إفريقيا تُقصي الجزائر.. سقوط مدوٍّ في الاتحاد الإفريقي: فكيف أصبحت دولة منبوذة دبلوماسيًا؟    جمهورية الريف، السيبة والوطن    النفط يتراجع مع احتمال حل الأزمة الروسية الأوكرانية    الذهب يرتفع وسط مخاوف من حرب تجارية مع ترقب بيانات تضخم    الدار البيضاء.. توقف مؤقت لبضع ساعات لحركة السير بين بدالي سيدي معروف وعين الشق ليلة الخميس إلى الجمعة    كيف يستهدف النظام الجزائري بالمال والسلاح السيادة والاستقرار في مالي..؟    فرنسا.. انفجار قنبلة يدوية في حانة بمدينة غرونوبل يخلف عشرات الإصابات    تقدم باتجاه إنهاء أزمة الهدنة في غزة    حكام مغاربة يتسلمون شارات التحكيم الدولية الخاصة بفيفا    أبطال أوروبا.. البايرن وبنفيكا يقتربان من ثمن النهائي بفوز خارج الديار    اليسار يتهم رئيس جماعة أزيلال ب"إعدام" فريق لكرة القدم    بنيس: حركة المساندة الفلسطينية تقتصر على التعبئة ولا تملك بُعدا ثقافيا    سيرة ذاتية لقالب السكر: فلسفة الهدايا التي لا تذوب    ذكرى رحيل الشّاعر خُوسِّيه إمِيليُو باشِيكُو    تعزيز التعاون الثقافي بين الدار البيضاء وشنغهاي: لقاء مع وفد من متحف الصين للفنون    الصين: ارتفاع أرباح الشركات الكبرى لصناعة النسيج ب7,5 بالمائة في 2024    الصين: حوالي 2,11 مليون وحدة، اجمالي حجم انتاج سيارات الركاب في يناير    توقعات أحوال الطقس اليوم الخميس بالمغرب    قيوح يفتح تحقيقات في شريط فيديو يوثق تهور سائق حافلة ليلا في طريق وطنية    وهبي يعد بمحاسبة "جمعيات ثرية"    صندوق النقد الدولي يحث الحكومة على ضرورة توسيع قاعدة الضرائب    وزارة العدل تطمئن النقابات بخصوص العمل على تنزيل مضامين الاتفاقات    رمضان 2025 في المغرب .. إمساكية ومواقيت آذان الفجر والمغرب    دماء الشباب تُراق في طنجة: إلى متى يستمر هذا النزيف؟    جامعة كرة القدم تكرم أطر التحكيم    الشيبي يتألق بعد "مباراة الإيقاف"    يهود المغرب يحتفلون بهيلولة ربي إسحاق أبي حصيرة    الرئيس المصري والعاهل الأردني يبحثان تطورات القضية الفلسطينية    وزير الخارجية الجزائري يغادر أديس أبابا بخيبة أمل بعد فشل الجزائر في الحصول على مقعد في مجلس السلم والأمن الإفريقي    صحيفة العرب اللندنية تتحدث عن فضيحة الجزائر وصنيعتها بوليساريو: كيف فشل النظام الجزائري في استعادة عسكريين وانفصاليين قاتلوا في صفوف الأسد    توقف مؤقت لبضع ساعات لحركة السير بين بدالي سيدي معروف وعين الشق ليلة الخميس إلى الجمعة    بعد مليلية المحتلة.. مرور أول شاحنة بضائع عبر معبر سبتة    إدارة حموشي تفتتح دائرة أمنية جديدة بخريبكة    ترامب وبوتين يتفقان على البدء الفوري بمفاوضات لإنهاء الحرب في أوكرانيا    المغرب يسجل عجزا في الميزانية ب3.9 مليار درهم في بداية العام    الشرطة المغربية تعتقل كويتيا متورط في جرائم مالية واقتصادية    حادثة سير تقود إلى حجز كمية مهمة من الكوكايين والأقراص المهلوسة    تداولات البورصة تنتهي ب"الأخضر"    النقابات الصحية تستنكر