أكد لحسن الداودي، وزير التعليم العالي، إلغاء المجانية بمؤسسات التعليم العالي العمومي، إذ لم يعد من الممكن الاستمرار في الوضع الحالي، حسب ما جاء على لسانه في حوار خص به يومية «ليكونوميست»، وأوضح أن الدولة، مع الإكراهات التي تعرفها الميزانية العامة، لم تعد تتوفر على الإمكانيات المالية لتمويل تكاليف التعليم العالي بالنسبة إلى الجميع. وأشار الداودي إلى أن كلفة تكوين طبيب متخصص تصل إلى 100 مليون، وتتحمل الدولة ما بين 400 و 600 ألف درهم من أجل تكوين مهندس، في حين يكلف خريج كلية الطب 300 ألف درهم. واعتبر الداودي أنه لم يعد من الممكن أن تتحمل الدولة تكاليف التمدرس لكل الفئات، إذ ستقتصر المجانية على الطبقات الاجتماعية المعوزة والطبقة المتوسطة الدنيا، في حين سيكونعلى الأسر الأخرى تحمل نفقات تعليم أبنائها في مؤسسات التعليم العالي. وأشار الداودي إلى أن الحكومة ستقدم، بعد مشاورات مع كل الفعاليات، تصورا للإصلاح، في مشروع قانون المالية المقبل، وقال إنه تفاجأ عندما طلب من المسؤولين بالمدرسة المحمدية للمهندسين إمداده بلائحة الطلبة الذين يمكن أن يؤدوا واجبات التمدرس، فأكدوا له أن 60 في المائة من الطلبة باستطاعتهم الأداء. وأوضح أن الحكومة ستعتمد في البداية على المقاربة المعتمدة من أجل تحديد الفئات المستحقة لدعم المقاصة الخاص بالمواد الاستهلاكية الأساسية، خاصة بالنسبة إلى بعض فروع التخصصات مثل الطب والهندسة والتجارة. وستعمد الحكومة إلى تشخيص عام من أجل تحديد الفئات التي تستحق المجانية، وبعد استشارات ومناقشات مع مختلف الشركاء ستتخذ القرارات الملائمة. وبخصوص ردود الأفعال التي يمكن أن يثيرها هذا القرار، قال إن مسألة دعم المواد الاستهلاكية كانت تعتبر بدورها طابوها ومسألة مقدسة ولا يمكن المساس بها، لكن الحكومة تمكنت من رفع هذه القداسة عن الزيادة في أسعار المحروقات، ويتعين الاستمرار في رفع الدعم عن هذه المنتوجات دون المساس بالتوازنات السوسيواقتصادية. وبالنسبة إلى رفع المجانية واستهداف الفئات المستحقة في التعليم العالي، أكد الوزير أن الحكومة عازمة على المضي قدما في رفع المجانية عن الفئات التي تتوفر على الإمكانيات لتحمل مصاريف تدريس أبنائها، وذلك في إطار من التشاور مع كل الجهات المعنية.
من جانبه، اعتبر محمد أكنوش، رئيس الفيدرالية الوطنية لجمعيات آباء وأولياء التلامذة بالمغرب، أن التراجع عن مجانية التعليم يعتبر مسا خطيرا بحق أساسي، مضيفا أنه "لا يمكن إلا أن نعمل على مناهضة مثل هذه القرارات". وأكد أنه بصدد تعميم حوار وزير التعليم العالي على أعضاء المجلس الوطني للفيدرالية من أجل اتخاذ الموقف المناسب. واعتبر أن الحكومة التي كان ينتظر منها الشعب المغربي الكثير، مثل محاربة الفقر والهشاشة وكل أنواع الفساد، أبانت أنها أكثر ليبرالية من الليبراليين، وأنجزت ما عجزت الدولة عن تحقيقه من مخططات تراجعية حول مكتسبات الشعب في مجموعة من المجالات الحقوقية، وعلى رأسها الحق في التعليم، وزاد "لقد لاحظنا كيف تعاملت الحكومة مع ملف صندوق المقاصة، وكيف قررت زيادات مهولة في المحروقات"، مشيرا إلى أن هذه القرارات تؤخذ في مستويات أخرى، وأن الحكومة تنفذ هذه المخططات التي قاومتها القوى التقدمية الوطنية والديمقراطية، بما فيها حزب العدالة والتنمية عندما كان في المعارضة، إذ كان يقاوم هذا النوع من القرارات التراجعية، لكنه أصبح الآن أداة تنفيذية في يد ذوي القرار. وطالب أمهات وآباء وأولياء التلاميذ وكل الغيورين على المؤسسة العمومية بضرورة التعبئة من أجل مواجهة هذه القرارات، مشيرا إلى أن مسألة إلغاء المجانية طرحت خلال المناقشات داخل لجنة التربية والتكوين، فلاقت مقاومة شديدة وتم إرجاؤها إلى أن جاءت الحكومة الجديدة لتثار من جديد.