أثار مهاجمُ المنتخب الفرنسي كريم بنزيما الجدل باتهامه للمدرب ديديه ديشان بالخضوع لضغط ما اسماه ب "جزء من فرنسا العنصرية" بعدما قرر إبعاده عن تشكيلة المنتخب الفرنسي الذي سيخوض منافساتِ كأس الأمم الأوربية في فرنسا. موجة من الانتقادات السياسية والرياضية أثارها كريم بنزيما مهاجم ريال مدريد بعد تفسيره لخروجه من تشكيلة منتخب فرنسا، مستضيفة بطولة أوروبا لكرة القدم (يورو 2016)، بسبب أصوله الجزائرية. ونُشرت تصريحات بنزيما على صفحات جريدة رياضية إسبانية. وعُرف اللاعب المتوج أخيرا بلقب دوري أبطال أوروبا كشخص إشكالي في السنوات الماضية وكذلك بتورطه في عدد من القضايا القضائية المثيرة للجدل. فبالإضافة إلى فضيحة الشريط الجنسي الأخير، المتهم فيها بالتواطؤ لابتزاز زميله ماليا، والتي استبعد عن المنتخب بسببها، كان بنزيما في وسط فضيحة زاهية دهار الجنسية قبل تبرئته، كما تم الاستماع إليه في مارس في قضية تبييض أموال. وتأتي هذه الزوبعة من التعليقات في وقت حساس عقب الاعتداءات الإرهابية التي زلزلت المجتمع الفرنسي والجدل حول الهجرة واندماج المسلمين في فرنسا. وللمنتخب الفرنسي لكرة القدم رمزية خاصة حيث كان ينظر إليه كأحد نماذج التكامل والاندماج بين مختلف مكونات المجتمع الفرنسي رغم تعدده العرقي والديني. إجماع على إدانة بنزيما ويخضع بنزيما للتحقيق في مؤامرة ابتزاز مزعومة وهو ما دفع مانويل فالس رئيس وزراء فرنسا للقول إن مهاجم ريال مدريد غير لائق للمشاركة مع المنتخب الوطني. كما وصف وزير الرياضة الفرنسي باتريك كانر ما قاله المهاجم ب "غير المقبول". فيما رد بنزيما وقال إن مشاكله القانونية استخدمت كذريعة لاستبعاده من المنتخب. واستطرد نجم ريال مدريد قائلا "استسلم ديشان للجانب العنصري في فرنسا. لا أعلم هل هو قراره فقط أم لا، لأن علاقتي جيدة معه وكذلك رئيس الاتحاد الفرنسي (نويل لوغريت) والجميع". بيد أن لوغريت أكد أن ديشان لم يكن مع أو ضد بنزيما وسبق له اختيار اللاعب في فترات سابقة رغم ظهوره بشكل متوسط. وتضم تشكيلة فرنسا لاعبين من أصول مختلفة إذ استدعى ديشان مثلا عادل رامي صاحب الأصول المغربية. وأجمعت معظم ردود الفعل على أن تصريحات بنزيما ما هي إلا محاولة للتهرب من المسؤولية بتقديم نفسه كضحية للتمييز العنصري، بل هناك من اتهمه بالدخول في لعبة تنظيم "داعش" الإرهابي. وبهذا الصدد قال رئيس نادي تولون الفرنسي للركبي مراد بو جلال "لا أعتقد أنه قاسَ خطورة تصريحاته، خصوصا أنها قد تكون إلهاما لمجندي داعش". وأضاف بو جلال، الجزائري الأصل، "بالنسبة للشبان الفقراء، سيصبح مثالا لبعض المجندين الذين سيقولون لهم: انظر، حتى لو كنت الأفضل في رياضتك، مثل بنزيما، لن تتم دعوتك إلى المنتخب الفرنسي". من جهتها قالت وزيرة العمل مريم الخمري ذات الأصول المغربية "أعتقد أن هذا الجدل غير عادل وغير مجد". وفي نفس السياق أكد تييري برايار وزير الرياضة الفرنسي أن تعليقات بنزيما "غير مبررة وغير مقبولة". موضحا أن "المنتخب الفرنسي يتم اختياره وفقا للمعايير الفنية والكفاءة. لا يوجد ذرة عنصرية في هذا الاتحاد. حان الوقت للوقوف إلى جوار فريقنا." فيما أكد طارق رمضان، المفكر الإسلامي المثير للجدل وحفيد مؤسس جماعة الإخوان حسن البنا، من جهته أن غياب بنزيما عن المنتخب الأزرق ليس تمييزا عنصريا: "هناك حالة وحقيقة وأمور منسوبة إليه". "كان على سلوكه أن يكون جيدا"ذ وأدان عالم كرة القدم الفرنسي في غالبيته وبشدة تصريحات بنزيما على منوال بطل العالم 1998 ليليان تورام، والذي يرأس مؤسسة للتعليم ضد العنصرية "العنصرية موجودة في المجتمع الفرنسي، كان يمكن لبنزيما القيام بالكثير، وكان رائعا أن يحمل شارة القائد في المنتخب، لكن كان يجب أن يكون سلوكه جيدا". وذهب زميله السابق ايمانويل بوتي في نفس الاتجاه وقال "أعتقد أنه ثأر صغير من كريم. يحاول تعميق الهوة بينه وبين الرأي العام الفرنسي. أن تكون في المنتخب الفرنسي يعني أنك سفير. يجب تحمل مسؤولية الأخطاء أيضا. عندما تتكرر مشكلاتك القضائية يجب أن تنظر إلى نفسك". وسجل بنزيما 27 هدفا في 81 مباراة دولية مع منتخب فرنسا، ورغم نجاحه مع ريال مدريد فقد وجد صعوبة كبيرة في تكرار نفس النجاح مع منتخب بلاده. ومن الأصوات القليلة المؤيدة للدوافع العنصرية في إقصاء بنزيما، هناك إيريك كانتونا لاعب فرنسا السابق الذي اتهم ديشان بشكل مباشر باستبعاد بنزيما وحاتم بن عرفة بسبب أصولهما الأجنبية. وقال محامي ديشان إنه ينوي إقامة دعوى قضائية ضد كانتونا بتهمة القذف. وهناك منافسة شرسة بين هذا الثنائي منذ حمل ديشان شارة قيادة فرنسا بدلا من كانتونا في منتصف تسعينات القرن الماضي وقاد بلاده مع زين الدين زيدان، مدرب ريال مدريد الحالي، للفوز بكأس العالم 1998 وبطولة أوروبا 2000.