المفتش العام للقوات المسلحة الملكية يقوم بزيارة عمل إلى إثيوبيا    أخنوش يصل إلى روما لتمثيل الملك محمد السادس في مراسم جنازة البابا فرانسوا    وليد الركراكي: نهجنا التواصل وعرض مشاريعنا على اللاعبين مزدوجي الجنسية... نحترم قراراتهم    أسبوع المغرب في موريتانيا".. منصة لتعزيز الشراكة جنوب-جنوب وتوسيع آفاق التعاون الثنائي    أخنوش يصل إلى روما لتمثيل جلالة الملك في مراسم جنازة البابا فرانسوا    بسبب التحكيم.. توتر جديد بين ريال مدريد ورابطة الليغا قبل نهائي كأس الملك    باحثون: "الإقلاع عن السجائر الإلكترونية ممكن بفضل حبوب التوقف عن التدخين"    نشرة إنذارية: زخات رعدية مصحوبة بتساقط للبرد وبهبات رياح مرتقبة الجمعة بعدد من مناطق المملكة    الأخضر ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    قطار التعاون ينطلق بسرعة فائقة بين الرباط وباريس: ماكرون يحتفي بثمرة الشراكة مع المغرب    العالم والخبير في علم المناعة منصف السلاوي يقدم بالرباط سيرته الذاتية "الأفق المفتوح.. مسار حياة"    بودريقة يمثل أمام قاضي التحقيق .. وهذه لائحة التهم    افتتاح مركز لتدريب القوات الخاصة بجماعة القصر الصغير بتعاون مغربي أمريكي    تقرير يكشف عن نقص في دعم متضرري زلزال الحوز: 16% لم يحصلوا على المساعدة    إسكوبار الصحراء.. الناصري يلتمس من المحكمة مواجهته بالفنانة لطيفة رأفت    متدخلون: الفن والإبداع آخر حصن أمام انهيار الإنسانية في زمن الذكاء الاصطناعي والحروب    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    عناصر بجبهة البوليساريو يسلمون أنفسهم طواعية للجيش المغربي    مذكرة السبت والأحد 26/27 أبريل    المغرب – الصين: الريادة النسائية في عصر الذكاء الاصطناعي محور ندوة بالرباط    إحصاء الخدمة العسكرية ينطلق وأبناء الجالية مدعوون للتسجيل    "البيجيدي" يعلن غياب وفد "حماس" عن مؤتمره    ضابط شرطة يطلق رصاصا تحذيريا لإيقاف مروج مخدرات حرض كلابا شرسة ضد عناصر الأمن بجرادة    مهرجان "كوميديا بلانكا" يعود في نسخته الثانية بالدار البيضاء    أرباح اتصالات المغرب تتراجع 5.9% خلال الربع الأول من 2025    "أمنستي" تدين تصاعد القمع بالجزائر    المغرب استورد أزيد من 820 ألف طن من النفايات والمواد القابلة لإعادة التدوير خلال 2024    أبرزها "كلاسيكو" بين الجيش والوداد.. العصبة تكشف عن برنامج الجولة 28    طنجة.. ندوة تنزيل تصاميم التهيئة تدعو لتقوية دور الجماعات وتقدم 15 توصية لتجاوز التعثرات    "البيجيدي" يعلن عدم حضور وفد حماس في جلسة افتتاح مؤتمره التاسع ببوزنيقة    اتفاقية تدعم مقاولات الصناعة الغذائية    محاكمة أطباء دييغو مارادونا تكشف تفاصيل الأيام الأخيرة    الإعلان عن صفقة ب 11.3 مليار لتأهيل مطار الناظور- العروي    على حمار أعْرَج يزُفّون ثقافتنا في هودج !    