لما كانت المناسبة شرط كما يقول الفقهاء ، فإن مناسبة هذا المقال هي واقعة اﻹعتداء الجسدي الذي تعرض له أستاذ بإحدى الثانويات بمدينة ورززات والتي اهتز على وقعها المجتمع المغربي بعد انتشار الفيديو الذي يوثق لهذا الفعل الشنيع والذي انتشر عبر مواقع الشبكة العنكبوتية كالنار في الهشيم. فبعد أن انخفض منسوب الدهشة واستنفذت مختلف أشكال التحليلات وتبخرت عبارات الشجب واﻹدانة الرسمية لما وقع، وقبل أن يطوي النسيان مرة أخرى هذا السلوك الجرمي الذي ينخر الجسد التعليمي العليل، لابد من تسليط مجهر القانون على هذا الحادث لوضع بعض الملاحظات في محاولة لتحديد مختلف المسؤوليات، لاسيما المسؤولية اﻹدارية للدولة. فمن جهة أولى، لايمكن أن يجادل أحد أن التدابير اﻹدارية والتربوية الردعية والمتمثلة في العقوبات التأديبية المتخذة من طرف المجالس اﻹنضباطية لم تكن ولن تكون أبدا حلا نهائيا لتفادي وقوع مثل هذه الحوادث داخل المؤسسات التعليمية، ولكنها رغم ذلك تبقى جزءا من الحل إن تم تفعيلها وفقا للإجراءات المرسومة تشريعا. ومن جهة ثانية، لابد من الإشارة إلى أن اﻷستاذ المعنف داخل المؤسسة التعليمية -والتي تعتبر مرفقا من مرافق الدولة- يواجه إجراءات متابعة المعتدي قانونيا في غياب أية مساندة من طرف المرفق العمومي التابع له ودون تكليف محام لمؤازته خلال مختلف أطوار المخاصمة القضائية. ومن جهة ثالثة، وجب التأكيد على أنه إن كانت مسؤولية التلميذ المعتدي قائمة في واقعة الحال طبقا لصريح مقتضيات الفصول 400 ، 401 و402 من القانون الجنائي، فإن المسؤولية اﻹدارية للدولة تبقى أيضا قائمة ليس على أساس المسؤولية التقصيرية وإنما على أساس نظرية المخاطر التي ابتدعها الفقه وأرسى دعائمها القضاء اﻹداري وجعلها اﻷساس لقيام المسؤولية اﻹدارية للدولة فهذه اﻷخيرة لابد أن تبقى مسؤولة وتتكفل بتعويض المضرور ولو دون وجود خطأ اﻹدارة. وهكذا فقد أكد القضاء اﻹداري المغربي هذه القاعدة في أحكام عديدة، أحدثها حكم إدارية وجدة عدد773 بتاريخ 27/09/2017 في واقعة إصابة شرطي في عينه اليسرى بمناسبة قيامه بعمله؛ فقد رتب القضاء مسؤولية الدولة بتغريمها مبلغا قدره 500000 درهما (50مليون) تمنح كتعويض لفائدة الشرطي المعتدى عليه.