حسنا صنع المغرب بالإعلان عن استعداده استقبال مبعوث الرئاسة الجزائرية لتسليم السلطات المغربية دعوة الحضور الى القمة العربية، المقررة مطلع نوفمبر المقبل، وذلك بانتظار مساعي الساعات الاخيرة علها تنبثق عن (اختراق) ولو بسيط، كأن تعلن الجزائر عن فتح مجالها الجوي أمام الطيران المدني المغربي، كخطوة( ودية )، و(رمزية )، قد تحفز صانع القرار في المغرب على إعلان حضوره، وربما رفع تمثيليته في القمة إلى أعلى مستوى، مثلما قد تحفز أيضا قادة عرب لم يحسموا بعد حجم ومستوى تمثيلتهم، وقد تحفزهم هذه الخطوة في حال اتخاذها على رفع مستوى تمثيليتهم، ما قد يفتح آفاق متفائلة بإمكانية حصول (توافقات) داخل القمة، أو على هامشها، وبالتالي إنقاذها من مهددات الفشل التي تتربص بها. ويحبذ أن تأتي الخطوة الجزائرية قبيل، أو بتزامن مع زيارة المبعوث الجزائري الى المغرب، لكي تؤتي ثمارها المفترضة، لأن قبول المغرب استقبال المبعوث الجزائري، وإن انطوى على إمكانية حضور المغرب الى القمة، بحسب مراقبين، فإنه ترك الباب مواربا أمام أكثر من احتمال، سواء بالحضور، ومستواه وحجمه، أو حتى بعدم الحضور في حال قدرت الرباط ذلك، أو صدر من الجزائر ما يخل ب "التوافقات" التي قد يكون تم إقرارها في إطار لقاءات وزراء خارجية الجامعة العربية الأخيرة، أوعبر وساطات عربية. لذا، فإن كل شيء مرتهن بالإشارات التي سترسلها الجزائر في غضون الاسابيع المقبلة، وحَسْبُ المغرب أنه عبر عن حسن نيته باستقبال المبعوث الجزائري، بما أعاد الكرة إلى مرمى الجزائر، التي يتعين عليها إثبات حسن نيتها بترجمة شعار (لم الشمل العربي)، الذي رفعته عنوانا للقمة المفترضة، و ذلك عبر المزيد من (الإشارات) و (الرسائل) و المواقف الدالة. إن حديث بعض وسائل الاعلام الجزائرية عن كون الدعوة الجزائرية اختبار/تحد لنوايا المغرب بالمصالحة، ليس هذا سياقها، فالدعوة الموجهة إلى المغرب، تأتي في سياق الجامعة العربية، والبلد المستضيف للقمة ملزم وفق المقتضيات المنظمة للقمم العربية بتوجيه الدعوات إلى جميع أعضاء الجامعة، ولكن إن أرادت الجزائر أن تجعل من مناسبة احتضانها للقمة العربية سياقا لاختبار نوايا المغرب بالمصالحة، فيلزمها أن تردف دعوتها له بالمشاركة في القمة العربية بإجراءات معبرة تخفف بها من حدة الاحتقان والقطيعة القائمة بين البلدين، وأقل هذه الإجراءات فتح مجالها الجوي أمام الطيران المغربي. اذن، فالجزائر هي من توجد في وضع الاختبار إزاء النوايا المعلن عنها من جانبها، وهي من وضعت نفسها في هذا "المأزق"، ويتعين عليها أن تثبت للرأي العام العربي انها فعلا معنية بمبادئ العمل العربي المشترك، وعلى رأس هذه المبادئ احترام استقلال وسيادة الدول المدرجة في جامعة الدول العربية التي تشكل وعاء العمل العربي المشترك، والاعتراف بحدود الدول الاعضاء في الجامعة، والمحافظة على أمن المنطقة العربية وسلامتها في مختلف المجالات، والعمل على ترسيخ مبادى التعاون والتضامن والوحدة.. ولاشك أن إعلان الدول العربية، بل معظم الدول العربية، بما فيها المغرب علىعن المشاركة في القمة إمعان في تمحيص نوايا الجزائر واختبار جديتها.. وأمام الاختبار يعز المرء أو يهان !