افتتاح الدورة التشريعية يتصدره دوما خطاب ملكي موجه لعموم الأمة ، وهي بداية موسم لمعالجة قضايا المجتمع، يوجه الخطاب بشكل مباشر لممثلي الأمة، ما يشار إليه هنا أن رسالة الخطاب الملكي الأولى وجهت الى الضمير الإنساني للتذكير قصد الالتزام أن ثقة الناخب في ممثلي الأمة ليست هدفا مقصودا في حد ذاته، وانما هو مدى الوفاء بالأمانة الملقاة على عاتق من كلفوا تكليف تشريف للقيام بمهامهم، وانجاز مسؤولياتهم تجاه من وضعوا فيهم الثقة لايصال انشغالاتهم وقضاء وتسهيل مصالح المواطن الذي انتخبهم، هنا نتحدث عن مبدأ أصيل هو المعين في تحقيق نهضة الأمة هو الإجابة عن سؤال يطرحه من يريد تمثيل الأمة، هل لدي الكفاءة لأستحق تمثيل افراد من الأمة للقيام بالأمانة العظمى؟ يقول صاحب الجلالة نصره الله: " فإن تمثيل المواطنين أمانة عظمى على المنتخبين والأحزاب أو من خلال العمل على الاستجابة لانشغالاتهم الملحة". هنا نقف على معطى أساسي أن العملية التي تكون بين الناخب والمنتخب تدخل ضمن التعاقد الاجتماعي قبل أن يوثق في صورته القانونية؛ ففي نظريات علم الاجتماع أن التعايش الاجتماعي وتحقيق السلم والأمن يكون باحترام الالتزامات بين الأطراف المتعاقدة من حقوق وواجبات وإلا حدث عند انعدام الالتزام حدوث شروخات وأزمات اجتماعية تتمظهر اولا بارتفاع نسب الجريمة الى حال الاختناق الاجتماعي في اعلى صوره، ما على ممثل الأمة خاصة والأحزاب بصفة عامة الانتباه الى أن المواطن ما عاد يثق بمن انتخبه بالشكل الغالب وليس بالقطع الكلي، وأن أصواتا تصدع بالقول أن ممثل الأمة لا يمثل إلا نفسه والتشريع لضمان مصلحته مثاله المطلب الشعبي بالدعوة لتخلى عن تقاعد برلماني الأمة وتصريف هذه الأموال الى التوظيف الاستثماري قصد تشغيل الشباب واحداث البنى التعليمية وغيرها من المصالح العامة. فهذا المطلب ان انجز وغيره كتقليص راتب البرلماني ستكون اشارات ذات دلالة على بداية المصالحة بين الناخب والمنتخب في وقت المخاصمة التي أصبحت بين الناخب والمنتخب، فهناك فئة تطمع الى خدمة المواطن وهي التي أشير اليها في الخطاب:" أوجه رسالة للذين لم يتفوقوا في هذه الانتخابات ، فعليهم ألا يفقدوا الأمل ، ...وعليهم أن ينتبهوا أن المغاربة أصبحوا أكثر نضجا في التعامل مع الانتخابات، وأكثر صرامة في محاسبة المنتخبين على حصيلة عملهم". يقول نيتشه :" عندما نتحدث نكون أصحاب مبادئ، وعندما نعمل نكون أصحاب مصالح". هذه هي الفئة التي على المواطن أن ينتبه اليها، فما السبيل الى أن نجد من يطابق قوله عمله، ويؤدي الأمانة فهي الضمانة، كل من تراه متلهفا متسابقا على أن ينتخب ويرشي ويشتري ذمم الناس فهذا لا يعول عليه، كان الاوفياء تعرض عليهم المسؤولية ولا يقبلونها حتى كانت جماعة الناس تلح عليهم في تولى مهام الدولة. بين الخطاب حقيقة الديمقراطية كسلوك وفعل سياسي يقتضي التناوب في التسيير والتدبيير لا حداث وصنع قوة فكرية تبتكر لأن الرتابة وبقاء الفرد في مهام محددة يقتل فيه دينامية الابداع والركون الى الجمود. وفي اشارت صاحب الجلالة لمفهوم الديمقراطية أشاد بالمشاركة الفاعلة لساكنة الاقاليم الجنوبية، وأن القلة التي نصبت نفسها من المرتزقة سواء بالخارج أو بالداخل لا يمثلون إلا أنفسهم، والحق والحقيقة وليس الوهم الذي يروج له أعداء الوحدة الوطنية سواء بالداخل أو بالخارج أن دعاوى وشعارات الديمقراطية تمارس على أرض الواقع بالصحراء المغربية. لقد كان الخطاب واضح حول نقطة مركزية وهي خدمة الصالح العام وآن الأوان الى نبد المزايدات والمصالح الحزبية، وعلى الجميع أن ينصت لألم المواطن وينشغل بقضاياه فالأكيد أن المواطن نضج وأصبح واعيا أن ممثل الأمة الذي انتخبه بقصد رعاية انشغالته من عطالة أو بطالة وعلاج آهات مرض أو أعانة عوز عليه بالالتزام وليس بنسج الأوهام.
لينتهي الخطاب الى حتمية مفادها أن التوافق الايجابي والذي يعني النقاش والحوار بقصد تحقيق الغايات والاهذاف النبيلة لبلوغ العيش الكريم للمواطن وتنمية الوطن وتوحيد الصفوف في وجه المرتزقة ومن يرمي الى تفكيك الوحدة وغرس بذور التشكيك في الاوفياء والمخلصين لزعزعة الاستقرار والأمن.