تهريب الأنظمة الأساسية من النقاش والتوافق والتعيينات بدون مساطر    حركة "حماس" ترفض لغة التهديدات    مليلية تسجل حالات إصابة بالحصبة    منخفض جوي يقترب من المغرب وتوقعات بعودة الأمطار والثلوج    القاهرة تحتضن قرعة بطولتي الناشئين وسيدات الفوتسال المغرب 2025    المعهد الفرنسي بتطوان ينظم "ليلة الأفكار"    إبراهيم دياز يعود بقوة بعد الإصابة    بعد المغرب.. تفشي الحصبة "بوحمرون" في الولايات المتحدة الأمريكية    الدكتور عميريش مصطفى: التلقيح يعد الوسيلة الوحيدة والأكثر فعالية للوقاية من داء الحصبة    نصف المتوجين بجائزة الكتاب العربي من المغاربة    المفتش العام للقوات المسلحة الملكية ورئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات الأمريكية يشيدان بدينامية التعاون العسكري بين المغرب والولايات المتحدة    سبعة مغاربة وأردني ولبناني وسعودي ومصريان يفوزون بجوائز ابن بطوطة لأدب الرحلة 2024 – 2025    "دوزيم" الأكثر مشاهدة خلال 2024 وسهرة رأس السنة تسجل أعلى نسبة    إصابة عامل في مزرعة ألبان بولاية نيفادا الأمريكية بسلالة جديدة لإنفلونزا الطيور    الصحة العالمية: سنضطر إلى اتباع سياسة "شدّ الحزام" بعد قرار ترامب    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    الشيخ محمد فوزي الكركري يشارك في مؤتمر أكاديمي بجامعة إنديانا    والأرض صليب الفلسطيني وهو مسيحها..    جامعة شيكاغو تحتضن شيخ الزاوية الكركرية    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد هدنة قصيرة...كيف دخلت علاقة المغرب بإيران نفقاً مظلماً؟

"قرارنا ردّ فعل على التوّرط الإيراني الواضح في استهداف الأمن الوطني والمصالح العليا للمملكة المغربية، عبر دعم البوليساريو من خلال حزب الله"، يقول وزير الخارجية المغربية ناصر بوريطة، لتبرير قرار قطع المغرب لعلاقاته الديبلوماسية مع إيران، مستبعداً في التصريحات التي أدلى لها خلال ندوة صحفية، أيّ تأثير للتطوّرات الإقليمية والدولية.
تُعدّ هذه ثاني مرة يعلن فيها المغرب قطع العلاقات مع إيران خلال السنوات العشر الأخيرة، بعد خلاف وقع عام 2009 إثر دعم المغرب للبحرين في مواجهة إيران، وقد شنت الرباط، في العام ذاته، حملة واسعة ضد التشيع بالبلاد، اعتقلت من خلالها عدداً من الأشخاص.
وحول الأدلة التي تثبت "تورط حزب الله في دعم البوليساريو"، قال بوريطة إن التعاون بين الطرفين بدأ منذ مدة، لكن التطوّر الأبرز، وقع عند توقيف المغرب لرجل الأعمال اللبناني قاسم محمد تاج الدين، المقرب من حزب الله، عام 2017 بناء على مذكرة بحث دولية، وتسليمه للولايات المتحدة. تلى ذلك بحث حزب الله عن "الانتقام"، حسب وزير الخارجية المغربي، حيث "أرسل حزب الله خبراء عسكريين لتدريب عناصر البوليساريو بمنطقة تندوف، وسلّم إليهم شحنة أسلحة". و تحدث الوزير عن "تورط عضو في سفارة إيران بالجزائر، في تنظيم هذه العمليات وتسهيل الاتصالات، وعن وجود موافقة إيرانية على التعاون بين البوليساريو وحزب الله".
