطنية ومغاربة العالم    جامعة "الأخوين" تدعم التحول الرقمي        تراجع استخدام اليافعين الألمان لمنصات التواصل الاجتماعي خلال 2025        غزة.. تنظيم حملة "شتاء دافئ" لفائدة نازحين فلسطينيين بتمويل مغربي    مارسيل خليفة يوجه رسالة شكر إلى المغرب والمغاربة    "ميتا" تمنح مستخدمي "إنستغرام" أدوات تحكم جديدة مدعومة بالذكاء الاصطناعي    حوار مع شاب مصاب بالهيموفيليا: رحلة معاناة لا تعترف بها القوانين    ضعف حاسة الشم قد يكون مؤشرا مبكرا على أمراض خطيرة    دراسة تكشف فوائد الذهاب للنوم في التوقيت نفسه كل ليلة    علاج تجريبي يزفّ بشرى لمرضى سرطان الدم    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التخطيط الحضري ورهان التنمية المجالية
نشر في العمق المغربي يوم 15 - 06 - 2016

يعرف التخطيط الحضري كونه أسلوب للتفكير بالمستقبل و ظروفه ، فهو عبارة عن مجموعة من الدراسات التي تهدف إلى فهم واقع المدينة بكل تمظهراته ، بما يكفل تحقيق الأهداف المقررة مستقبلا ، لأن المدينة ليست كيانا ماديا يتكون من مباني و مرافق و طرق فقط ، بل هي إلى جانب كل ذلك كيان إجتماعي و ثقافي يشمل مؤسسات إجتماعية و ثقافية ، إذن فالتخطيط الحضري هو أهم إستراتيجية يتبناها صناع القرار لتوجيه البنيات الحضرية و ضبط توسعها و تحسين جودة الحياة بها قصد توزيع أفضل للأنشطة و الخدمات و تحقيق أقصى الفوائد للساكنة.
فدور المدينة أساسي لضمان التوازنات الاجتماعية والاقتصادية , لأن التحضر السريع غيرالمحكم والتضخم السكاني ، الذي عرفته المدن في النصف الأخير من القرن العشرين جر معه العديد من الرواسب السلبية،التيتتطلب تخطيطا معقلنا وشاملا لإعادة تنظيمها و لمعالجة مختلف الإختلالات التي تعاني منهاوذلك بتهيئتها لمختلف الاستعمالات السكنية والصناعية والمرافق العمومية الضرورية بالمدينة، كما أن غياب تصور واضح للمدينة المغربية، وضعف التخطيط الحضري،يعتبر من بين العواملالتي لم تمكن المجال الحضري من تبوء المكانة اللائقة به ، بل جعلته يتخبط في مجموعة من المظاهر العشوائية التي تسيء للمنظر العام للمدن و تخل بالدور الأساسي المنوط بها ، حيث ساهم التخطيط الحضري في إعادة التوازن لتوزيع التجهيزات والأنشطة داخل المدينة، وهم بالأساس ضبط توسع الأحياء ومنع الاستعمال العشوائي للأراضي ، وبالتالي فإن التخطيط الحضري يعتبر خطوة مهمة وضرورية لأي سياسة تنموية تهدف إلى تحقيق الرفاهية للإنسان ليس فقط عن طريق تشييد المباني وتخطيط أحياء الخدمات ، بل بإقامة البيئات السكنية الملائمة صحيا,إجتماعيا وإقتصاديا و بيئيا...
ومن أجل ذلك وضعت الدولة المغربية مجموعة من الوثائق لتقوم بهذا الدور تعرف بوثائق التعميرو التهيئة ( التصميم التوجيهي للتهيئة العمرانية - تصميم التهيئة - تصميم التنطيق .... ) ، لكن الإشكال الحقيقي الذي تعيشه المدن بالمغرب هو الفوضى الكبيرة في مجال التخطيط الحضري و التعمير حيث نجد كل مدينة لها تصميمها الخاص إنطلاقا من هندسة الواقع التي تفرض نفسها على الجميع ، فيكون المشرع و المنتخب و الإدارة بين مطرقة القانون و سندان الواقع و التوازنات الإجتماعية حيث يتيه الجميع بين واقع التخطيط الحضري و متطلبات التنمية ، في وضعية شاذة لا يمكن تخطيها إلا بتطبيق القانون وفق مقدار معين لينحواالجميع منحى التنمية المنشودة ،التي تتطلب مجهودا مضاعفا من جميع مكونات المجتمع التي تربطها علاقة بالمجال ، لأن الخاسر الأكبر من هذه الوضعية هو البلد و هو التوازن البيئي ، و بصفة عامة فهي أجيال المستقبل التي لن تجد غير الإسمنت المسلح أينما تولي وجهها في مستقبل الزمان.
