قدم المدير العام للتعمير والهندسة المعمارية وإعداد التراب، عبد الغني أبوهاني، اليوم الخميس بمقر الأممالمتحدة بنيويورك، عرضا حول التجربة المغربية في مجال إعداد مدن شاملة ومتضامنة ومستدامة. واستعرض السيد أبو هاني، الذي كان يقدم جردا عن الواقع والتحديات التي يتعين رفعها في مخططات التنمية البشرية والمالية والبنيات التحتية، مختلف الاستراتيجيات الجاري تنفيذها بالمغرب من أجل تصحيح "الاختلالات" الناجمة عن "الضغط العمراني" ووضع سياسة للمدينة تكون "شاملة ومتضامنة ومستدامة". وكان السيد أبوهاني يتحدث خلال جلسة نقاش مخصصة ل "التعمير المستدام بإفريقيا" القارة حيث معدل التعمير سيكون الأكثر ارتفاعا خلال العقود المقبلة - أدارها مساعد الأمين العام للأمم المتحدة والمستشار الخاص بإفريقيا، ماجد عبد العزيز، بحضور وزراء وعمد مدن إفريقية. وتدخل هذه الجلسة في إطار تظاهرة تمتد لثلاثة أيام ينظمها المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة بهدف مناقشة التحديات والفرص من أجل مستقبل مدن مستدامة. وأشار إلى أن "المغرب كباقي البلدان الصاعدة، يواجه تحدي التعمير المتسارع"، والذي كان من نتائجه، على الخصوص، "اختلال التوازن بين النمو الحضري وتنمية الأسس الاقتصادية" للمدن، و"ارتفاع المضاربة العقارية"، و"تشتت وحدة المدن" مع ما يرافق ذلك من إقصاء اجتماعي وتمايز مجالي. واعتبر أن الرهان المركزي للمدينة في مواجهة مجتمع أكثر حضرية (3,3 مليون سنة 1960، و 16,4 مليون سنة 2004، و 20 مليون سنة 2015 و 23 مليون في أفق سنة 2025)، سيتمثل في المخاطر البيئية والاجتماعية الناجمة عن ذلك، لكن المدن ستظل تشكل قاطرة اقتصادية للبلد. وقال إنه بÜ "التأكيد، أصبحت المدينة في المغرب مركزا لإحداث الثروات، بمساهمتها بحوالي ثلاثة أرباع الناتج الداخلي الخام، والمورد الأساسي للعائدات الضريبية، ومكانا لحياة أفضل واندماج للقرويين والتطور وإعداد الأجيال المقبلة". ووعيا بهذه التحديات، يوضح المسؤول، وضعت السلطات العمومية استراتيجيات من أجل الاستفادة من نتائج التعمير، عبر تبني مناهج تدخل، تتمثل خطوطها العريضة في "استعادة توازن النظام الحضري" وتوطيد المدن المتوسطة، ومواكبة تنمية المراكز القروية الصاعدة، وتجديد النسيج الحضري لتفادي امتداد المدن. وأضاف أن السلطات العمومية تعمل أيضا على تطوير مدن متضامنة وشاملة، مشيرا في هذا الصدد إلى البرامج الاجتماعية الثلاث الكبرى، والمتمثلة في "برنامج مدن بدون صفيح"، الذي وضع سنة 2004 ما مكن من القضاء على حوالي 70 في المئة من دور الصفيح، والذي أهل المغرب للحصول على جائزة الأممالمتحدة للإسكان سنة 2010. وأشار إلى أنه استفاد من برنامج التأهيل الحضري، الذي جرى تنفيذه بتعاون مع وزارة الداخلية باستثمار يقارب 5 مليارات دولار، حوالي 2 مليون مواطن قاطنين بالأحياء الناقصة التجهيز (إيصال الماء والكهرباء والتطهير وتهيئة المناطق الخضراء ...)، فيما تمت تعبئة 3 مليارات دولار في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي استفاد منها 6 ملايين شخص. وترمي المبادرة، التي أطلقت سنة 2005، إلى القضاء على الاقصاء الاجتماعي وإحداث الأنشطة المدرة للدخل، ومحاربة الأمية، وتوفير التجهيزات السوسيو تربوية. وأوضح أنه تمت المصادقة على العديد من النصوص التشريعية، من أجل ضمان الاستمرارية وتفعيل التوجيهات المتضمنة في الدستور الذي جعل من بين مبادئه الأساسية العمل على تطوير إطار للحياة الجيدة بالنسبة للسكان، مشيرا إلى المصادقة على القوانين المتعلقة بالطاقات المتجددة والفعالية الطاقية في البنايات. واعتبر أن "الخيار الاستراتيجي" المتمثل في الجهوية المتقدمة، التي يجري تنفيذها حاليا، يهدف إلى منح المسؤوليات إلى الهياكل المحلية في مجال تعزيز المدن المستدامة والمنتجة. وأضاف أن احداث وزارة مستقلة مكلفة بالتخطيط الترابي في أكتوبر من سنة 2013 يندرج في سياق هذه الإرادة الرامية إلى إيلاء أهمية للبعد الاستباقي والوقائي في ما يتعلق بخيارات التنمية. وتطرق السيد أبو هاني خلال تدخله إلى الشراكة جنوب جنوب، مذكرا باتفاقيات الشراكة التي وقعها المغرب مع بلدان غرب إفريقيا بهدف تعزيز التخطيط العمراني، وهو تعاون مدعو إلى التطور أكثر بفضل الزيارات الأخيرة التي قام بها جلالة الملك محمد السادس للمنطقة.