انطلقت صباح اليوم الجمعة بمقر مؤسسة أرشيف المغرب بالرباط سلسلة فعاليات فكرية واحتفالية بمناسبة اليوم الوطني للأرشيف (30 نونبر)،والذكرى المائوية للحرب العالمية الأولى(1914-2014)، تتقاطع جلها عند إبراز دور الأرشيف في صيانة الذاكرة. وتندرج هذه الفعاليات في إطار برنامج من ثلاث محطات، تبدأ بالرباط لتنتهي في باريس عام 2016، مرورا بتونس عام 2015، حيث تتمحور حول أرشيفات الحرب العالمية الأولى، تزامنا مع تخليد مائوية هذا الحدث الكبير . وتحتفي المحطة المغربية بهذا الحدث من خلال معرض تحت عنوان " أرشيفات محجوزة " يكشف عن محتوى ثمين يرجع تاريخه الى أكثر من قرن، ويتعلق أساسا بمعطيات تاريخية جديدة حول الوجود الألماني في المغرب، وهي عبارة عن رصيد متنوع من الوثائق التي تضم سجلات ومراسلات تجارية وظهائر وعقود ومذكرات شخصية، إضافة الى مجموعة من الخرائط والصور. ويميط هذا المعرض اللثام عن أبعاد الصراع الألماني الفرنسي حول الامتيازات الدبلوماسية والاقتصادية بالمملكة في حقبة الحرب العظمى. وتشير ورقة تقديمية للسياق التاريخي الى أن " فرنسا استغلت الحرب العالمية الأولى لضرب مصالح ألمانيا الاقتصادية والسياسية على أرض المغرب، من خلال إصدار مجموعة من الظهائر بهدف حجز ممتلكات الألمان وحلفائهم ومحمييهم ومخالطيهم من المغاربة، وتجميد نشاط شركاتهم. كما عملت على شل الدبلوماسية الألمانية في المغرب بإغلاق مفوضيتها بطنجة وقنصلياتها بمختلف المدن، متمكنة بذلك من محو كل حضور ألماني ونمساوي- مجري، وإزاحة منافس حقيقي ظل يقض مضجعها لوقت طويل بالمغرب". وخلفت عملية الحجز هاته رصيدا مهما من الوثائق يقدم المعرض نماذج فريدة منها. وموازاة مع ذلك، تناولت مائدة مستديرة أدارها مدير أرشيف المغرب، جامع بيضا، موضوع "الأرشيفيون: أي دور¿ وأية وضعية قانونية¿". واستعرضت الجلسة التي شارك فيها مختصون من المغرب وتونس وفرنسا أهمية المهام التي يضطلع بها الأرشيفي في حفظ الذاكرة ومعالجة المعلومة. واعتبر المتدخلون أن الأمر يتعلق بمهنة شديدة الارتباط بالمستقبل وان اشتغلت على الماضي، إذ تقوم بتثمين التراكم المسجل عبر الحقب بما يتيح نجاعة أكبر في صناعة القرار وقراءة مسار الأحداث وفرز وتصنيف المعلومات. وتتواصل الجلسات الفكرية على مدى يومين، متمحورة حول المصادر الأرشيفية في ارتباطها بالحرب العظمى، بالمغرب وفرنسا وتونس. وعلى هامش الملتقى، وقعت مؤسسة أرشيف المغرب اتفاقيات للتعاون والشراكة مع مؤسسات مماثلة بغرض تأطير التعاون وتبادل المحتويات الأرشيفية ووفود الأطر والباحثين. وهكذا تم التوقيع على اتفاقيات مع الأرشيف الوطني لتونس ومعهد الدراسات الافريقية بالرباط ومؤسسة (ذاكرة للمستقبل). كما أعلن مدير أرشيف المغرب عن التوقيع على إعلان للنوايا يمكن المؤسسة من الحصول على هبة من الكنيسة الإنجيلية بالمغرب عبارة عن رصيد وثائقي هام يغطي فترة تمتد الى 1874. ويمهد هذا الاعلان لبدء عملية تجميع وجرد رصيد الكنيسة الانجيلية في أفق تفويته الى مؤسسة أرشيف المغرب.