وأمام هذا الواقع الذي يقوم التخطيط الحضري فيه على أسس سياسية، و ليس على أسس التهيئة، فإنه يصبح "أداة تهدئة قبل أن يكون أداة تهيئة" و أن التخطيط الحضري يتم داخل الحدود الإدارية، و ليسفي إطار تصورإستراتيجي للمدن، أو في مناطق الإنتاج وهذا يتجلى في الأولوية التي تحظى بها الاحياء الادارية و"الإهمال شبه التام لمجالات الإنتاج كالأحياء الصناعية ".كما أنه لا يجب أن تنحصر أدوارالتخطيط الحضري فقط في تحديد إستعمالات الأرض، و تحديد إتجاهات التوسع العمراني، بل أن يجعل منه أداة لتأهيل المدينة، من أجل تحقيق الأهداف المرجوة منه، المتمثلة في الرفع من إنتاجية و تنافسية المدينة، و تثمين الإمتيازات الترابية التي توفرها، ثم تحسين الوضع البيئي الذي من دونه لن تكون هناك أية جودة لحياة الساكنة ، وإصلاح الإختلالات التي تساهم في إضعاف جاذبية المدينة ، وتدعيم "التآزر" بين المجالاتالمكونة لها .
سأصوغ هنا مثالا حيا يجسد الإرتباط الحقيقي بين التنمية المجالية و التخطيط الحضري ، فالمنطقة الشمالية لسيدي البرنوصيالمحاذية للطريق الحضري السريع ،كانت عبارة عن ملعب ممتد سمي آنذاك '' بالجماعة'' قرب شارع أحمد أهراس و مرتبط بشريط أخضر غير مرتب يمتد لغاية تراب مقاطعة عين السبع ، و كانت تلك المنطقة مهملة و لا يستفاد إلا من ملعبها الذي تستغله الأندية الكروية بسيدي البرنوصي مع ضياع كبير للوعاء العقاري النادر بمنطقة سيدي البرنوصي، هنا فطن صناع القرار بعمالة مقاطعات سيدي البرنوصي و مقاطعة سيدي البرنوصي بضرورة الإستفادة القصوى من المساحة المتوفرة حيث تمت إعادة تهيئة و تقسيم الفضاء المتوفر بشق طرق جديدة خلقت متنفسا للسير و الجولان بسيدي البرنوصي و خلقت مدخلا جديدا للحي يستجيب لمتطلبات حركة السير المتزايدة يوما عن يوم ، بالإضافة لهذا فقد ثم بناء مسجدو خلق فضاء تجاري للقرب بجواره، إستفاد منه الباعة الجائلون بسيدي البرنوصي بالإضافة لخلق فضاء ''ماكلتي'' خاص بالأكل السريعة في إبداع فريد بتحويل أصحاب عربات الأكل السريعة من العشوائية للتنظيم و من الشتات للمراقبة و التتبع الصحي ، و كل هذا في قالب إيكولوجي ممتاز يتيح للساكنة إمكانية التنزه و الإستفادة من المساحات الخضراء المجاورة ، فقيمة هذا المشروع المتكامل تتجلى أولا في إعادة تقسيم الفضاء العام و الإستفادة القصوى من وعاءه العقاري ، و ثانيا في خلق بديل واقعي لحل مشكل الباعة الجائلين بسيدي البرنوصي ، و ثالثا خلق تنمية مستدامة و فرص شغل قارة لفئات كثيرة من الساكنة إستفادت من المشاريع المحدثة.
فمن هذا المثال الحي نرى أن التغيير بمدننا ممكن و الحلول موجودة و متاحة، ينبغي فقط أن تكون للفاعلين في التنمية والمجال الإرادة والعزم على محو الصورة السوداء التي يتسم بها مجال بعض مدننا ، فبمثل هذه المشاريع الطموحة و المتكاملة، و التي تتطلب توفر الكفايات الضرورية لبلورة مشاريع حضرية ترقى من خلالها المدينة إلى مستوى المشروع الحضري الإندماجي و المتكامل الأبعاد الذي يوفر الحلول الملائمة والمستديمة لإشكاليات التخطيط والتدبير الحضريين ومتابعة بناء تكتلات ذات قدرة تنافسية، وتأهيل مجالاتنا عبر تنمية محكمة التخطيط ومستديمة توافق بين الحداثة والإرتقاء بالهوية الوطنية وبالخصوصيات الجهوية والمحلية.
نائب رئيس لجنة التعمير والبيئة بمقاطعة سيدي البرنوصي / باحث سلك الماستر في التهيئة الحضرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.