يرى محللون سوريون أن بلادهم في منأى عن حركات الاحتجاج التي تشهدها بعض الدول العربي،ة معللين ذلك بوجود عوامل موضوعية تفرض تباينا بين ظروف سوريا وتلك الدول، لكنهم في المقابل يقرون بضرورة القيام بخطوات إصلاحية هامة خصوصا في مجال تحسين الأوضاع المعيشية. وغابت مظاهرالاحتجاج عن المدن السورية، وسجلت حادثة منتصف الشهر الماضي تتصل بخلاف بين شبان ورجال شرطة في سوق الحريقة الدمشقي، ما أدى لتدخل وزير الداخلية اللواء سعيد سمور، في خطوة غير مسبوقة في سوريا، غير أن هذه الحادثة ربطت كما يبدو بالمناخ العام في المنطقة. ويعدد الباحث حميدي العبد الله ما سماها جملة معطيات موضوعية قال إنها تجعل سوريا محصنة إزاء احتجاجات كالتي شهدتها تونس ومصر. وقال للجزيرة نت إن مواقف سوريا السياسية خصوصا دعمها للحقوق الفلسطينية والمقاومة، وحالة الصدام المتواصل مع واشنطن في معظم ملفات المنطقة يجعل سياسة الحكومة السورية تنسجم مع الشارع. وأضاف أن هناك عاملا له علاقة بالسياسة الاجتماعية الاقتصادية، موضحا أن دمشق لم تلغ القطاع العام رغم سياسات الانفتاح الاقتصادي المتدرجة التي اتبعتها، ما جعل دور الدولة الاجتماعي حاضرا في حياة السوريين صحة وتعليما وتقديمات اجتماعية خلافا للحالات العربية المجاورة. ويرى الباحث حميدي العبد الله أن معايشة السوريين لحالة الفوضى المحيطة بهم في العراق وقبلها لبنان، تفسر بدرجة كبيرة عدم حدوث احتجاجات تشبه ما جرى في الدول العربية الأخرى، رغم أن سوريا ليست بلدا غنيا. وكان ناشطون دعوا على فيسبوك إلى "يوم غضب" ضد النظام السوري يوم 5 فبراير/شباط الماضي، غير أن تلك الدعوة لم تلق الاستجابة. وأتهم مسؤولون ووسائل إعلام رسمية جهات خارجية بالوقوف وراء تلك الدعوة. الإصلاح أولوية ومن جهة أخرى، يؤكد محللون آخرون ضرورة الالتفات إلى إصلاحات عميقة وجدية تعزيزا للوضع الداخلي السوري. ويرى الناشط الإعلامي مازن درويش أنه بعد انقضاء أكثر من خمسة عقود على حالة الموت السياسي الذي فرضته الأنظمة الشمولية في المنطقة العربية أصبح الإصلاح أولوية وضرورة داخلية ملحة لكل بلدان المنطقة بغض النظر عن وضعها وظرفها وحساسياتها الداخلية أو الإقليمية. وقال للجزيرة نت إن الأنظمة السياسية التي ترفض أو تراوغ في تنفيذ إصلاحات حقيقية تؤدي إلى الانتقال للصيغة المدنية الديمقراطية سينتهي بها المطاف عاجلا أم بعد حين إلى مواجهة مفتوحة وخاسرة مع شعوبها. ورأى مازن درويش أن سوريا لا تشكل استثناء من هذه القاعدة، لكنه أكد وجود عوامل تميزها تشكل جميعها فرصة حالية استثنائية "تمكن من تنفيذ عملية التحول الديمقراطي بطريقة آمنة تزيح عن كاهل سوريا ميراثها التاريخي الثقيل وتعبر بها نحو مستقبل واعد يليق بشعبها". انتقادات وفيما تورد الصحف الرسمية تحقيقات عن كشف حالات فساد في قطاعات الدولة وجهت صحيفة "قاسيون" الناطقة بلسان الشيوعيين السوريين انتقادات حادة للسياسة الاقتصادية للحكومة. وقالت في افتتاحية عددها الأخير "إن مراجعة السياسات الاقتصادية الاجتماعية المنفذة في سوريا تشكل مدخلا أساسيا ووحيدا لملاقاة طموحات ومطالب الجماهير". وأضافت أن المراجعة يجب أن تفضي إلى ترحيل السياسات الحكومية الليبرالية ورموزها، بالاستناد لأوسع حريات سياسية للجماهير صاحبة المصلحة في الانعطاف المطلوب.