عبير صراص بعد أن وصلت القبلات الشبابية إلى قاعات المحاكم في المغرب، وساحات الاحتجاج في كردستان العراق، كان لا بد لنا أن نتساءل عن هذه الممارسة الفسيولوجية التي تميّز البشر عن غيرهم من الكائنات. ما الذي يدفعنا لتقبيل شخص آخر؟ وما هي التغيرات التي تمر بها أجسادنا عندما نقبّل أحداً على الشفاه؟ وهل هنالك اختلاف ما بين النساء والرجال في الطريقة التي يختبرون بها القبلة؟ تعرّف على العالم شفاهنا وسيلة للتعرف على العالم منذ الصغر. اذا كنت أباً أو أماً، لا بد أنك لاحظت أن الاطفال الرضع يبدأون بوضع الأشياء في أفواههم وتلمُسها بشفاهم. وهنا غالباً ما نقول إن الطفل يتعرف على العالم المحيط به بواسطة فمه. وهذا ينطبق أيضا علينا كبالغين لأن التقبيل يصبح وسيلة لنا لنتعرف على الشخص الآخر الذي نقبله. وما يميزنا على الكائنات الأخرى عندما يتعلق الأمر بالتقبيل هو كوننا أمام شفتين ممتلئتين بالنهايات العصبية الحساسة التي تستثار من خلال اللمس، وتستخلص المعلومات لإرسالها للدماغ. اختبار واختيار في كتابها "علم التقبيل: ما تقوله لنا الشفاه" تقول الأمريكية شيريل كيرشن باوم إن "المشاعر العاطفية، والجنسية التي يكّنها شخص لشخص آخر هي لا شك الدافع الأساسي لتقبيل شخص ما، ولكن الهدف من القبلة هو البحث عن شريك مناسب واختباره". توضح كيرشن باوم: "شفاهنا هي المنطقة الوحيدة المكشوفة والمثيرة للشهوة الجنسية في أجسادنا ، وتلعب دورها الفسيولوجي في اختيار الشريك. وعندما نقبّل شخصاً ما فإننا نُشرك جميع الحواس المتوفرة لدينا. لا نحصل فقط على المعلومات البصرية الواضحة بسبب قربنا للشخص الآخر، وإنما تلعب حاسة الشم، والتذوق، واللمس دوراً في القبلة. ومن الواضح أن التقبيل يلعب دوراً في اختيار الشريك، فقد أظهرت دراسة في الولاياتالمتحدة أن 59% من الرجال و 66% من النساء في البحث أنهوا العلاقة العاطفية بسبب "القبل السيئة". تفاعل بيولوجي تقول كيرشن باوم في كتابها إن هنالك سلسلة من التفاعلات البيولوجية الناتجة عن التقبيل. وتبين من الأبحاث أن تقبيل الشخص الذي تُولع به يرفع مستويات النواقل العصبية (neurotransmitters) مثل الدوبامين، الذي يُعزز الشعور بالرغبة والشغف، والسيروتونين الذي يُحسّن مزاج الشخص. كما يرفع التقبيل من مستوى هرمون الأوكسيتوسين الذي يفرزه الجسم في حالات الحب والثقة والارتياح للشخص الآخر، ويسمى هذا الهرمون غالباً ب "هرمون الحب". ولكن ماذا لو كانت "القبلة سيئة"؟ في هذه الحالة يفرز الجسد نسبة أعلى من كرمون الكورتيزول المعروف أيضا بهرمون التوتر. نصيحة كيرشن باوم للعشاق أن "التقبيل مهم جداً للمحافظة على العلاقة أيضا. فلو كنت مغرماً بشخص ما، لا تبخل في القبل لأنها تقوّي العلاقة، وتحفّز على إنتاج هرمون الحب". ولكن لا تفترض أن تبادل القبلات الحسنة مع شخص جديد قابلته، سيضمن لك علاقة ناجحة معه أو معها. فالهرمونات لا تغني عن التكافؤ والتفاهم المتبادل في العلاقة. اختلافات هل هنالك اختلافات في اختبار الرجل والمرأة للقبلات؟ تقول كيرشن باوم إن النساء بشكل خاص يركزن كثيراً على الروائح المنبعثة من الشخص الآخر عند الاقتراب منه وتقبيله، وأن نفسْ ورائحة الشريك يلعبان دوراً هاماً في القبلة بالنسبة لهن. هنالك ايضاً اختلافات في التقبيل ما بين النساء والرجال: "تركز النساء غالباً على عملية التقبيل التي ترى فيها فرصة للتعارف أو تعزيز الارتباط بالشريك، أما الرجال فيعتبر معظمهم أن التقبيل مرحلة ابتدائية ومبادرة للممارسة الحميمة". كيف أقبل؟ قد يدفعك هذا التقرير للتساؤل: هل أقبل جيدا! أو كيف أتعلم التقبيل؟ والجواب أنه ليس هناك طريقة لتعلم التقبيل سوى الممارسة. والقبلة الصحيحة هي القبلة التي تروق لكلا الطرفين، وتعطيهما شعوراً متبادلاً بالراحة والسعادة والانسجام مع الآخر.