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يناقش "الحق في المدينة" وتحولات العمران    ميسي يطلب التعاقد مع مودريتش.. وإنتر ميامي يتحرك    شراكة تجمع "ويبوك" وجامعة كرة القدم    رفضا للإبادة في غزة.. إسبانيا تلغي صفقة تسلح مع شركة إسرائيلية    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة    جرادة.. ضابط شرطة يطلق النار لتتوقيف ممبحوث عنه واجه الأمن بالكلاب الشرسة    كاتبة الدولة الدريوش تؤكد من أبيدجان إلتزام المملكة المغربية الراسخ بدعم التعاون الإفريقي في مجال الصيد البحري    الملك يقيم مأدبة عشاء على شرف المدعوين والمشاركين في الدورة ال 17 للملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب    الزلزولي يعود للتهديف ويقود بيتيس نحو دوري الأبطال    الصين تنفي وجود مفاوضات تجارية مع واشنطن: لا مشاورات ولا اتفاق في الأفق    رواد سفينة الفضاء "شنتشو-20" يدخلون محطة الفضاء الصينية    المديرة العامة لصندوق النقد الدولي: المغرب نموذج للثقة الدولية والاستقرار الاقتصادي    "الإيسيسكو" تقدم الدبلوماسية الحضارية كمفهوم جديد في معرض الكتاب    أكاديمية المملكة المغربية تسلّم شارات أربعة أعضاء جدد دوليّين    الرباط …توقيع ديوان مدن الأحلام للشاعر بوشعيب خلدون بالمعرض الدولي النشر والكتاب    هل يُطْوى ملفّ النزاع حول الصحراء في‮ ‬ذكراه الخمسين؟    كردية أشجع من دول عربية 3من3    دراسة: النوم المبكر يعزز القدرات العقلية والإدراكية للمراهقين    إصابة الحوامل بفقر الدم قد ترفع خطر إصابة الأجنة بأمراض القلب    الحل في الفاكهة الصفراء.. دراسة توصي بالموز لمواجهة ارتفاع الضغط    المغرب يعزز منظومته الصحية للحفاظ على معدلات تغطية تلقيحية عالية    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في مناقشة صلاة إلياس العماري بالناس تقية
نشر في أخبارنا يوم 23 - 02 - 2013

على برنامج الكتروني اسمه "نصف ساعة" والذي يعده ويقدمه الصحفي الشاب "رشيد البلغيثي" وينتجه الموقع الالكتروني " هسبريس" قال "إلياس العماري" القيادي في حزب الأصالة والمعاصرة، وهو يحكي عن تجربته في الجامعة وسعيه في البحث عن لقمة العيش،قال أنه كان يصلي بالناس في المسجد ويساعدهم على خط الرسائل وقراءتها ويأخذ على ذلك مقابلا، وفي استفسار له من قبل مقدم البرنامج عن صلاته هاته التي كان يصلي بالناس هلى كانت تدينا أم تقية ؟؟ قال إلياس العماري بعد أن تغيرت حالة وجهه إن ذلك لم يكن سوى تقية، وكرر ذلك بالقول نعم لم يكن تدينا كان تقية. معد ومقدم البرنامج علم أن الأمر فيه مافيه وأنه أوقع بالرفيق إلياس، وإلياس نفسه علم أنه وقع في كارثة ولذلك انتقلا معا على وجه السرعة إلى الكلام عن موضوع آخر.
ويكفينا إذا ما أردنا أن نحلل من الناحية الشرعية إقرار السيد "إلياس العماري" فإن ذلك كاف في أن يترتب عليه مجموعة من المسائل الفقهية التي ناقشها علماء الفقه في الأبواب الفقهية المرتبطة بموضوع الصلاة، وكذا المباحث العقدية التي ناقشت صلاة الكافر أو الفاسق أو المنافق بالناس وما يترب عن ذلك سواء كان للمأمومين علم بحاله أم لا.
وقبل أن نلج ثنايا المناقشة، نقرر بدءا أننا لا نشير بإشارة التكفير على أحد، وليس لنا أي علم بحال القلوب ولا نواياها، فمرد ذلك كله إلى الله تعلى عالب الغيب والشهادة والمطلع على مافي السرائر، وليس لنا إلا الحكم على الظاهر، ومادام أن السيد إلياس العماري قد أقر بلسانٍ له بين فكّين بما أقرَّ به، فإننا سنناقش اعترافه ومآل الحكم الشرعي بناء عليه دون زيادة ولا نقصان، ومعلوم أن الإقرار سيد الأدلة. وأنبّهُ هنا أنه لا ينبغي ل"بعبع التكفير" أن يجعلنا نلجم أفواهنا عن قول الحق في قضايا معلومة من الدين بالضرورة.
