بعلاقة مع مقالي السابق حول التعليم و ما تعرفه المدرسة المغربية من تدهور أراه مقصودا من لدن مسؤولين لا يعرفون ماهي المدرسة العمومية لأنهم يدرسون أبناءهم في المعاهد الخاصة و البعثات الأجنبية.. إن ما تعاني منه المدرسة المغربية من مشاكل هيكلية على مستوى التسيير و البنية التحتية و الموارد المالية و البشرية و تخبط في اختيار المناهج يضعنا في أسفل المراتب دوليا فيما يخص جودة التعليم.
أود هنا في هذا المقال أن أتحدث عن القيمة الأخلاقية للمدرسة فهي ليست مجرد بناية يقصدها أبناء الشعب من أجل الإستفادة من خدمة عمومية و لكنها إن جاز التعبير مكان لصناعة الإنسان و صقل مواهبه و تهذيب أخلاقه.. المدرسة ليست مجرد مكان للتلقين كما يُراد لها و لكنها فضاء مقدس يجمع بين التعليم و التربية و يلعب دورا مكملا لدور الأسرة فالمدرس الجيد هو أيضا أب جيد لذلك لن يحصر دوره في التلقين بل سيتجاوزه إلى التربية.
إن التدهور الأخلاقي لشباب الوطن، و ما نراه من انفلات سلوكي إنما هو نتيجة للتغييب المتعمد للدور الحقيقي للمدرسة و المدرس، و الذي يعتبر مكملا لدور الأسرة، فمن دون مدرسة ذات التزام أخلاقي تجاه المجتمع لن نفلح في صناعة الإنسان المواطن. و لعل إخفاقات التربية و علل التعليم هي ما انتجت لنا ظواهر اجتماعية سلبية لم تكن موجودة من قبل.
إن الإستثمار في المدرسة هو مشروع ناجح لا خسارة فيه لأن المنتوج ذو طبيعة بشرية خلاقة، إن وجد من الظروف و الشروط ما يساعده على تفجير طاقاته عاد بالنفع على المجتمع ككل، لذلك فإن كل مشروع مجتمعي لا يضع المدرسة في صلب انشغالاته هو مشروع فاشل، و كل نهضة لا تكون المدرسة رافعتها هي نهضة مغشوشة، و كل مسؤول يستهزئ بدور المدرسة فهو يلعب بمصير أمة بأكملها. فالعلم هو قاطرة التقدم و المدرسة هي مصنع الأجيال و منبت النوابغ و العلماء.