رغم قلة تبادل الزيارات بين المغرب والصين، خلال 2013 ، إلا أن هذه السنة شهدت حدثين بارزين في علاقات البلدين، تمثلا في الرسالتين اللتين تبادلهما صاحب الجلالة الملك محمد السادس والرئيس شي جين بينغ، واللتين من شأنهما تسريع وتيرة سير البلدين نحو إقامة شراكة استراتيجية، تتوج علاقاتهما التقليدية.وبالفعل فقد نقل وفد مغربي رفيع المستوى، ترأسه السيد الطيب الفاسي الفهري مستشار جلالة الملك ? في أبريل الماضي رسالة خطية من جلالة الملك إلى الرئيس شي? شددت على ضرورة الرقي بالعلاقات الثنائية، وذلك في إطار التشاور المتواصل بين قائدي البلدين.واستعرض الوفد المغربي بمناسبة تلك الزيارة، مع نائب الرئيس الصيني لي يوان تشاو? علاقات الصداقة الدائمة التي تربط بين البلدين? والتي يطبعها التضامن المتواصل? ويعززها تبادل منتظم للزيارات من مستوى عال.ومن جانبه سلم وزير الشؤون الخارجية الصيني، السيد وانغ يي، الذي قام في بداية الأسبوع الجاري، بزيارة رسمية للمغرب، جلالة الملك، خلال استقبال جلالته له، رسالة صداقة وتقدير من الرئيس شي جين بينغ. وأبرز الوزير الصيني، خلال الاستقبال، إرادة القيادة الصينيةالجديدة في "إعطاء دفعة جديدة للعلاقات التقليدية الممتازة التي تجمع البلدين".وذكر بلاغ للديوان الملكي أن السيد وانغ جدد بهذه المناسبة، الدعوة الموجهة إلى جلالة الملك من طرف الرئيس الصيني للقيام بزيارة رسمية لبكين، "والتي من شأنها أن تتيح إقامة شراكة إستراتيجية كإطار جديد للتعاون بين البلدين بهدف تعميق التشاور السياسي وتعزيز العلاقات الاقتصادية والاستثمار وتقوية التعاون في الميادين الثقافية والتقنية والعلمية".وأوضح البلاغ أن جلالة الملك رحب بهذه الدعوة وعبر عن ارتياحه للآفاق الهامة التي ستفتحها هذه الزيارة بالنسبة لمستقبل العلاقات بين الشعبين الصديقين.كما أبرز جلالة الملك، يضيف البلاغ، خصوصية العلاقات الثنائية وتطورها المتواصل من أجل الاستجابة المثلى للحاجيات الخاصة لكل من المغرب والصين.من جهة أخرى، أكد الوزير الصيني دعم ومساندة بلاده لجهود التحديث والتنويع التي يقوم بها المغرب تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك وتقديرها للدور الريادي الذي تضطلع به المملكة بالمنطقة. ولم يأت هذا التبادل النوعي للاتصالات من فراغ فهو يسير في مسار التطور الذي عرفته العلاقات المغربية الصينية، خلال العشرية الأخيرة، والذي يندرج بدوره في إطار الرؤية الملكية السامية لتنويع شركاء المغرب وتعزيز الروابط مع القوى الصاعدة، مما دفع بالمملكة إلى العمل على إدراج علاقاتها مع الصين في أفق شراكة استراتيجية. وقد حرص المغرب دوما على أن تقوم هذه الشراكة على حوار سياسي منتظم، يهم مختلف المبادرات الثنائية على المستوى الإقليمي والمتعدد والدولي، حوار سيمكن من إقامة تنسيق جيد لتحرك البلدين ولمواقفهما في المحافل والمنتديات الدولية. كما يعمل المغرب على أن تقوم هذه الشراكة على دعامة اقتصادية. ويعتبر العمل على إبرام شراكة من هذا القبيل دليلا على الاهتمام الذي توليه القوى العظمى للمغرب، الذي أصبح بفضل الإصلاحات التي باشرها جلالة الملك في المجالات السياسية والاقتصادية، مثار اهتمام مختلف الشركاء. وعلى المستوى السياسي يشدد المسؤولون الصينيون على أن تطابق عناصر السياسة الخارجية لكل من البلدين، في ما يتعلق بالاعتدال وتغليب التسوية السلمية للخلافات، يسمح للبلدين بتنسيق جهودهما من أجل مزيد من المساواة والسلام والاستقرار والدفاع عن مصالح البلدان النامية في ظل النظام العالمي الجديد المتسم بالتجاذبات.ويعزز هذه الثقة متانة علاقات الصداقة الدائمة التي تربط البلدين والمرتكزة على إطار قانوني صلب مكون من أزيد من 230 اتفاقية.كما ترتكز إلى صداقة وطيدة تجمع بين الشعبين تضرب جذورها عميقا في التاريخ، وترسخت على مدى 55 سنة، منذ إقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين.وفي إطار تنفيذ إرادة قائدي البلدين في تعزيز أكبر لأواصر التعاون بين المغرب والصين، وبمناسبة الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الصيني هذا الأسبوع للمغرب، وقع الجانبان اتفاقا حول الإعفاء من التأشيرة لفائدة حاملي جوازات السفر الدبلوماسية والخدمة.واعتبر وزير الشؤون الخارجية والتعاون السيد صلاح الدين مزوار أن هذه البادرة تندرج في إطار خلق مناخ ملائم لتعزيز الروابط بين الرباط وبكين.وعلى الصعيد الاقتصادي، تعد الصين شريكا تجاريا رئيسيا للمغرب بوتيرة نمو سنوية من 30 في المائة على أقل تقدير.وخلال 2012 ، تجاوزت قيمة المبادلات التجارية بين المغرب والصين 1ر3 مليار دولار. وتعد الصين خامس شريك تجاري للمغرب بإفريقيا، بينما يعتبر تاسع زبون لها على صعيد القارة. ولطالما أكد مسؤولو البلدين على أن المقومات الضرورية لإقامة شراكة استراتيجية متوفرة، ويبقى المطلوب تجسيدها على أرض الواقع واختيار الوقت المناسب لذلك. وقد تشكل 2014 بداية هذا التجسيد بالنظر للآفاق الواسعة التي فتحتها الاتصالات من مستوى عال بين البلدين الصديقين