ولمناقشة الموضوع من وجهة فقهية وعلمية سنعرض إلى ذكر مجموعة من الأقوال الفقهية مركزا في استدلالي بأقوال فقهاء مذهب السادة المالكية في كتبهم الفقهية الماتعة، وهو المذهب الذي اختاره المغاربة حتى لا يحشرني الرفاق في دائرة "السلفية الجهادية".
قبل أن نحدد إطار المسألة الفقهية محل الدراسة لابد أن نشير إلى أنها تتفرع عنها صور أخرى هي ليست محل النزاع في موضوعنا هذا، كأن يصلي مسلم خلف كافر يعلم كفره فإنه يعيد وجوبا ولا خلاف بين أهل العلم في ذلك، أو أن يصلي خلف من لا يعلم حاله ويعتقد إسلامه فإنه لا إعادة عليه ولا إثم إذا مات على عدم العلم، أو أن يصلي خلف مبتعد فجماهير أهل العلم على جواز صلاته دون إعادة عليه.
أما إذا صلى المأموم خلف إمام وهو يعتقد إسلامه ثم تبين بعد ذلك أن ذلك الإمام كان منافقا يخفي ما لا يظهر سواء تم العلم بذلك بناء على إقراره، أو شهادة متواترة من الناس، أو بشهادة العلماء، فهل على المأموم أن يعيد تلك الصلوات التي صلاها خلفه أم لا ؟ هاته هي المسألة محل النزاع، التي تتنزل على واقعة السيد "إلياس العماري" الفقيه المسلم حينها تقية.
سنناقشها بالدرس والتحليل ذاكرين ما فيها من خلاف بين أهل العلم مرجحين القول الصحيح في المسألة بناء على مذهب السادة المالكية وفقهائه.
في معنى التقية :
التقية والتقاة اسما مصدر بمعنى الاتقاء. وقد عرفها الإمام السرخسي بقوله " التقية أن يقي الإنسان نفسه بما يظهره وإن كان يضمر خلافه " وعرفها ابن حجر بقوله " التقية الحذر من إظهار ما في النفس من معتقد وغيره للغير".
والتعريف الأول أشمل، لأنه يدخل فيه التقية بالفعل إضافة إلى التقية بالقول والتقية في العمل كما هي في الاعتقاد. ومعناها العام أن يتكلم الإنسان بغير ما يعتقد، وهو نوع من أنواع النفاق، أو الكذب، أو الضعف، أو الخداع، أو نحو ذلك من الصفات الذميمة.
وهي كلها معان يشملها مدلول التقية وتندرج ضمنه. وواضح أن دلالة التقية تلتقي في حد كبير مع دلالة النفاق ذلك أن كلا من من التقية والنفاق فيهما إظهار لخلاف ما يبطن.
ومعلوم أن التقية مواربة وخداع ومراوغة ونفاق في العقيدة والقول والعمل، وقد استعملها تاريخيا الشيعة ويعتبرونها بمثابة الرأس من الجسد، وتبناها أيضا مذهب الدروز ذلك أن مذهبهم يقول بأن لله تعالى والإقرار برسالة الرسول، ولكن إلههم الذي وحدوه وعبدوه هو الحاكم العبيدي ملك مصر. والرسول الذي يقرون به هو رسول الحاكم الذي اختاره داعية لعبادته كحمزة بن علي بن أحمد الفارسي الحاكمي الدرزي الذي لقبه الحاكم الفاطمي برسول الله، فهذا الأسلوب في الجواب أوضح تفسير وأصدق تطبيق للتقية، لما فيه من المراوغة والنفاق ولما فيها من خصال ذميمة، ومعلوم تاريخيا أن "الدروز" ليسوا بمسلمين لا في ظواهرهم ولا في بواطنهم، فإنهم عندما تتاح لهم الفرصة تنكشف حقيقتهم ويعلنون إلحادهم وكفرهم، ويعتدون على دماء المسلمين وأعراضهم وأموالهم، ويسعون في الأرض فسادا كما حصل في أيام الحاكم العبيدي أحد حكام العبيديين بمصر، أما عندما تحيط بهم الأزمات ويضيق عليهم الخناق فإنهم يلتزمون التقية ويلبسون لباس التدين، ويظهرون بمظهر الغيرة والإصلاح نفاقا وزندقة، وهذا هو شأنهم مع المسلمين.
