أخبارنا المغربية أكد رئيس الحكومة السيد عبد الإله ابن كيران، اليوم الثلاثاء بالرباط، أن مراجعة النظام الأساسي للوظيفة العمومية يعد "مسارا طبيعيا" لتأهيل وتحديث الإدارة المغربية. وأوضح السيد ابن كيران، خلال الجلسة الافتتاحية للجمع العام للمجلس الأعلى للوظيفة العمومية، أن هذه المراجعة تعد "مسارا طبيعيا"، في حياة الإدارة الوطنية التي تم إحداثها منذ نحو ستين سنة، مبرزا في هذا الصدد تأثر الوظيفة العمومية، على مدى هذه السنين، بالمناخ العام و"التجاذبات السياسية" التي ميزت الحياة العامة في الماضي، وما أفرزته من "سلوكات غير صحية" مما أثر سلبا على نظرة المواطن تجاه الإدارة. وشدد على أن تحديث وإصلاح الإدارة المغربية يجب أن ينطلق من معالجة مجموعة من القضايا والإشكاليات الجوهرية، وفي مقدمتها علاقة الإدارة بالمواطن، مشيرا إلى ضرورة أن تعمل الإدارة على تحسين جودة الخدمات واستقبال المواطن وإعادة الاعتبار له، بما يكرس فكرة وجود الإدارة في خدمة المواطنين. ودعا السيد ابن كيران إلى البحث عن حلول مبتكرة من أجل بلورة علاقة وطيدة بين الإدارة والمواطن، تقوم على أساس الاحترام والثقة، مؤكدا على أهمية اعتماد الحكامة في مختلف هياكل الإدارة والوظيفة العمومية، بما يضمن تيسير الاستثمار وإزالة كل العقبات والعراقيل التي تحول دون استقطاب المستثمرين. وحث بالمناسبة، الشباب على تجاوز "النظرة الضيقة" التي تجعله يعتقد أن الوظيفة العمومية تشكل المصدر الوحيد للتشغيل، مشيرا في هذا الصدد إلى ارتفاع الاعتمادات المالية المرصودة لأجور الموظفين من 7ر66 مليار درهم سنة 2007 إلى 7ر103 مليار درهم سنة 2014. وتطرق إلى جملة من التدابير التي تمت بلورتها من أجل تصحيح هذه الوضعية وفي مقدمتها توقيف العمل بنظام التوظيف المباشر واعتماد مبدأ المباريات. وأضاف رئيس الحكومة أن عملية التصحيح ستشمل أيضا مراجعة منظومة التعيين في المناصب العليا من أجل تجاوز بعض "الاختلالات" التي تم رصدها في هذا المجال، منوها في السياق ذاته بالمشروع الجديد الرامي إلى نقل الموظفين وإعادة انتشارهم. من جانبه، أبرز السيد محمد مبدع الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالوظيفة العمومية وتحديث الإدارة، أن المواضيع المدرجة في جدول أعمال الجمع العام للمجلس، تندرج في إطار مقاربة البرنامج الحكومي الرامية إلى جعل تثمين رأس المال البشري وتأهيله مدخلا أساسيا لتحديث الإدارة والرفع من قدراتها التدبيرية وتطوير المنظومة البشرية. وأوضح أن هذا الجمع العام سينكب على مناقشة ورش المراجعة الشاملة للنظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، والذي يكتسي "أبعاد هيكلية واستراتيجية"، مؤكدا حرص الوزارة، في إطار مقاربة تشاركية، على أن تمكن هذه المراجعة من تجاوز الاختلالات التي تراكمت بحكم هيمنة المقاربة التجزيئية التي طبعت التعديلات السابقة، من أجل تحقيق جملة من الأهداف من بينها ملاءمة النظام الأساسي العام مع المستجدات والمقتضيات الدستورية ذات الصلة بالوظيفة العمومية. كما يهدف ورش المراجعة، يضيف الوزير، إلى إغناء منظومة الوظيفة العمومية بمقتضيات جديدة تتطرق لبعض القضايا والمواضيع الجوهرية، التي يخلو منها النظام الأساسي الحالي أو لم يعالجها بشكل أوضح ودقيق (الأخلاقيات، الأجور، التكوين المستمر، التقييم والحماية الاجتماعية). ويتوخى المشروع ، من جهة أخرى، مهننة الوظيفة العمومية، واعتماد سياسة ناجعة في مجال التوظيف تقوم على اختيار الكفاءات في ضوء الاحتياجات الفعلية للإدارة، وإرساء إطار تشريعي وتنظيمي يضمن تطويرا متواصلا للمسارات المهنية. ويتضمن جدول أعمال دورة المجلس الأعلى للوظيفة العمومية، يقول السيد مبدع ، دراسة مرسوم جديد يتعلق بالتكوين المستمر لفائدة موظفي وأعوان الدولة، بهدف إرساء إطار معقلن للتكوين المستمر يمكن من تأهيل الكفاءات والطاقات البشرية التي تزخر بها الإدارة العمومية ومن مسايرة التطورات الحاصلة في محيط الإدارة الاقتصادي والاجتماعي. كما ستتم دراسة مشروع مرسوم يتعلق بنقل الموظفين، والذي يندرج في إطار التدابير والجهود الرامية إلى تشجيع حركية الموظفين المنتمين إلى الهيئات المشتركة بين الوزارات، وذلك قصد خلق دينامية جديدة ومستمرة داخل الإدارات العمومية والجماعات الترابية. كما يتضمن جدول الأعمال، دراسة مشروع المرسوم المتعلق بتحديد كيفيات التشغيل بموجب عقود، حيث أشار السيد مبدع في هذا الصدد إلى أنه يهدف إلى تمكين الإدارة من آلية قانونية تسمح لها باستقطاب أجود الكفاءات والخبرات اللازمة لإنجاز مشاريع أو تقديم خدمات أو القيام بمهمة أو ممارسة وظيفة عليا، بما يجعل منها قطبا جاذبا للخبرة والكفاءة النوعيتين الكفيلتين بقيادة المشاريع والأوراش الكبرى التي تسطرها الإدارة في برامجها وأهدافها الاستراتيجية. وتميزت الجلسة الافتتاحية للجمع العام للمجلس الأعلى للوظيفة العمومية، بحضور عدد من أعضاء الحكومة وممثلين عن المؤسسات الدستورية والشركاء الاجتماعيين والخبراء والباحثين إضافة إلى أعضاء المجلس. ويعد المجلس الأعلى للوظيفة العمومية فضاء للتشاور والحوار وتبادل الرأي حول قضايا الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة، كما يختص بالنظر في جميع القضايا ذات الطابع العام المتعلقة بالوظيفة العمومية المعروضة عليه من طرف الحكومة، ويدلي برأيه في شأن مشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالموظفين الخاضعين للنظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، وفي توجهات السياسة الحكومية في مجال التكوين المستمر، وفي كل التدابير المرتبطة بتطوير منظومة تدبير الموارد البشرية.