على بعد يومين فقط من تتويج ملك المغرب محمد السادس بجائزة "التميز الرياضي" برسم سنة 2022، التي منحه إياها الاتحاد الإفريقي لكرة القدم وتسلمها بالنيابة عنه وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، شكيب بنموسى، يوم الثلاثاء 14 مارس 2023 في حفل بهيج أقيم على هامش أشغال مؤتمر الفيفا 73 لكرة القدم بالعاصمة الرواندية كيغالي، عرفانا بما يسديه من جليل الخدمات ويبذله من جهود في سبيل دعم الشباب والنهوض بالرياضة عامة وكرة القدم خاصة في المغرب وإفريقيا. وعلى الدخول أيضا في غمار التحدي للمرة السادسة من خلال الإعلان في ذات المناسبة عبر الرسالة الملكية السامية التي تلاها الوزير بنموسى عن انضمام المغرب لإسبانيا والبرتغال في الترشح لاستضافة كأس العالم 2030، في ملف ثلاثي مشترك يعد هو الأول من نوعه في تاريخ كرة القدم العالمية، من حيث الربط بين إفريقيا وأوروبا، وبين شمال البحر الأبيض المتوسط وجنوبه، وبين القارة الإفريقية والعالم العربي والفضاء الأورومتوسطي، مما قد يجعل منه ملفا متكاملا ويتوفر على كل مقومات النجاح. سارع النظام العسكري الجزائري الحاقد يوم الخميس 16 مارس 2023 إلى إجراء تعديل حكومي شمل عددا من الوزارات، ونكاد نجزم أن الأمر لم يكن مجرد صدفة بقدر ما كان مخططا له من ذي قبل، في محاولة يائسة للتغطية عن الحدثين الرياضيين البارزين ولاسيما في ظل الصراع القائم بين الجزائر والمغرب حول تنظيم بطولة كأس أمم إفريقيا برسم سنة 2025. حيث أقدم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون على تعيين أحمد عطاف وزيرا للشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، خلفا لرمطان لعمامرة المثير للجدل والسخرية على منصات التواصل الاجتماعي... فالعصابة الحاكمة في الجزائر كانت كما لو أنها تلقت ضربة موجعة على الرأس، وهي تتابع من بعيد حفل تتويج عاهل المغرب بتلك الجائزة الشرفية من قبل رئيس "الكاف" الجنوب إفريقي "باتريس موتسيبي" والإعلان عن الترشح لاحتضان كأس العالم بمعية إسبانيا والبرتغال، وحتى لا تظل الآلة الإعلامية معطلة، اختارت لها الاشتغال مؤقتا بموضوع التعديل الوزاري، عسى أن يساعدها ذلك في مواصلة إلهاء الشعب الجزائري عن همومه وقضاياه الأساسية. حيث أنه وإثر الإخفاقات المتوالية على المستوى الدبلوماسي مقارنة مع ما ظل المغرب يراكمه تحت قيادة ملكه المفدى الذي يحظى بسمعة طيبة من نجاحات في الدفاع عن عدالة ملف الصحراء المغربية، اضطر كبار العصابة إلى إجبار الرئيس الصوري عبد المجيد تبون على تحريك "بيادق" الحكومة. وهكذا وقع الاختيار على إعادة أحمد عطاف البالغ من العمر 70 سنة لمنصبه القديم وزيرا للخارجية، الذي كان يشغله قبل عشرين سنة. وهو أحد مهندسي إغلاق الحدود الترابية مع المغرب عام 1994، حيث يعتبر من بين أبرز المناوئين للمغرب، وقاد الدبلوماسية الجزائرية مدة ثلاث سنوات من 1996 إلى 1999 في الفترة التي كانت فيها الجزائر تعرف أزمة أمنية خانقة أو ما سمي بالعشرية السوداء، عندما شكل الجيش الجزائري فيالق الموت السرية من ضباط وعملاء ومخبرين، للقيام بمجازر أدت إلى قتل زهاء 250 ألف شخص من الجزائريين، وهو الحدث المأساوي الذي ألفت حوله كتب بجميع اللغات، دون أن تحرك المنظمات الحقوقية الدولية ساكنا أو تطالب بكشف الحقيقة. فالتعديل الحكومي ليس هو الأول من نوعه في عهد تبون، إذ سبقته تعديلات أخرى بدون جدوى، مما يؤكد أن العصابة تعيش أحلك أيامها في ظل الاختراقات التي حققها المغرب على المستوى الإفريقي والدولي، ولاسيما أن استقدام رمطان لعمامرة لم يؤت أكله واصطدم بقوة الدبلوماسية الملكية المغربية، فهل سيكون خلفه أحمد عطاف قادرا على إخراج الجزائر من ورطتها، أمام الانفتاح الذي حققه المغرب في السنوات الأخيرة، ولاسيما بعد اعتراف الولاياتالمتحدةالأمريكية بمغربية الصحراء؟ من هنا يتضح أن هناك بونا شاسعا بين النظامين الجزائري والمغربي، إذ خلافا للأول الذي يكرس كل جهوده وينفق عائدات النفط والغاز على استفزاز المغرب ومعاكسة وحدته الترابية، والاستمرار في دعم "جمهورية الوهم" لأزيد من خمسة عقود دبلوماسيا وعبر تزويدها بالعتاد الحربي والتدريب العسكري، تاركا ثلثي المواطنين يئنون تحت وطأة الفقر المدقع، واضطرار الملايين إلى الوقوف لساعات في طوابير للحصول على بعض المواد الغذائية الأساسية. فإن الثاني منهمك فيما يعود بالنفع على الوطن والمواطنين، وأنه إلى جانب سعيه الدؤوب إلى إنهاء النزاع المفتعل حول صحرائه، يحرص المغرب على القيام بالإصلاحات الكبرى وتفعيل الأوراش والمشاريع التنموية المهيكلة التي أطلقت بمبادرة وإشراف الملك، الذي يبذل قصارى جهده في اتجاه الارتقاء بمستوى المملكة على عدة مستويات سياسية واقتصادية واجتماعية وحقوقية ورياضية... إننا وبعد كل هذا الكم من الكره الجزائري غير المبرر، تأكد لنا استحالة تحقيق ذلك الحلم الجميل بإعادة الروح إلى اتحاد المغرب العربي، الذي تبلورت فكرة تأسيسه في أول مؤتمر للأحزاب المغاربية كان قد انعقد في مدينة طنجة من 28 إلى 30 أبريل 1958 والذي كان يهدف إلى توحيد الجهود للنهوض بالمنطقة اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، وبتنا مقتنعين بأن النظام العسكري الجزائري سيظل أبد الدهر معزولا في الزاوية الضيقة وحبيس عناده المزمن، ولن يجديه في شيء تغيير رؤساء الجمهورية والتعديلات الوزارية، كما لن يكون قادرا على بلوغ أهدافه وتحقيق أطماعه.