لكن حزب الله نفى ما وصفها ب"مزاعم المغرب" واعتبرها "اتهامات باطلة" تأتي "رضوخاً لضغوط أمريكية وإسرائيلية وسعودية"، متحدثا في بيان رسمي أنه كان على المغرب البحث عن حجة أكثر إقناعاً. من جهتها، تحدّتْ جبهة البوليساريو، عبر تصريح بموقعها الرسمي، الحكومة المغربية ب"تقديم أيّ دليل يدعم ادعاءاتها التي لا سند ولا أساس لها على الإطلاق". النفي ذاته أصدرته سفارة إيران بالجزائر، لافتة في بيان لها أن "الادعاءات المغربية كاذبة"، وأنها ملتزمة ب"ممارسة دورها القانوني والطبيعي في تعميق العلاقات بين إيران والجزائر".

صلح قصير وخلاف عميق

يكتنف الكثير من الغموض العلاقات الإيرانية مع جبهة البوليساريو، فقد سبق لإيران أن اعترفت ب"الجمهورية الصحراوية" التي تعلنها جبهة البوليساريو (غير معترف بها أمميا)، في سياق توتر مع المغرب بدأ مع استضافة هذا الأخير لشاه إيران المخلوع، محمد رضا بهلوي. ورغم أن إيران أعلنت لاحقا تجميد كل أشكال العلاقات مع "الجمهورية الصحراوية"، وعن دعمها لقرارات الأمم المتحدة في النزاع، إلّا أن الخبير كمال القصير، يشير في مقال نشر على موقع مركز الجزيرة للدراسات، إلى أن طهران استخدمت ورقة نزاع الصحراء حتى تقايض موقفاً مغربياً يساندها في قضية الجزر الثلاث التي تتنازع عليها مع الإمارات، وهو ما رفضته الرباط.
وتخطب جبهة البوليساريو ود إيران على الدوام، ومن ذلك إرسالها بشكل دوري لرسائل تهنئة تخصّ مناسبات رسمية إلى الرئيس الإيراني حسن روحاني. ويقول كمال القصير إن "صعوبة الخيارات المطروحة أمام إيران في التعامل مع قضية الصحراء تتمثل في معادلة التوفيق بين متطلبات الحفاظ على العلاقة بين كل من المغرب والجزائر في آن واحد، وبالتالي إنتاج سياسة أكثر توازنًا في منطقة المغرب العربي".
بالمقابل تملك إيران علاقات قوية مع الجزائر، إذ طوّر الطرفان شراكتهما وتجاوزا التوتر الذي نشب بينهما إبّان مرحلة العشرية السوداء، ممّا يجعل الرباط، التي تشهد علاقتها بالجزائر تردياً كبيراً، لا تنظر بعين الود إلى هذا التقارب الذي يأخذ طابعاً اقتصادياً وسياسيا. وبعيداً عن العلاقات الثنائية، يختلف المغرب مع إيران في الموضوع السوري، إذ لم تخف الرباط رغبتها برحيل نظام الأسد المدعوم من إيران، بينما أبقت الجزائر على علاقاتها معه.
وعلى الجانب الآخر، لم تظهر سابقاً أيّ مؤشرات على تقارب بين البوليساريو وحزب الله نتيجة التباعد الجغرافي واختلاف الأهداف السياسية. ويشير المحلل السياسي اللبناني، حسام مطر، إلى أنه لم تبرز أيّ دلائل على وجود علاقة بين الطرفين، إذ يقول لDW عربية: "الموضوع مُلفق بشكل كامل ويدخل في إطار رغبة مغربية بشيطنة البوليساريو لأجل خدمة أجندات سياسية". ويتابع مطر، أن حزب الله "يتجنب الخوض في مثل هذه القضايا، وأنه لا يدعم سوى حركات المقاومة التي تواجه إسرائيل والولايات المتحدة كما عليه الحال بالقضية الفلسطينية".
