دأبت الحكومة النصف ملتحية، والتي يقودها عبد الإله بنكيران، على رفع شعار الإقتطاع من أجور الموظفين المضربين، رغم غياب سند قانوني لهذا الإجراء، إلا أن الإقتطاع طال موظفي العدل والتعليم والصحة والجماعات المحلية، والمالية وغيرهم من الموظفين، وهو القرار الذي تمت شرعنته دستوريا وإداريا. لكني صراحة لم أثر الموضوع لمناقشة مشروعيته من عدمها، فالمختصون كانوا أسبق من غيرهم إلى الأمر، وهم الأولى والأجدر به... ولكن ما دفعني لذلك هو تصريح محمد الوفا الأخير، وهو الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة والحكامة، خلال حضوره بإحدى جلسات لجنة المالية والشؤون الإجتماعية بمجلس النواب، بأن السيد رئيس الحكومة "كْعَا"، وأضرب عن العمل لمدة أربعة أيام. فقد قال الوزير المراكشي والذي تشبث به بن كيران في التعديل الحكومي الأخير بشكل كبير موجها كلامه لزميلته السابقة في الحزب، مونية غلام: "الله يخليكم خليونا نخدمو، قلقتو لينا رئيس الحكومة راه اربع يام ماخدمنا..." بل أضاف الوفا موضحا أكثر بأن "سي بنكيران ملي كيتْقلْق اربع يام ماتيخدم..." وذلك في إشارة إلى تقليقة السيد الرئيس من تنقيط كنزة الغالي لأداء الحكومة بالصفر، متناسيا أن السيد الرئيس يتلقى أجرا شهريا من جيوب دافعي الضرائب لقاء عمله في رئاسة الحكومة، وأن إضرابه أو تغيبه غير المبرر يستلزمان إخضاع مرتبه لإقتطاع. الأمر قد يبدو للبعض غير ذي بال، ولكنه إجراء ديموقراطي، يجدر بعبد الإله نفسه السهر على تفعيله، حتى لا يوصف بتسيير الإنحراف، وهو نفسه القائل: "أنا غير مستعد لتسيير الإنحراف"، ردا على الذين يعيبون على الحكومة قرار الإقتطاع في الجلسة الشهرية للجمعة 7 دجنبر 2012، قبل أن يضيف حينها "أن الإدارة العمومية لا تقبل العبث"... فلا يكونن حراما عليهم، حلالا عليكم. وللإشارة فقط، فالجمعية المغربية للديموقراطيين طالبت بالإقتطاع من أجرة رئيس الحكومة، بعد إضرابه عن العمل وغيابه غير المبرر عن عمله، وفق توجيهات الحكومة التي تقرن الأجرة بالعمل.. فهل سيُفَعّل بنكيران قراراته في بنكيران نفسه؟ وهل سيعطي نموذجا للعاملين معه ولغيره من المسؤولين في الديموقراطية والمساواة؟ أم أن الإقتطاع سيف موجه للحلقة الأضعف في الإدارة العمومية ليس إلا؟