والتقية أيضا هي من معتقدات "القرامطة الباطنية" فإن دأبهم التلبيس واستعمال التقية.
والتقية أيضا من عقيدة "الرافضة" ولا شك أن هذا نوع من النفاق، يغتر به من يغتر من الناس.
والمنافقون أضر على الإسلام من ذوي الكفر الصريح، ولهذا أنزل الله تعالى فيهم سورة كاملة كان من هدي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يقرأ بها في صلاة الجمعة؛ لإعلان أحوال المنافقين، والتحذير منهم في أكبر جمع أسبوعي وأكثره، وقال فيها عن المنافقين: {هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ}.
وقد كان الإمام أبو بكر ابن العربي وهو من المالكية الأفذاذ صادقا، عندما حذر من هؤلاء قائلا في كتابه الماتع العواصم من القواصم، قال رحمه الله "... وإذ بدأ المشتغلون بتاريخ الإسلام من أفاضل المسلمين في تمييز الأصيل عن الدخيل، من سيرة هؤلاء الأفاضل العظماء، فإنهم ستأخذهم الدهشة لما اخترعه إخوان أبي لؤلؤة، وتلاميذ عبد الله بن سبأ، والمجوس الذين عجزوا عن مقاومة الإسلام وجها لوجه في قتال شريف. فادعوا الإسلام كذبا، ودخلوا قلعته مع جنوده خلسة، وقاتلوهم بسلاح (التقية) بعد أن حولوا مدلولها إلى النفاق".
وأنا هنا إذ أسوق هاته المعاني الخطيرة لدلالة التقية، أخشى أن يكون إيمان السيد إلياس العماري بالثوابت الوطنية التي هي الملكية، والوحدة الترابية، والإسلام، سوى تقية وخداعا مادام أنه استعملها في الصلاة. ونتمنى أن يوضحنا لنا ذلك لكن من ياترى سيصدقه.

تحرير القول في الصلاة خلف من يصلي تقية
هنا نشرع في مناقشة الموضوع محل الدراسة، فإذا صلى المأموم خلف إمام وهو يعتقد إسلامه ثم تبين بعد ذلك أن ذلك الإمام كان منافقا يخفي ما لا يظهر، سواء تم العلم بذلك بناء على إقراره، أو شهادة متواترة من الناس، أو بشهادة العلماء، فهل على المأموم أن يعيد تلك الصلوات التي صلاها خلفه أم لا ؟ هاته هي المسألة محل النزاع، التي تتنزل على واقعة السيد "إلياس العماري".
اتفق العلماء على أنه لا تجوز الصلاة خلف من علم كفره قبل الصلاة قولا واحدا وحكي الإجماع في ذلك، واختلفوا إلى قولين اثنين، قول أول لا يرى بوجوب الإعادة، وقول ثان يرى بوجوبها وحكي فيه الإجماع وهو مذهب السادة المالكية وسنأتي لبيان ذلك.
القول الأول: لا إعادة على المأموم
وإلى هذا ذهب أبو محمد بن حزم رحمه الله، قال في المحلى " فإِن صلَى خلف من يظن أنه مسلم ثم علم أنه كافر، أو أنَه عابث، أو أنه لم ييبلغ؛ فصلاته تامة؛ لأنه لم يُكَلِّفْهُ اللَّه تعالى معرفة ما في قلوب الناس وقَد قَال - عليه السلام - «لَمْ أُبْعَثْ لِأَشُقَّ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَإِنَّمَا كُلِّفْنَا ظَاهِرَ أَمْرِهِمْ» فأُمرنا إذا حضرت الصلاة أن يؤمَنا بعضنا في ظاهر أمره فمن فعل ذلك فَقَدْ صلى كما أمر. انتهى.
