في رد الدكتور محمد عابد الجابري على سؤال وجهه إليه كل من حسن نجمي عن جريدة الإتحاد الإشتراكي وعلي أنوزلا عن مجلة المجلة في حوار أجرياه معه ونشر ضمن سلسلة مواقف في عددها التاسع والعشرون. السؤال: عند انتقالك من الحقل النظري إلى ماهو ذاتي كيف عشت سؤال الكتابة؟ يجيب الكبير عابد الجابري: عشته كما كتبت نقد العقل العربي وغيره مما كتبت، إن عقلي يشتغل بمنطقه الخاص فعندما أكتب في الفلسفة تتحرك فيه ميكانيزمات خاصة هي التي تحكم عمله، وعلى كل حال فالكتابة بالنسبة إلي ليست سؤالا محرجاً وليست خصومة مع النفس. انتهى كلام الجابري، أما أنا فأضيف وليست خصومة مع أحد عدا جماعات المكر والخديعة. إن الإلتباس الحاصل في ممارسات العصابة الإرهابية يجعلني وإصرارهم على اقتراف الجريمة والحيثيات التي اعتورت استشهاد الشهيد، أكتفي بالكتابة وأؤسس لبراديغم جديد عما قد يبدو لي إضافة نوعية أو إسهاماً مباشرا يساهم في بناء فعل نضالي واع ومسؤول، سأشير هنا إلى حدث عرفته الساحة الوطنية وبالإشارة يفهم اللبيب، في الذكرى الخمسون لإختطاف المهدي ابن بركة خرج علينا الزعيم الإتحادي عبد الرحمان اليوسفي نريد قبرا للشهيد أو بالأحرى جنازة أخيرة، فهل أصبح مسعى هذا الزعيم الإتحادي أن يكون للشهيد قبر وفقط؟ و هي العبارة التي كررها زميل المهدي وأخر من ودعه وهو ينوي الرحيل من مصر إلى فرنسا أقصد الأخضر الإبراهيمي، ألم ينتبه زعيم الإتحادين وصديق المتقفين إلى أنه يمحوا تاريخ المجد بكامله؟ أنسي الزعيم الإتحاد عبد الرحمان اليوسفي تاريخ الرجل وأنه كان أصغر الموقعين على وثيقة المطالبة بالإستقلال في الحادي عشر يناير 1944 إلى جانب عبد الرحيم بوعبيد؟ أم أن الزعيم المناضل عبد الرحمان اليوسفي تناسى كيف تم التضيق على المهدي ابن بركة وثم عزله بمعتقل أغبالوا إمكردوس؟ ألم يستمع زعيم الإتحادين لكلمة الأديب حسن أوريد حين نعيه للمهدي ابن بركة متسائلا من يكون هذا الرجل الذي ملئ شغاف نفوسنا؟ ألم يكن يذكرنا أننا أحفاد ابن رشد وابن خلدون؟ ألم يكن يحذرنا من زيغ توظيف الدين لنرتبط بتلك الهامات التي نفاخر بها الأمم، والتي لم تتنكر لوجدانها ومقومات حضارتها وزاوجت بين الإيمان والعقل ؟ ألم يكن يريدنا حاملين لمشعل يستنير بنور العقل ويمتح من خصبة تربتنا وعمق تاريخنا وخصوصية بلدنا؟ مضيفا أن المعاركة الحالية تخاض بالفكر وتكسب بالوعي وتعبأ بالتنظيم المحكم. بين هذا وذاك في الذكرى الثانية لإغتيال الشهيد نستحضر بمرارة الشهيد والألم يعتصرنا جراء فراق أليم من طرف كيان ماكر خداع لم يسهم أبدا في تقديم إضافة نوعية للجامعة والطلاب، فقد قلت في الرسالة الأولى أن هذه الطحالب التي عمرة في الجامعات طويلا لم تستطع يوماً أن تلبي مطالب رفاقها من الماركسين من أجل بلورة نقاش هادئ ومسؤول، بل ظلوا دائما يوجهون سهاما كلها حقد وضغينة. ثمت حقيقة لا يمكن أن ننكرها أن هذه الورقة المتياسرة التي لا تعرف غير العنف وسيلة في مجابهة الخصوم وردع المخالفين، اعترضت سبيل المثقفين وأبناء مدرسة حسناوي رغبة في الانتقام، و معه تطفوا تساؤلات عريضة؟ ماذا لو تم تنظيم الندوة ولم يمت عبد الرحيم؟ ألم يكن إنسانا عاديا يشتغل في صمت؟ أليس من الجبن إزهاق روح عبد الرحيم؟ ألم يكن في أدهانكم أن لدينا عدد كبير من عباد الرحمان؟ فبين نصل المنجل ومقبضه كل وافد جديد على الجامعة تطفوا على خلده تساؤلات واستفهامات تكنة عسكرية مدججة بالسيوف والسواطير تصول و تجول و تعترض المارة و تعتدي على المسؤولين الجامعين، أعلام حمراء يتوسطها منجل ومطرقة، تنتهك حرمة الطلاب في غياب تام لرقابة الدولة على المرفق العمومي، أيها العسكر المرحلي ليس العبرة بكم هي العقوبة الحبسية لكن من أطر وأثر ومعه وجب ضرورة الخوض في بنية هذا التنظيم. فما قد تعنيه لنا الذكرى الثانية لإغتيال الشهيد في زمن يتأرجح فيه الوسط الطلابي بين مدٍ إرهابي وتيارات معتبرة تعتبر الإختلاف وسيلة إسهام حقيقي في تطوير الفضاء الجامعي، هو تطهير الجامعة من كل مظاهر العنف والجماعات الإرهابية فتلك فاس حيث ازهقت روح الشهيد ما تزال هاته العصابة تصول وتجول، ففي انتظار جرأت إعلانكم عن حلفائكم الإستراتجيتين سأظل وفيا لخط الشهيد ومتمسكا بكونكم عصابة إرهابية بدعم سياسي بئيس.