أي إعلان على مواقع التواصل الاجتماعي، يقدم مستخدمون كثر للشبكات الاجتماعية في المغرب عروضهم أمام الراغبين في الهجرة إلى أوروبا، وفي الغالب نحو إسبانيا. وبينما كانت الظاهرة محاطة بالكتمان والسرية صارت اليوم أمرا علنيا لا يُخفيه أصحاب العروض ولا المهتمين بهذه الرحلات والراغبين في الهجرة إلى "الفردوس الأوروبي" عن الأنظار. عدد من هؤلاء يتقاسمون معلوماتهم الخاصة بدءً من الاسم، فرقم الهاتف، إلى العنوان والخدمات أثناء الرحلة. والظاهر أن الأمر لم يتوقف عند التفاعل مع هذه العروض والتعليق المطول عليها، بل وصل حد الاتفاق على ثمن الرحلة، وتقاسم فيديوهات وصور لبعض المهاجرين غير الشرعيين الذين استعرضوا لقطات من رحلتهم وهم يركبون قوارب مطاطية وفي أحيان أخرى دراجات مائية. وبينما كان المغاربة لا يمثلون سوى 5 في المائة من المهاجرين السريين الذين يغادرون الشواطئ المغربية نحو إسبانيا في بداية العام الجاري حسب مرصد الشمال لحقوق الإنسان، وهو منظمة حقوقية غير حكومية بالمغرب. وصلت نسبتهم في الأيام الأخيرة إلى ما يناهز 20 في المائة من الهجرة السرية بين المغرب وإسبانيا، حسب ما ذكرته صحف إسبانية. "فيسبوك" في المقدمة مصطفى الخلفي الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، قال في لقاء صحافي يوم الخميس الماضي (13 سبتمبر/ أيلول 2018)، إن المغرب استطاع خلال عام 2018، إحباط 54 ألف محاولة وعملية تهجير سري للمواطنين، نحو أوروبا. إلا أن هذا لم يمنع من ارتفاع نسبة الشباب المغاربة ضمن مجموع المهاجرين السريين الذين يصلون إلى السواحل الإسبانية عن طريق "قوارب الموت". ويبدو أن "فيسبوك" استطاع أن يكون موقع التواصل الأكثر جذبا للراغبين في العبور إلى الضفة الأوروبية، حيث أُنشئت صفحات ومجموعات خاصة بعروض وطلبات الهجرة. حاولنا الدخول إلى بعض المجموعات السرية للاطلاع على المنشورات المعروضة، واكتشفنا أن العديد من أعضاء هذه المجموعات يقدمون عروضا للهجرة السرية مقابل 15000 درهم، وقد تصل أحيانا إلى 30000 درهم، أي ما يعادل 1500 إلى 3000 يورو تقريبا. وبما أن المجموعات سرية فلم نتمكن من تقاسم محتوياتها التي تُحجب على الصفحة باعتبارها سرية. لكن بعض المسربين نقلوا تدوينات لمهربين داخل هذه المجموعات ونشروها علناً. وبالرغم من تحذيرات وزارة الداخلية المغربية لصفحات مواقع التواصل الاجتماعي التي تنشر إعلانات عن الهجرة غير الشرعية عبر صفحاتها، إلا أن الظاهرة ما تزال مستمرة لحدود الساعة، وهو ما فسره محمود عبابو، المدون المغربي، في حديثه لDWعربية، بكونها تعبير احتجاجي عن الرغبة في الهروب من البطالة واليأس من طرف الشباب المغربي. من جهته، قال مروان هرماش، المتخصص المغربي في الشبكات الاجتماعية، في تصريح خص به DW عربية: "إن موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" وسيلة اتصال تسمح للشباب بالوصول لأهدافهم فيما يخص الهجرة نحو الفردوس الأوروبي". هرماش أكد أن خدمات الدخول إلى المعلومات المرتبطة بالهجرة غير الشرعية، واستخدام "تجار البشر" لها في التنسيق بينهم واستقطاب الشباب من خلاله، جعل "فيسبوك" يشهد إقبالا موازيا لتنامي الهجرة غير الشرعية بالبلد. في ذات السياق، اعتبر محمود اعبابو، أن المغاربة لجأوا إلى مواقع التواصل الاجتماعي وبالخصوص "فيسبوك"، لكونه سهل الاستعمال مقارنة مع "تويتر" مثلا. فضلا عن هذا، عزا السبب إلى كون دول شمال أفريقيا الأكثر استعمالا لهذا الموقع. من المسؤول عن هذه المنشورات؟ من يتحمل مسؤولية منشورات الهجرة غير الشرعية على مواقع التواصل الاجتماعي، ولماذا لم يحذفها موقع "فيسبوك"؟ الإجابة على هذا السؤال الذي شغل كثيرين، خاصة وأن المحتوى المعروض يشكل خطرا على حياة الشباب. ولعل صور ضحايا حاولوا سلك "طريق الموت" للوصول إلى "الجنة الأوروبية"، دليل على حجم هذه المأساة. في هذا الإطار، تحدث المتخصص في الشبكات الاجتماعية، مروان هرماش معتبرا أن التنسيق بين المغرب وأوروبا من أجل التواصل مع إدارة المواقع الاجتماعية، هو الحل لحجب البعض منها باعتبارها تنتشر على نطاق واسع. بالمقابل، قال الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، يوم الخميس الماضي (13 سبتبمر/ أيلول 2018) عقب انتهاء المجلس الحكومي الأسبوع الماضي، هناك ''التقاء في هذا المجال بين شبكات الهجرة السرية والاتجار في البشر والاتجار في المخدرات''، في إشارة منه إلى تحمل هذه الجهات لمسؤولية الهجرة غير الشرعية وانتشارها على مواقع التواصل الاجتماعي.
وعلى العكس من ذلك، قال محمود اعبابو: "نحن أمام لعب على الحبلين تمارسه السلطات، فمن جهة هناك غض طرف واضح وموجة الهجرة كبرت بسبب التساهل"، وأضاف: "ربما هي ورقة ضغط يستعملها المغرب ضد دول شمال حوض البحر المتوسط ، حسب قول بعض المحللين".