هذا ماذهب إليه الإمام ابن حزم رحمه الله، ومعلوم منهج الامام ابن حزم في الأخذ بظواهر النصوص والجمود عليها وتعطيله الشاذ لأصل القياس الذي يتفرع عنه عدد كبير من المسائل الفقهية، ونحن نسلم له أن من صلى خلف إمام نجهل حاله فلاحرج في ذلك، أما وبعد أن تغير الحال من جهل إلى علم فلا بد والحالة هاته أن يتغير الحكم بناء معرفة يقينية تامة.
وقال الرافعي: ولو ظنه مسلما ، فبان كافرا يتظاهر بكفره كاليهودي ، وجب القضاء . وإن كان يخفيه ويظهر الإسلام ، كالزنديق ، والمرتد ، لم يجب القضاء على الأصح.
وقد ناقش الإمام النووي في كتابه المنهاج ماذهب إليه العلامة الرافعي وكلاهما من الشافعية وسنأتي لبيانه.
وفصل بعض من الشافعية في المسألة، ورأوا أنه إن كان هذا الإمام معلنا بكفره وجبت الإعادة لأن هذا لا يخفى، وإن كان مستسرا بكفره لم تجب الإعادة لأن هذا مما يخفى، كمن صلى خلف من لا يعلم كونه محدثا- أي على غير وضوء- ثم بان كون الإمام محدثا، فإنه لا تجب عليه الإعادة لأن هذا مما يخفى، وهذا التفصيل قول للشافعية، وإن كان خلاف ما رجحه النووي رحمه الله في المنهاج وهو شافعي أيضا.
هذه مجموع الأقوال التي استند إليها من قال بعدم وجوب الإعادة على من صلى خلف كافر دون العلم بحاله، ولا بد أن نشير هنا إلى أنه قول في حق من ثبث عدم تفريطه في البحث عن معرفة حال الإمام، أما إذا ثبت تفريط الجماعة المأمومة في البحث عن حال الإمام فإنها تعيد الصلاة قولا واحدا لحصول التفريط منهم .

القول الثاني: وجوب إعادة الصلاة
وهو ماذهب إليه علماء المذهب المالكي، مذهب المغرب الأقصى، وقالو ببطلان الصلاة خلف من ثبت كفره، أو نفاقه، أو كونه جاحدا لفرضية الصلاة مستهزئا بها وبمن يؤمهم من المسلمين، سواء كان له اعتقاد بدين آخر أو كان لا دينيا..
وسنعرض إلى جملة من أقوالهم.
قال الشيخ "خليل" الفقيه المالكي في مختصره الفصيح والدقيق،قال رحمه الله "وبطلت باقتداء بمن بان كافرا..." أي أنها تبطل مطلقا. قال أبو عبد الله المواق المالكي في كتابه التاج والإكليل لمختصر خليل نقلا عن الإمام المازري " الفقهاء كلهم مجمعون على بطلان صلاة من صلى مؤتما بكافر، وإن كان لم يعلم بكفره كالحاكم بشهادة كافر ينقض حكمه ولم يعذر بخلاف ما إذا حكم بشهادة غير عدل فإنه معذور ولا ينقض حكمه وتردد بعض أصحابنا في الزنديق.انتهى قوله.
ووافقه على ذلك أيضا الشيخ " الدردير" وهو من أقطاب السادة المالكية قال رحمه الله "بان كفره فيها أو بعدها" أي أن الصلاة تبطل سواء بان عدم إيمان الإمام أثناء الصلاة كأن يسقط من جيبه صليب أو أن يسمع في سجوده دعاء على المسلمين، أو بان كفره بعد الصلاة سواء بقول أو بفعل.
وقال العلامة " الصاوي " من المالكية أيضا في حاشيته عبر الشرح الصغير: وشرطه -أي الإمام- إسلام فلا تصح خلف كافر ولو لم يعلم بكفره حال الاقتداء". أي حتى لو تم العلم به بعد الاقتداء به في الصلاة فإن المأموم يعيد وجوبا.
ونقل الإمام " الدسوقي " وهو مالكي أيضا البطلان مطلقا في أحد أقواله، وقال أنه من سماع يحيى وقول ابن القاسم وروايته. وابن القاسم هذا من أفذاذ المذهب المالكي وحامل لوائه، صاحب الإمام مالك رحمه الله.
