صوته ونس في الوحدة و الحزن، طبطبة و حنية في الغربة و اوقات الشجن، صوت حنون يتسلل الى القلب ليمتلكه، إنه عبدالحليم حافظ الصوت الخالد في تاريخ الفن المصري. بالرغم من أن حياته تمتاز بطابع درامي منذ ولادته الى وفاته، إلا أنه هو ذلك المطرب الذي استطاع نشر الحب و الرومانسية بأغانيه، كما استطاع أيضا توحيد الدول العربية بإحساسه الممزوج بالشجن و الحب والجمال، استطاع أيضا الحفاظ على هذه الشعبية الجماهيرية العريضة بالرغم من وفاته.
حليم، بالنسبة لنا ليس مطربا مصريا، بل هو متجنس بكل الجنسيات العربية، ابداعاته الخالدة و روحه الطيبة الوديعة منحته جوازا يتجول به في قلوب الشعوب العربية، إنه حالة فريدة لم و لن تتكرر، عاصر زمنا يقدر الفن و يحترمه، ذكاؤه و انتقاؤه للكلمة و اللحن جعله يعتلي عرش الغناء الى اليوم.
لم يكسب عبد الحليم قلوب الجمهور العادي فقط، جمهوره شمل أيضا الملوك و الرؤساء، حيث جمعته علاقة خاصة بالملك الراحل الحسن الثاني الذي كان شديد الإهتمام بالفن والفنانين وخصوصا المصريين منهم لذلك ربطته علاقة قوية بحليم، فأهداه أغنية من أروع الأغاني " الماء والخضرة و الوجه الحسن".
زار حليم المغرب عدة مرات، لكن زيارته سنة 1971، كانت بالنسبة له الأكثر إثارة، علاقته المميزة بالملك جعلته ضمن المدعوين لعيد ميلاده وتصادف وجوده انذاك بحدوث محاولة انقلاب قام بها مجموعة من الضباط و التي باءت بالفشل، و لما طالبت هذه المجموعة من حليم القاء بيان الانقلاب بصوته في الإذاعة الوطنية المغربية حيث كان يتواجد بالإذاعة لتسجيل اغنية، رفض حليم القيام بذلك رغم التهديدات، و اصر بعد ذلك على البقاء بالمملكة المغربية لمدة أطول للاطمئنان على الملك الراحل الحسن الثاني.
مذكرات عبد الحليم معشوق الجماهير كثيرة منها الحزين و منها المفرح، فنان أدخل الفرح و الحب لسنوات طويلة، سيظل خالدا في قلوبنا كما سيظل رمزا عظيما من رموز مصر العظيمة.