تقوم الحياة الزوجية على المودة والرحمة والألفة والسكينة أصل تحقيق السعادة الزوجية، ويتحقق ذلك بفهم الزوجة لحقوق زوجها، وفهم الزوج لحقوق زوجته، فما فسدت الحياة الزوجية اليوم إلا بالظلم وبإهدار الحقوق، إذ يوجد خطأ فادح يقع فيه معظم الأزواج، وهو ظلم الزوجات، لأنهم يعتقدون أن الزوجة خلقت لطاعتهم فقط ولتنفيذ ما عليها من واجبات متجاهلين حقوقها، فهم يفكرون في ما لهم من حقوق ويتناسون ما عليهم من واجبات. الرجل يحلم بزوجة مثل خديجة كثيرا ما نجد أزواجا يحلمون ويتطلعون بأن تكون زوجاتهم في خلق السيدة خديجة رضي الله عنها مع زوجها النبي الكريم، والغريب أنهم يطالبون النساء بذلك دون الإنتباه إلى خلق النبي الكريم في التعامل مع زوجاته وأهل بيته!!
ولكي يتحقق مراد الزوج بأن تكون زوجته كخديجة رضي الله عنها وأرضاها، عليه أن يكون محمدا، وأن يتخذ من الرسول صلى الله عليه وسلم قدوة حسنة ومنهاجا قيما يتبعه في معاملته لزوجته وأهل بيته.
استوصوا بالنساء خيراً أوصى النبي صلى الله عليه وسلم الرجال بالنساء في الخطبة التي ألقاها في حجة الوداع تأكيدا على مكانة المرأة في الإسلام وأهميتها في حياة الرجل، فأوصى بحسن معاملتها وبالصبر عليها، كما نهى صلى الله عليه وسلم بإهانتها والتقليل من شأنها، وتقبيحها.
وصايا النبي للأزواج كان الرسول الكريم حريصا على تحقيق الوفاق بين الزوج والزوجة، فقد أوصى صلى الله عليه وسلم الزوج بالإحسان إلى الزوجة في المعاملة والإنفاق في الملبس والمسكن والمأكل، وأن يرعاها الزوج ويحفظها ويصون كرامتها ولا يجرحها ويراعي مشاعرها، وأن يتذكر مزاياها ويتغاضى عن عيوبها.
ولكن هل يحدث ذلك حقا في جميع الأسر؟ لا والله فلو اتبع الزوج وصايا النبي الكريم لفكر ألف مرة قبل إيذاء زوجته وجرح مشاعرها، وقبل تركها وحيدة بمسؤولية أطفالها، ولم يطلقها في المرض لعدم حاجته إليها، ولم يشرد أطفاله بالزواج من أخرى دون الإلتزام بما عليه من مسؤوليات.
فواقعنا اليوم أليم فكل يوم نسمع عن زوج غدر بزوجته فجأة وخانها ولم يراعي العشرة بينهما، وعند الزواج من أخرى مال إلى الثانية وظلم الأولى وإقتطع من حقها وحق أولاددها ليرضي الزوجة الثانية العروس الجديدة، ولهذا قال الله تعالى عن تعدد الزوجات " فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً".
فلو إستمع الأزواج بحرص إلى وصايا النبي الكريم وتعمقوا فيها وطبقوها، ستجد بيوتهم أسعد البيوت وستسمع ضحكات أهلها بدلا من الآهات المليئة بالحسرة والندم، فتذكروا أيها الأزواج ما عليكم أيضا، واستوصوا بالنساء خيرا وأطيعوا الله وسوله.