بل إن "ابن حبيب" وهو من علماء المالكية أيضا قال " تجب إعادة الصلاة على من صلى خلف شارب الخمر مطلقا ناهيك عن من صلى وراء من يصلي تقية. قال رحمه الله " من صلى خلف شارب الخمر أعاد أبدا إلا أن يكون الوالي الذي تؤدي إليه الطاعة، فلا إعادة عليه إلا أن يكون سكران حينئذ قاله من لقيت من أصحاب مالك انتهى. بالمعنى من التوضيح"

فمن صلى خلف إمام يعلم كفره أو يعلم كونه محدثا، لم تصح صلاته ووجبت عليه الإعادة بلا شك، وأما من علم بكفره بعد الصلاة فتجب عليه الإعادة كذلك عند جمهور العلماء، سواء كان الإمام معلنا بكفره أو مخفيا له وهو مذهب السادة المالكية كما تقرر معنا آنفا.
جاء في الروض مع حاشيته: لا تصح -أي الصلاة- خلف كافر سواء كان أصليًا أو مرتدا، وسواء كان كفره ببدعة أو غيرها، ولو أسره فإنها لا تصح لنفسه، فلا تصح لغيره. انتهى.
مذهب بطلان الصلاة لمن صلى خلف كافر أو من في حكمه ليس قول للمالكية فقط، بل وافقهم في ذلك جماعة من فقهاء الشافعية أيضا، قال الإمام "شهاب الدين الرملي" في كتابه "نهاية المحتاج" (ولو) (بان إمامه) بعد الصلاة على خلاف ظنه (امرأة) أو خنثى أو مجنونا (أو كافرا معلنا) كفره كذمي (قيل أو) بان كافرا (مخفيا) كفره كزنديق (وجبت الإعادة) ؛ لأنه مقصر بترك البحث.
وقال الإمام "النووي" كبير الشافعية في كتابه المنهاج، أن الذي الذي صححه الجمهور ، وجوب القضاء . وممن صححه الشيخ أبو حامد ، والمحاملي ، والقاضي أبو الطيب، والشيخ نصر المقدسي ، وصاحبا ( الحاوي ) و ( العدة ) وغيرهم ونقله الشيخ أبو حامد عن نص الشافعي - رضي الله عنه . قال صاحب ( الحاوي ) : وهو مذهب الشافعي وعامة أصحابه روضة الطالبين للنووي.

قال " شهاب الدين الرملي " وهو شافعي، في نهاية المحتاج: (ولو) (بان إمامه) بعد الصلاة على خلاف ظنه (امرأة) أو خنثى أو مجنونا (أو كافرا معلنا) كفره كذمي (قيل أو) بان كافرا (مخفيا) كفره كزنديق (وجبت الإعادة) ؛ لأنه مقصر بترك البحث. وإليه ذهب ابن قدامة رحمه الله أيضا.
وعليه نكون بسوقنا لهاته الأدلة الشافية الكافية قد حررنا القول في نازلة " الفقيه حينها " السيد إلياس العماري، معتمدين في ذلك على ما أقره المذهب المالكي مذهب المغاربة، ومستانسين بماذهب إليه جماعة من علماء المذاهب الأخرى، وبذلك نقول بوجوب إعادة صلاة كل من صلى وراء السيد إلياس العماري الذي أقر بلسانه أنه كان يصلي بالناس تقية. وهو القول الأحوط والأبرأ للذمة، حفظا للدين وإبراء لذمة المسلم وهو دين باق لله تعالى، ودين الله تعالى أحق أن يقضى، وحتى وإن كان في ذلك كلفة ومشقة فإنه لا يسقط أبدا، والتكليف إنما سمي تكليفا لما فيه من الكلفة والمشقة، وليقض من كان حاله ما حررناه في كل يوم ما يقدر عليه من الصلوات. أو أن يصلي كل يوم صبحين وظهرين وعصرين ومغربين وعشاءين، إلى حين انتهاء المدة التي صلي بهم فيها تقة. أما من مات على حال جهله فلا إثم عليه. والله تعالى أعلى وأعلم وأعز وأكرم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.