يعتبر مجال التربية والتعليم في المغرب إضافة إلى مجال الصحة، أحد المجالات التي يرى فيها بعض الموتى السياسيين أنها مجالات عقيمة لا تنتج شيئا، بل هي فقط مجرد مجالات لتبذير المال العام وإثقال كاهل الدولة، والغريب في الأمر أن هؤلاء الحمقى لم يتوقفوا عن هذا الحد بل طالبوا من الدولة رفع يدها عن هذين القطاعين وبيعهما للقطاع الخاص، لكن حبل النفاق والكذب قصير؛ فلم يزل هؤلاء يتوهمون ويحلمون بتحقيق أمانيهم ومخططاتهم البئيسة حتى أصيب العالم بجائحة كذبت زعمهم وكشفت كل الأكاذيب والأباطيل التي كانوا يتذرعون بها؛ إذ لم يجد العالم بأسره من يقف في الصفوف الأمامية لمحاربة هذا الوباء سوى نساء ورجال الصحة الذين غامروا بصحتهم وأرواحهم في سبيل إنقاذ أرواح الآخرين، إضافة إلى عمال النظافة ورجال الأمن بمختلف تلاوينهم… وفي عز الأزمة سطع نجم المعدن الحقيقي لنساء ورجال التعليم؛ إذ بمجرد إعلان الوزارة الوصية توقف الدراسة يوم 16 مارس 2020، ورغم غياب نص قانوني يؤطر عملية التعليم عن بعد، انخرطت جميع الأطر التربوية والإدارية والتقنية والتوجيهية بما تقتضيه المرحلة من روح التضحية والتضامن، انخرطت في تقديم الدروس وحصص الدعم لفائدة التلاميذ والطلبة في مختلف المستويات والتخصصات…
ورغم كون عملية التعليم عن بعد تتطلب على الأقل توفر الأستاذ(ة) على معدات لوجستية من حاسوب محمول وصبيب كاف من الإنترنيت، لم يتوان الأساتذة في توفير هذه المستلزمات من مالهم الخاص ومباشرة عملية التعليم عن بعد بكل جدية وتفان وإخلاص.
وبدل أن تقابل الحكومة الجهود المبذولة من طرف نساء ورجال التعليم بنوع من التشجيع والتحفيز أو على الأقل الوفاء بالوعود التي التزمت بها، يخرج رئيس الحكومة بقرار صادم، مفاده تجميد كل الترقيات في مختلف السلالم والدرجات إلى أجل غير مسمى.
ويعتبر المعنيون من موظفي وزارة التربية الوطنية بملف الترقية بالشهادة وتغيير الإطار أكبر المتضررين من قرار رئيس الحكومة؛ إذ تم الاتفاق بين النقابات التعليمية والوزارة الوصية يوم 2 يناير 2020 بالرباط على إصدار مرسوم تعديلي لحلحلة الملف، لكن ستة أشهر التي مرت على هذا الاتفاق لم تكن كافية لإصدار هذا المرسوم، الأمر الذي ينذر عما قريب بخروج المعنيين للاحتجاج من جديد.