الأكيد أن للإعلام أدوار متعددة بحكم الثورة التكنولوجية التي تزداد أهميتها في المجتمعات بمختلف دول العالم يوما بعد آخر، فقد أصبح الأعلام والتواصل جزءا من من الحياة العامة، والحديث هنا الإعلام الحربي، أو إعلام الحرب النفسية، أو إعلام إدارة الأزمات، أو الإعلام في زمن المحن العامة كفترات الأوبئة، والذي نخوض غمار تجربته اليوم بحكم تفشي جائحة كورونا، والتي تستوجب من الجميع أولا اخذ الحيطة والحذر والتزام البيوت وتجنب التجمعات البشرية ومنا على وجه التحديد كإعلاميين خلق المادة الإعلامية المستقطبة لأكبر شريحة من الجمهور المستهدف وتوجيهه وتوعيته وجعله يواكب الحدث كل من موقعه. فدور الإعلام هو من أخطر الأدوار المشكلة لأنماط السلوك الإنساني مقابل تهميش أنماط أخرى من خلال لغة الصورة ورموزها فالولايات المتحدةالأمريكية مثلا، أدركت أهمية قطاع الإعلام والاتصال للسيطرة على ما أسمته ب "مجتمع الإعلام"، واعتبرته مجالاً استراتيجياً للحفاظ على نفوذها في العالم، وكمثال على ذلك الحرب العالمية الثانية، حيث كان للمذياع دور فاعل كوسيلة دعائية حينها، أما خلال حرب الفيتنام، فقد اعتمدت على أدوار التلفزيون اعتمادا أساسيا، لكن في حرب الخليج الثانية فقد اعتمدت على ثورة الفضائيات التلفزيونية. وكما يقول ناعوم تشومسكي في كتابه "السيطرة على الإعلام" أن أول عملية دعائية حكومية في العصر الحديث جاءت إبان إدارة الرئيس " ويلسون" والتي حقق خلالها حشدا جماهيريا تأييدا لمخططاته خلال الحرب العالمية الأولى. واليوم يعيش العالم على الدور الكبير للفضائيات والإنترنت، ومحاولة توظيفهما التوظيف الأمثل لمواجهة فيروس كورونا المستجد، فماهو الإعلام الحربي، وماهي تقنياته، والأسس التي يمكن أن ينبني عليها؟ الإعلام الحربي حالة "جائحة كورونا" يأخذ أوجها متعددة، وقد جاء بالأساس لخدمة مصالح الدولة والمجتمع خلال حربهما ضد عدو مجهري أصغر من أن تراه العين المجردة، لكنه فتاك ليصنف الأخطر على وجه الأرض، بما يستدعي توظيف الجهود الإعلامية لمحاربة الوباء، من خلال التوعية بمخاطره والحد من انتشارها، وتيسير طرق الوقاية منه، وتبسيطها لجمهور الإعلام المتلقي، بالشكل الذي يجعل إعلام الحرب في هذه الحالة بالضبط، إعلاما كونيا موحدا ضد عدو وحيد وموحد، وهو الكائن المجهري المتمثل في فيروس كورونا المستجد آو كما يسميه آخرون كوفيد 19، كما أن تقنيات الكتابة الإعلامية في هذه الحالة لا يمكن أن تخرج عن شروط موحدة ومحددة، وهي شروط يعتمد من خلالها الصحفي التقيد بالمصادر الموثوقة، والتي تكون هنا على شكل بلاغات رسمية، وتصريحات لمسؤولين حكوميين، أو هيئات متخصصة، أو إحصائيات رسمية ، وموثوقة، وهو ما يسمى بالمادة الخام، التي يمكن للصحفي أو الإعلامي إن يجعلها مادة أساسية لمقالته، ويتسنى له تطويرها، واغتناؤها، سواء باستسقاء أراء المواطنين حولها، أو بالدعوة للتعبئة العامة ضد الجائحة، هذا مع اعتماد أسس الكتابة الصحفية المهنية التي تتوخى الموضوعية، والرصانة، والمصداقية في التعاطي مع الحدث، أو الخبر، أو المقال التحليلي، بالشكل الذي يسهم في إضفاء طابع تغليب المصلحة العامة على المصالح الخاصة، والذاتية، وبالطريقة التي تقطع الطريق على كل من تسول له نفسه الاصطياد في الماء العكر، واقتناص الفرص، لتحقيق منافع خاصة على حساب المنفعة العامة. * دكتورة في التواصل والإعلام ورئيسة المركز المغربي للدراسات والأبحاث في علوم الإعلام والتنمية