أعتقد جازما أن أساتذة التعليم الثانوي وخاصة الإعدادي منهم، يجدون أنفسهم خلال فترة إجراء امتحانات البكالوريا الجهوية والوطنية في حالة نفسية يرثى لها، وذلك بسبب تكليفهم بالحراسة وبالتالي وضعهم بين نارين: فمن جهة هناك معظم التلاميذ حيث الرغبة الجامحة في الحصول على النقطة الموجبة للنجاح على حساب الوسيلة، ومن خلفهم أسر استنفرت كثيرا من الموارد المادية (أجهزة اتصال) والبشرية لتأمين الغش. ومن جهة أخرى هناك مجموعة من التشريعات والقرارات الوزارية والأكاديمية، والتي في حالة عدم تنفيذها تعرض الأستاذ للعقوبة، وهي في غالبيتها فوقية، إذا لم يكن تنزيلها مستحيلا فهو صعب جدا قد يكلف الأستاذ/الحارس سلامته الشخصية، أو مع الأسف الشديد سمعته لأن معظم الناس أصبحوا ينظرون إلى الغش "كحق" للتلميذ وبالتالي فإن منعه جرم لا يغتفر. إن محاربة الغش في الامتحانات بصفة عامة تأتي في سياق تخليق الحياة العامة، وهذا مطلب شعبي لا محيد عنه، إلا أنني أختلف مع الطريقة الفجائية القطعية التي لا تراعي السياق العام الذي ظهرت وترعرعت فيه هذه الآفة، من حيث مدته الزمنية ومن حيث تفاصيله والتي من بينها ضعف كبير لمستوى جل المتعلمين يعلم الداني والقاصي من يتحمل مسؤوليته. ولذلك تطلب الأمر اعتماد مبدأ التدرج والتواصل القبلي مع المترشحين لاجتياز هذه الامتحانات. واعتماد معيار صعوبة مناسب. لقد وضعت الوزارة الوصية الأستاذ/الحارس في مرمى جميع النيران؛ فهل يعقل أن ينجح التلميذ بالتعليم الابتدائي دون توفر الحد الأدنى من الكفايات المطلوبة، وبالتالي فإن عددا كبيرا من تلاميذ الثانوي الإعدادي لا يحسنون قراءة اللغة العربية، ثم يسمح لهم في السنة الإشهادية بالنجاح اعتمادا على النسبة رغم حصولهم على معدل 8 من 20 وأحيانا أقل، وقس على ذلك المعدل الجهوي للسنة الأولى بكالوريا. وفي آخر المطاف يفعل مبدأ الاستحقاق الذي غيب عمدا لمدة طويلة. إن وضعية حرجة كهذه دفعت مجموعة من النقابات إلى الوقوف إلى جانب أساتذة التعليم الثانوي الإعدادي في مقاطعتهم لحراسة البكالوريا. في حين يستعد منذ الآن معظم أساتذة هذا السلك للإعلان عن نفس الموقف، أو على الأقل مطالبة الوزارة بتوفير الحماية عن طريق تكليفهم بالحراسة بمؤسسات بعيدة من مقرات عملهم وسكناهم، مع تحملها نفقات النقل والتغذية والسكن.