لم يكن صدور الفيلم "براءة المسلمين "الذي أنتجه مهاجرون قبطيون في الولاياتالمتحدةالأمريكية والذي جاء بهدف الإساءة لرسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم وإعطاء صورة مشوهة عن الإسلام والمسلمين إلا بداية عودة حملة الانتقام من الإسلام التي تظهر من حين لأخر . لم تكن هذه هي المرة التي يعلن فيها الغرب حملة ضد الرسول الكريم ،بل سبق أن تعرض لهجمة في كل المناسبات ،لكن على ما يبدو هذه المحاولات كثيرا ما تحدث أزمة بين الغرب والمسلمين وتعيد ذلك الصراع الذي غالبا ما يبادر إليه الغرب متجاهلا ما يظل يهلل له من حرية التعبير التي يجعلون منها هدفهم الأسمى . فالغرب غالبا ما يتجاهل أن هناك خطوط حمراء عند المسلمين لا يمكن تجاوزها ،وهذا ما شاهدناه ليلة عرض ذلك الفيلم من حرق للسفارة الأمريكية في ليبيا وحرق علمها في مصر،ثم السفارة الألمانية في السودان وقد تتطور الأمور إلى ما لا تحمد عقباه في الأيام المقبلة انتقاما من الغرب الذي أراد لهذه الفتنة أن تحيا من جديد. نحن هنا لسنا دعاة لإحراق السفارات ولسنا مع الاحتجاجات بتلك الطريقة التي تمت بها ولا مع قتل السفراء إلا أننا نفضل طرقا حضارية للتعبير عن الاستياء والغضب من كل فعل يمس الديانات والمقدسات كيفما كانت ومن تلك الحملات المغرضة التي ما فتئ الغرب يطلقها ضد المسلمين . فالغرب بالرغم من ادعائه احترام الأخر والدفاع عن الحريات العامة إلا أن ذلك مجرد شعارات يراد من خلالها تمويه العالم وإخفاء ذلك العداء الذي يكنه للمسلمين في كل أنحاء العالم والدليل هو ما نلاحظه من تضييق الخناق على المسلمين وتلفيق التهم لهم فتارة يتهمونهم بالإرهاب وتارة يتهمونهم بمتعطشي الدماء إلى ما هنالك من التهم التي هدفها زرع الفتنة لا غير. الغرب الآن يشاهد ما يقع من ردود فعل من طرف الشعوب الغاضبة والتي أعلنت غضبها على أمريكا وعلى مصالحها دون أن يعلن عن موقف شجاع مما يحدث مما يعني أن هذا الغرب الذي كان دائما يحمل شعار احترام الديانات والمقدسات هو الآخر شريك في حملات الهجوم على هذه الأخيرة. فالغرب دائما يتحدث عن حرية التعبير ويتجاهل أن هناك شيء أكبر من هذه الحرية ألا وهي احترام الديانات والرموز الدينية التي دائما ما يسبب صراعات وفتنة وعنف وهذا ما لا يقبله العالم الذي يسعى إلى التعايش وبناء دول تسود فيها علاقة الود والتسامح. ما يجب أن يعلمه الغرب هو أن مثل هذه الإساءات التي تطال نبي الإسلام هي عبارة عن بداية لنشر قيمه والتعريف بها عند من كان يجهل به و بالتعاليم التي جاء بها ،والدليل هو بعد الرسومات الكاريكاتورية التي صدرت عن صحف دانمركية والتي أدت بالبعض إلى البحث عن محمد وأخلاقه وبالتالي الدخول في الإسلام وهذا بلا شك يخدم مصلحة المسلمين لا غير،ونفس الشيء نتوقع أن يحدث بعد هذا الفيلم الذي لا يرقى إلى مستوى يمكن اعتباره فلما لكونه لا يحترم معايير ومقاييس الأفلام الراقية . من شاهد مقاطع ذلك الفيلم سيرى أنه مجرد فيلم منحط ساقط وبذئ لا يرقى إلى مستوى الفن ولا يتوفر على المعايير الفنية والأخلاقية التي يحتاجها أي عمل فني ،فهو مجرد تطاول على رموز المسلمين ومحاولة من منتجي ذلك الفيلم استفزاز مشاعر هؤلاء الملايين الذين رفضوا الاستسلام لمثل هذه الحملات المغرضة وعبروا عن غضبهم من تلك الأعمال وطالبوا بمحاكمة من قام بذلك الفعل أي كانت ديانته أو جنسيته . بعد الفعل غالبا ما ننتظر ردود أفعال والتي تكون في غالب الأحيان قوية خاصة من الطرف المعتدى عليه والتي لا تضمن الرد بطريقة حضارية كما هو الشأن مع تطورات ما وقع مع سفير الولاياتالمتحدةالأمريكية الذي قتل في ليبيا والذي كان ضحية أعمال عنف لم تكن لتعبر عن تعاليم الإسلام والتي نرفضها بشكل قاطع ونتمنى ألا تعاد مرة ثانية . يمكن اعتبار هذه الإساءات المتكررة لنبي الإسلام والهجوم عليه لديها مقاصد أخرى غير تلك التي يحددها ويلخصها الغرب في حرية التعبير فمثل هذه الإساءات إحياء للفتن واستهزاء بمشاعر الناس وإدخال العالم في صراعات ومتاهات لن يستطيع توقيفها . رسالتنا لأمريكا أولا وللغرب ثانية أن رسولنا الأعظم محمد صلى الله عله وسلم هومن المقدسات التي لا يمكن السماح لأحد بأن يتطاول عنها ولا يمكن بأي حال من الأحوال السكوت عن تلك الإساءات التي تصدر في حقه ،وان الأوان لهم أن يعرفوا أن الشعوب الإسلامية قد يتم استغلالها وقد يتم اضطهادها وقد يتم استعمار بلدانها ولكن مع ذلك فهي تقف مانعا ضد كل من يتطاول على رموزها الدينية ومستعدة للتضحية من أجل ذلك بالغالي والنفيس ،وليعلم الغرب أن زمن الاستسلام والجبن العربي والإسلامي قد ولى بعد سقوط الأنظمة العميلة التي كان تقدم ولائها للغرب دائما وجاء زمن الشعوب المنتفضة التي تؤمن بالحرية وترفض القيود ولا تعرف شيئا اسمه المستحيل