على الرغم من حالة العشق والهوى التي يكنها النجم الإسباني سيسك فابريغاس لاعب وسط آرسنال الإنكليزي لناديه السابق برشلونة، فإنه فاجأ الجميع بوضع "وصفة سحرية" لمانشستر يونايتد من أجل التغلب على العملاق الكاتالوني في نهائي دوري أبطال أوروبا في ويمبلي. ويبدو أن لاعب الوسط الإسباني الشاب يملك قدرات تكتيكية واضحة منذ الصغر، حيث لم يستطع أن يكبح جماح نفسه بالتفكير في مباراة من المؤكد أنه كان يحلم بخوضها سواء مع فريقه الإنكليزي أو فريقه الإسباني السابق، الذي أطاح بآرسنال من البطولة ذاتها في دور الثمانية. ولم يكتف فابريغاس بالإفصاح عن أفكاره التكتيكية، بل قام برسمها على "السبورة" من أجل توضيح أفكاره بشكل أدق. ووفقا لخطته، فإن سيسك يرى أن يلعب مانشستر يونايتد بطريقة 4-6-0، حيث يلعب بالرباعي فابيو وريو فرديناند ونيمينيا فيديتش وباتريس إيفرا في الدفاع، ومايكل كاريك ودارين فليتشر وريان غيغز وبارك جي سونغ وأنطونيو فالنسيا في الوسط وأخيرا واين روني كرأس حربة من العمق أو ما يطلق عليه "رأس الحربة المزيف" (False Nine).
خطة منطقية وإذا كانت الخطة تبدو طريفة للوهلة الأولى، فإن بها الكثير من المنطق والوعي التكتيكي المبهر من لاعب شاب أتم توه عامه الرابع والعشرين. فالوسط الإسباني يفضل أن يلعب بكاريك كلاعب وسط مدافع لتغطية الظهيرين في حال تقدم أي منهما للهجوم، فيما يلعب فليتشر وغيغز في قلب الملعب، خاصة بعدما أبدى الأخيرة تألقا واضحا في هذا المكان، وعلى الجناحين يلعب جي سونغ وفالنسيا. ووفقا ل"سبورة" فابريغاس، فإنه يعطي تعليمات لباتريس إيفرا بقيادة الهجوم من الجبهة اليسرى، مقابل فالنسيا من الجهة اليمنى، بينما يبقى فابيو لتغطية فالنسيا، خوفا من الثنائي أندريس إنييستا ودافيد فيا. وفي حالة الهجوم، فإن سونغ يدخل إلى العمق، ليعطي الفرصة لإيفرا للوصول إلى خط المرمى من الجبهة اليسرى، فيما يأتي فليتشر من الخلف لمساندة واين روني في الهجوم. وإذا هاجم مانشستر من الناحية اليمنى، فإن المثلث الهجوم سيتكون من روني وفليتشر وسونغ داخل منطقة الجزاء، أما إذا هاجم من اليسار، فإن المثلث سيتحول إلى فليتشر وروني وفالنسيا، فيما سيبقى سونغ بين خطي الوسط والدفاع للبرسا.
أفكار للسيطرة وتظهر في طريقة فابريغاس أفكاره بخصوص السيطرة على وسط الملعب الذي يعتبر كلمة السر في مباريات برشلونة، حيث أن الدفع بالثلاثي (فليتشر - غيغز - سونغ) في مواجهة ثلاثي برشلونة (إنييستا - تشافي - بوسكيتس) يعطيه فرصة كبيرة في توازن القوى، فيما سيتكفل كاريك بالنجم الأرجنتيني ليونل ميسي. وفي حالة الهجوم الأحمر، فإن الفريق الإنكليزي سيلعب بلاعبين بين خطي الوسط والدفاع (فليتشر - سونغ) ضد لاعب ارتكاز واحد (بوسكيتس)، ما يعطيه أفضلية وقدرة على صناعة الهجمات. وتحمل تشكيلة فابريغاس مفاجآت عدة، حيث استبعد الثنائي بول سكولز وأندرسون من الوسط، وناني من الجناح، فيما كان استبعاد المهاجم المكسيكي المتألق خافيير هرنانديز المعروف بلقب "حبة البازلاء" هو المفاجأة الأبرز.
لا مكان لهرنانديز ! لكن حتى استبعاد هرنانديز يبدو منطقيا للغاية، فرغم أن "تشيتشاريتو" قدم موسما مذهلا مع مانشستر يونايتد، فإن طريقة أدائه لا تبدو مناسبة تماما لمواجهة فريق يستحوذ على الكرة أغلب فترات المباراة مثل برشلونة. فالميزة الرئيسية لهرنانديز هي السرعة والقدرة على "الخطف" من داخل منقطة ال18 وتحديدا في الست ياردات، وهذا يحتاج إلى استحواذ مانشستر على الكرة وبناء هجمات منظمة، ولا يناسبه الهجوم السريع المرتد أو التمريرات البينية. وإذا كانت سرعة هرنانديز تعطي مانشستر بعدا إضافيا بإجبار خط دفاع برشلونة على الدفاع من العمق وخلق مساحات بين خطي الدفاع والوسط، فإن وجود بوسكيتس ونزول تشافي وحتى ميسي للمساندة الدفاعية، لا يعطيان هرنانديز ومانشستر فرصة للاستفادة من تلك الميزة. وربما يتذكر سيسك جيدا أن تشيتشاريتو لم يقدم الكثير خلال مباراة مانشستر يونايتد وآرسنال التي فاز بها الأخير 1- صفر، نظرا لأن آرسنال يلعب باستراتيجية مشابهة لاستراتيجية برشلونة، والدليل أنه لم يسدد مرة واحدة على مرمى المدفعجية ولم يمرر سوى أربع تمريرات. وصحيح أن فيرغسون هو الآمر والناهي داخل قلعة الشياطين الحمر، وربما لن يلقي بالا إلى "سبورة" فابريغاس، لكن الأكيد أن هناك مدربا واعدا يتكون في الأفق. يوروسبورت