غير أن سعيد الصديقي، أستاذ مغربي يدرّس العلاقات الدولية بجامعة العين في أبو ظبي، يقول إن الخطوة المغربية لم تأت إلاّ "بعد تأكد الرباط من وجود تعاون عسكري بين البوليساريو وحزب الله". ويتابع الصديقي لDW عربية أن الدعم الإيراني يختلف عن ذلك الذي تقدمه دول أخرى للبوليساريو، حتى منها تلك التي تعترف ب"الجمهورية الصحراوية"، فالأمر يتعلق ب"تدريب على حرب العصابات هدفها هو الإضرار بالمغرب". ويشير الصديقي إلى أن القرار المغربي "منسجم مع الديبلوماسية المغربية التي أبدت حزما كبيرا بوجه كل القرارات التي من شأنها المساس بالوحدة الترابية للمملكة، حتى عندما تصدر عن قوى كبرى لها تأثيرها في العالم".

مدى استقلالية القرار

أعلنت الرياض وأبو ظبي والدوحة والمنامة وقوفها إلى جانب المغرب ضد "التدخلات الإيرانية"، وهو ما يفسر بامتلاك المغرب لعلاقات قوية مع جلّ دول الخليج. لكن في المقابل، ورغم تحسن علاقاته بإيران بدءاً من عام 2014، ودعوته الرياض وطهران إلى التعامل بحكمة عام 2016 على خلفية إعدام السعودية للزعيم الشيعي نمر النمر، إلّا أن الخلاف مع طهران كان واضحا في عدة ملفات متعلقة بالخليج، فالمغرب مشارك في التحالف الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين في اليمن.
ويشير سعيد الصديقي إلى أنه رغم الارتياح الخليجي للقرار المغربي، فمن غير المتوقع أن تكون له نتائج كبيرة على العلاقات المغربية-الخليجية، "لأن الرباط غير منخرطة حالياً في أيّ عمليات ديبلوماسية مضادة لإيران، كما لن تكون طرفاً في أيّ عملية عسكرية ضد طهران ما لم يقع استهداف حقيقي لدول الخليج".
ولا يتوقف التأثير عند منطقة الخليج، فحزب الله يتهم المغرب بالرضوخ لضغط أمريكي، خاصة وأن التوتر بين واشنطن وطهران يوجد في مرحلة متقدمة منذ صعود دونالد ترامب إلى الرئاسة وتخطيطه للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني. ويعلّق حسام مطر بالقول إن المغرب يضع نفسه في المحور المعادي لإيران، وأن خطوته الأخيرة "تأكيد على التماهي مع المزاعم الخليجية والأمريكية لإيران بكونها تزعزع الأمن الإقليمي".
وفي الوقت الذي يقول فيه سعيد الصديقي إن الزيارة التي أجراها ناصر بوريطة لطهران مؤخرا، حيث "حاول إقناع الطرف الإيراني بوقف الدعم الموجه للبوليساريو"، تؤكد وفق قول الباحث "استقلالية القرار المغربي"، فإن حسام مطر يرّد بأن المغرب يرغب في إعطاء نزاع الصحراء بعداً جديداً متمثلا في ربط البوليساريو بحركة تصنفها عدة دول على أنها إرهابية (أي حزب الله) حتى يخدم من جهة مصالحه في مجلس الأمن، ويخدم من جهة ثانية التوجه الأمريكي الساعي لشيطنة إيران.

لكن حتى العلاقات المغربية-الأمريكية توجد في وضع غير مستقر، فترامب هدّد الدول التي لن تصوت لصالح ملف بلاده (وبالتالي التصويت لصالح المغرب) في تنظيم كأس العالم 2026 بوقف الدعم، كما أن ترامب اتهم هيلاري كلينتون، إبّان الانتخابات الأمريكية، بتلقي أموال مغربية، ولحد اللحظة، لم تجر أيّ زيارة رسمية بين المغرب والولايات المتحدة تبدّد الضباب بينهما، فضلاً عن أن المغرب رحب بالاتفاق النووي الإيراني. فهل سينعكس موقف المغرب الجديد بخصوص إيران على علاقة الرباط بواشنطن؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.