كنت على متن سيارة أجرة متجها نحو الحسيمة من فاس ،كانت الصمت يتجول بيننا نحن الركاب الستة، حتى نطق شخص أنيق المظهر ،واضح أنه مثقف لأنه كان يحمل جريدة ،قلت أنه نطق وقال:" واش فخباركم، زراعة الكيف ستصبح قانونية ،وأن القانون لن يمنع الكتاميين من المتاجرة فيه.." لم يكتفي بهذا بل أكمل مغالاطاته الكثيرة التي تفاعل معها الركاب الذي يوجد بينهم كتاميين اثنين وكانت البسمة بادية على محياهما و أحدهما يسأل "واش بصح أوليدي؟؟". واضح أن صاحبنا المثقف قرأ في الجريدة التي يحملها خبر تقدم حزبي الاستقلال و الأصالة والمعاصرة بمشروع قانون للبرلمان يتعلق بتقنين القنب الهندي مع إمكانية استعماله لأغراض طبية و صناعية ..ومنه محاولة تقليص حجم الخطر الذي يلحق المواطنين من جراء تعاطي الحشيش، فالتقنين يعني مباشرة منع تحويل الكيف إلى حشيش.. إن مشروع القانون هذا لعب على أوراق أساسية أولها أن الناس بالريف مرتبطين وجدانيا بالكيف ولا يتصورون أبدا حياتهم دون هذه الزراعة التي تمتد لما يزيد عن 13 قرنا ،حيث يتواجد بالمنطقة الشمالية حوالي 800 ألف مزارع ،ومعلوم أن هذه المنطقة تحقق ثاني أعلى نسبة تصويت في الانتخابات الجماعية والتشريعية بالمغرب(67%) بعد الصحراء (فوق 80%)..إذن فبالتفكير في الأمر سنجد أن هذه الرقعة من المغرب تشكل ثروة انتخابية..أغرت حزبي الاستقلال والأصالة والمعاصرة الذي دائما ما يكتسح الانتخابات بمنطق الريف خاصة..وكلنا نتذكر خطاب زعيم هذا الحزب بفندق تدغين الفخم وسط كتامة حينما قال للسكان المحليين:" ازرعوا ولا تخافوا..اذهبوا فأنتم الطلقاء.." فحدث ما حدث وتزعم الحزب الانتخابات الجماعية بعدما مرت بضعة أشهر فقط على تأسيسه. والآن يحاولون تكرار نفس السيناريو تحت مسمى تقنين الكيف، مع العلم أن الحملة التي يقودها الحزبان تقصد عقول البسطاء من المزارعين، محاولين استغلال سذاجتهم و خداعهم بأن التقنين في صالحهم وصالح مستقبلهم و أمنهم..والعكس هو الصحيح تماما. فالتقنين لم يغني الفقير بل سيزيد الفقير فقرا و الغني غنا !!لأنه في حالة التقنين ستكون الدولة هي المشرفة على عملية الإنتاج والبيع لشركات مختصة في تصنيعه وتحويله إلى مواد طبية .؟إضافة إلى كون المساحة الزراعية بالمنطقة الشمالية غير كافية وعليه سيتم توسيع مجال الزراعة ليشمل مناطق أخرى كالشاوية ورديغة التي تقدم سكانها بالتماس للسماح لهم بزراعة هذه النبتة..الأمر الذي يقلص ثمنها إلى ما دون المتوسط.. الكتاميين وكل المزارعين أن يعلموا أن مشروع قانون تقنين القنب الهندي هو مجرد محاولة حزبية لاكتساح الانتخابات الجماعية القادمة ولا يقصد أبدا مصلحة الساكنة والبسطاء..و يعلموا أن التقنين لا يعني السماح لهم بان يتاجروا في القنب الهندي(الكيف والحشيش)بكل حرية ودون أن يتم توقيفهم أو متابعتهم قانونيا وكأنهم يتاجرون في القمح أو الزيتون