يشكل الاحتفال بالذكرى ال35 لاسترجاع إقليم وادي الذهب مناسبة لإبراز صفحة مجيدة من تاريخ المملكة وتأكيد الروابط المتينة بين قبائل وادي الذهب والعرش العلوي المجيد كتعبير على تعبئتهم الدائمة لاستكمال الوحدة الترابية. وكانت العودة التاريخية لهذا الجزء الغالي من التراب المغربي للوطن الأم ثمرة كفاح طويل خاضه المغرب لعدة عقود من أجل استكمال استقلاله ووحدته الترابية، كفاح تميز منذ 23 نونبر 1957 بثورة قبائل آيت باعمران ضد الاستعمار التي أسفرت عن استرجاع مدينة طرفاية ثم سيدي إفني سنة 1969 وأجزاء أخرى من الصحراء المغربية بفضل المسيرة الخضراء المضفرة سنة 1975. وبعد أربع سنوات، وفي يوم 14 غشت 1979، توافد سكان وادي الذهب، بنخبها وأعيانها وعلمائها وممثلي مختلف القبائل، إلى عاصمة المملكة لتجديد وتأكيد بيعتهم لأمير المؤمنين جلالة المغفور له الحسن الثاني، معبرين عن تعلقهم بأهداب العرش العلوي المجيد. وبهذه الروح الوطنية، برهن سكان وادي الذهب على أنهم لن يتنازلوا عن هويتهم المغربية مؤكدين للعالم بأسره أن الصحراء كانت مغربية وستبقى دائما كذلك، رغم مناورات الخصوم. وفي الرابع من مارس 1980، توجه جلالة المغفور له للقاء سكان وادي الذهب في إطار زيارة رسمية لمدينة الداخلة بمناسبة عيد العرش، رسخت الوحدة الوطنية، وتجددت أواصر الوفاء والولاء بين العرش العلوي المجيد وأبناء هذه الربوع من تراب المملكة. ودخلت المنطقة، منذ ذلك الحين، في مجهود يروم وضع قطار التنمية على السكة الصحيحة وإدماجها في المجهود الوطني للتنمية الشاملة وسط تعبئة وطنية شاملة للدفاع، بحكمة وتبصر، عن مشروعية حقوق المغرب على أقاليمه الجنوبية، وصيانة هذه الحقوق الراسخة والذود عنها ومواجهة كل المناورات والدسائس التي تحاول عبثا المس بالوحدة الترابية للمملكة. وفي هذا الصدد، جدد جلالة الملك محمد السادس، في خطاب العرش لسنة 2014، تأكيد المكانة المحورية لقضية الصحراء باعتبارها أولوية الأولويات لدى المغاربة، داعيا إلى اليقظة والتعبئة منت أجل استباق مناورات أعداء الوطن. وأكد جلالة الملك "وفي هذا الإطار، نجدد الدعوة لمواصلة اليقظة والتعبئة الجماعية، واتخاذ المبادرات اللازمة، لاستباق مناورات الخصوم، فلا مجال للانتظار أو التواكل، ولردود الفعل". وأعلن جلالة الملك في هذا الخطاب عن قرب إقامة الجهوية المتقدمة بمختلف مناطق المملكة، وفي مقدمتها الأقاليم الجنوبية، لإتاحة تدبير ديمقراطي من قبل سكان المنطقة لشؤونهم المحلية في إطار المغرب الموحد. وقال جلالة الملك في هذا السياق "إننا مقبلون على إقامة الجهوية المتقدمة بمختلف مناطق المملكة، وفي مقدمتها أقاليمنا الجنوبية، بما تتيحه من احترام للخصوصيات الجهوية، ومن تدبير ديمقراطي من قبل سكان المنطقة لشؤونهم المحلية في إطار المغرب الموحد للجهات." مجددا تشبث المملكة بمبادرتها بتخويل أقاليمها الجنوبية حكما ذاتيا في إطار السيادة المغربية . وأضاف جلالته "كما نؤكد التزامنا بمبادرتنا بتخويل أقاليمنا الجنوبية حكما ذاتيا، وهي المبادرة التي أكد مجلس الأمن مرة أخرى، في قراره الأخير، جديتها ومصداقيتها"، مجددا التأكيد على عزم المغرب مواصلة أوراش التنمية في الأقاليم الجنوبية. وأوضح جلالة الملك في هذا الصدد " إننا لن نرهن مستقبل المنطقة، بل سنواصل أوراش التنمية والتحديث بها، وخاصة من خلال المضي قدما في تفعيل النموذج التنموي لأقاليمنا الجنوبية، بما يقوم عليه من مقاربة تشاركية، وحكامة جيدة، ومن برامج متكاملة ومتعددة الأبعاد، كفيلة بتحقيق التنمية المندمجة". وهذا النموذج الجديد للتنمية الاقتصادية والاجتماعية بالأقاليم الجنوبية في إطار منهجية تشاركية ومندمجة يطمح لأن يكون نموذجا من الجيل الحديث تتم بلورته من طرف سكان هذه الأقاليم ومن أجلهم ويهدف إلى الوقوف على الاختلالات والحفاظ على المكاسب واقتراح بدائل واقعية وقابلة للاستمرار من أجل الساكنة المحلية للأقاليم الجنوبية . ومن حق إقليم وادي الذهب اليوم أن يفخر بأنه شهد قفزة نوعية في مجال الاقتصاد والتعمير والحقل الاجتماعي بالنظر إلى أنه أصبح يعد من بين أقطاب الاستثمارات الوطنية منها والأجنبية وخصوصا في مجالات الصيد البحري والتجهيز والفلاحة والسياحة. وسيظل الاحتفال بذكرى استرجاع إقليم وادي الذهب دائما مناسبة لاستحضار القيم الوطنية التي كانت أساسا لملاحم المغرب و استنهاض الشعور بالمواطنة والتعبئة من أجل الحفاظ على وحدة المملكة والسير قدما في مسلسل البناء والتنمية في مختلف المجالات.