أثارت الزيارة الحالية لمدير المخابرات العسكرية الروسية، الجنرال فيكسلاف كوندراسكو، للعاصمة المصرية القاهرة، التساؤلات حول مغزاها ودلالاتها في هذا التوقيت الذي تمر فيه العلاقات الأميركية - المصرية بحالة من التوتر جراء دعم واشنطن لجماعة الإخوان المسلمين، وتردد إدارة أوباما في الاعتراف ب"ثورة 30 يونيو ووقف إمداد مصر بصفقة طائرات ودبابات وصواريخ أميركية كانت مقررة سلفاً. وفي سياق متصل، أبدى عدد من نواب الكونغرس الأميركي في جلسة الثلاثاء قلقاً متزايداً من دخول روسيا على خط العلاقات المتدهور مع مصر، ومحاولة موسكو توظيف الأزمة لصالحها وتنمية علاقاتها بمصر على حساب الولاياتالمتحدة ما يكبّد الأخيرة خسائر استراتيجية بالمنطقة. وكان الجنرال كوندراسكو قد وصل القاهرة قادماً من موسكو على رأس وفد عسكري وأمني في زيارة لافتة لمصر تستغرق عدة أيام، يلتقي خلالها عدداً من القادة العسكريين والأمنيين وعلى رأسهم وزير الدفاع القائد العام للقوات المسلحة المصرية الفريق أول عبدالفتاح السيسي لبحث سبل دعم علاقات التعاون بين البلدين في مجالات التدريب والتسليح وتبادل المعلومات، حسب مصادر مطلعة. تمهيد لبوتين وسد الفراغ الأميركي وأوضح الخبير العسكري اللواء حسام سويلم، المدير الأسبق لمركز الأبحاث الاستراتيجية للقوات المسلحة، ل"العربية نت" أن زيارة الجنرال الروسي هي للوقوف على مطالب مصر بخصوص التسليح واستكشاف الاحتياجات المصرية من السلاح الروسي لسد الفراغ الناجم عن التنصل الأميركي من إمداد مصر بالسلاح ووقف المعونات العسكرية. وتابع سويلم أن الزيارة تهدف أيضاً إلى تمهيد الأجواء إلى زيارة مرتقبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى مصر. وأضاف أنه يتوقع قدوم لجان روسية ومسؤولين آخرين ضمن جهود الإعداد لزيارة بوتين. وقال إن هذه الزيارة مثّلت إزعاجاً للولايات المتحدة الأميركية وعليه قررت إيفاد وزير خارجيتها جون كيري لزيارة مصر لاحقاً في محاولة منها لاحتواء تبعات أزمة قطع الإمدادات العسكرية والتأكيد على أنه قطع مؤقت وتفويت الفرصة على الروس للحلول مكانها. وأشاد سويلم بهذا المسلك المصري بالتوجه نحو الشرق الروسي باعتبار أن من شأنه إحداث توازن في علاقات مصر الدولية، وتوفير فرص أفضل للتعاون التسليحي ومجالات أخرى عديدة، بدلاً من إلقاء كل الأوراق على الطاولة الأميركية. بديل استراتيجي لروسيا.. وفرصة لمصر ومن جانبه، أشار الدكتور نشأت الديهي، أستاذ العلوم السياسية رئيس مركز دراسات الثورة ل"العربية نت" إلى أن زيارة رئيس المخابرات الروسي لمصر جاءت رد فعل لعدة زيارات قامت بها وفود شعبية مصرية لروسيا مؤخراً، وكانت بمثابة إشارة إلى أن مصر تتجه الآن صوب المعسكر الشرقي لإحياء العلاقات الروسية المصرية، ما يمثّل تلويحاً لأميركا بأن القاهرة تستطيع إعادة رسم علاقاتها الدولية مرة أخرى. وأضاف أن لقاء الجنرال الروسي مع قيادات وزارة الدفاع المصرية يؤكد على تحالف استراتيجي عسكري، مشيراً إلى أن العلاقات المصرية الروسية تاريخية، فضلاً عن أن روسيا دائماً هي البديل والصديق الصدوق لمصر منذ فترة الستينات. وأوضح أن روسيا تمثل فرصة استراتيجية لمصر، كما أن مصر أيضاً بديلاً استراتيجياً جديداً لروسيا في الشرق الأوسط بعد ضعف موقفها في سوريا من جراء الثورة ضد نظام بشار الأسد. وختم بأن زيارة الجنرال الروسي لمصر قد تربك الحسابات الأميركية، لاسيما أن روسيا عضو تجمّع "بركس" الذى يضمّها مع البرازيل والصين والهند وجنوب إفريقيا، وهو تجمّع اقتصادي يهدف أساساً لمواجهة التسلط الأميركي الغربي على التجارة الدولية.