يحتدم التنافس السياسي بين الجزائر والمغرب الجارين اللذين يعيشان في علاقات متوترة، ووصل هذا التنافس إلى حد التسابق لدعم علاقاتهما مع فرنسا التي استعمرت البلدين في القرن الماضي. وأشارت صحيفة "Slate" الفرنسية، الخميس 15 يونيو/حزيران 2017 إلى أن المنافسة بين البلدين احتدت مع وصول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لقصر الإليزيه. وكان ماكرون وصل إلى المغرب الأربعاء الفائت 14 يونيو/حزيران 2017 واستقبله الملك محمد السادس، وهذه الزيارة هي الأولى من نوعها له إلى بلدان المغرب العربي (تونسوالجزائر والمغرب وليبيا وموريتانيا)، بحسب وكالة الأناضول. وفي المؤتمر الصحفي، كان مستشار الرئيس الفرنسي قال إن "الهدف من هذه الزيارة البسيطة والسريعة هو التعارف بين الزعيمين". واعتبرت صحيفة "Slate" أن هذه الزيارة وإن بدت عادية للغاية في هذه المرحلة، إلا أنها في الواقع تعدّ ذات أهمية فائقة في المغرب العربي الكبير. وعلى وجه الخصوص أنها جاءت في وقت "تتنافس كل من الجزائر والرباط على تعزيز علاقاتها الدبلوماسية مع باريس، التي ما زال لها وزن ثقيل في الجغرافيا السياسية في المنطقة"، وفقاً للصحيفة. وتأتي أهمية هذه الزيارة أيضاً لكون الرئيس الفرنسي الحالي ماكرون لم يسر على نهج أسلافه، إذ فضلَ الرئيسان السابقان نيكولا ساركوزي، وفرانسوا هولاند، المرور بالجزائر في أول زيارة لهما إلى المنطقة وليس المغرب. وعلاوة على ذلك، كان لماكرون قبل أن يصبح رئيساً زيارة إلى الجزائر خلال حملته الانتخابية، وأثارت هذه الزيارة جدلاً بعد أن صرح ماكرون من الجزائر أن "الاستعمار يعدّ جريمة ضد الإنسانية". ونقلت صحيفة "Slate" عن مدير معهد العلوم السياسية بالرباط، جان-نويل فيري، أن "هناك منافسة دبلوماسية محتدمة بين الجزائر والمغرب. ومن جهته، انْفتح المغرب على منطقة غرب إفريقيا، حيث يعدّ الوجود الفرنسي حاسماً وقوياً تاريخياً. بالإضافة إلى ذلك، تمثل قضية الصحراء المغربية، نقطة مركزية للتنافس بين البلدين. وفي هذا السياق، يرغب الملك محمد السادس في ضمان دعم فرنسا بشأن هذه القضية". وتعتبر الصحيفة أنه في المقابل فإن الجزائر تعاني من خمول في سياستها الخارجية بسبب الحالة الصحية المتدهورة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وقال بيير فيرميرن أستاذ التاريخ المغاربي في جامعة باريس، إن "الحكومة الجزائرية غائبة بشكل واضح عن الساحة الدولية بسبب الحالة الصحية لرئيسها بوتفليقة. وقد حالت هذه الظروف دون أن يتمكن هذا البلد من لعب نفس الدور الذي قاده ملك المغرب، الذي تمكن من أن يظهر نفسه في صورة الجهة الفاعلة الحاضرة والملتزمة في المنطقة، على الرغم من الصعوبات التي واجهها". ومن جانب آخر، من الممكن أن إيمانويل ماكرون قد شعر أنه أقرب إلى القائد الشاب نسبياً، إذ أن ملك المغرب يبلغ من العمر 53 سنة، ونجح في بناء صورة حديثة خاصة عبر شبكات التواصل الاجتماعي. وعموماً، لا يتردد الملك محمد السادس عن التقاط الصور الشخصية مع أبناء شعبه الذين يُصادفونه في الشارع. لكن يبدو أن فرنسا حريصة على عدم زعزعة العلاقات مع الجزائر والتي كانت -بحسب الصحيفة الفرنسية- سباقة في بناء العلاقات الدبلوماسية مع باريس. وأشارت الصحيفة إلى أن ماكرون عمل على طمأنة الجزائر وتجنب غضبها من خلال الاتصال هاتفياً برئيسها عبد العزيز بوتفليقة. وعلاوة على ذلك، أرسل ماكرون وزير خارجيته، جان إيف لودريان، إلى الجزائر عشية سفره إلى المغرب. وفي هذا الإطار، قال جان إيف لودريان يوم الثلاثاء 13 يونيو الجاري: "أنا في زيارة إلى الجزائر (...) رغبة منا في إكساب علاقتنا الثنائية دينامية جديدة، وشراكة نوعية. لطالما كانت علاقتنا متينة، إلا أننا يمكننا تعزيزها أكثر". ومن بين الأمثلة الأخرى على احتدام التنافس بين الجزائر والمغرب، تنظيم الجزائر لأول منتدى استثمار إفريقي في كانون الأول/ديسمبر الماضي 2016. وذكرت "Slate" أن صاحب وسيلة إعلام محلية في الجزائرة قال لها: "لقد نظمت حكومة الجزائر هذا الحدث، فقط كي تكون ندّاً للمغرب الذي ينظم قمة الوحدة الإفريقية الخاصة به".