كان يأبى الإسلام عندما أسلم قومه، ولم يكن يلتفت إلى دعوتهم له إلى الإسلام، بل كان يقول لهم: "لو أعلم ما تقولون حقاً ما تأخرت عنه". عبارته رغم رفضه للإسلام تدل على بحثه عن الحقيقة والتثبت منها، لذا شرح الله صدره للإسلام، فأسلم مسرعًا، وحينها كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يستعد للخروج إلى غزوة أحد، فسارع هذا الصحابي الجليل- وكان قد أسلم توًا- وحمل سلاحه ليلحق بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وجيش المسلمين، وقاتل معهم حتى استشهد ولم يكن قد صلى ولو ركعة واحدة، بل لم يعلم الكثير من المسلمين بإسلامه حينها، وعندما علم النبي باستشهاده قال عنه: "إنه لمن أهل الجنة".
إنه الصحابي عمرو بن ثابت، الذي كان يلقب ب "الأصيرم" خاله الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما، وقصته روتها العديد من كتب السنة والسيرة فعن أبي هريرة أنه كان يقول: "حدثوني عن رجل دخل الجنة لم يصل قط ؟! فإذا لم يعرفه الناس سألوه من هو ؟ فيقول " أصيرم " بني عبد الأشهل عمرو بن ثابت بن وقيش.
قال الحصين: فقلت لمحمود بن لبيد: كيف شأن الأصيرم ؟ قال: كان يأبى الإسلام على قومه، فلما كان يوم أحد وخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى أحد، بدا له الإسلام فأسلم، فأخذ سيفه فغدا حتى أتى القوم فدخل في عرض الناس فقاتل حتى أثبتته الجراح، فقالوا : والله إن هذا الأصيرمِ وما جاء، لقد تركناه وإنه لمنكر للإسلام، فسألوه ما جاء به؟ فقال: قالوا: ما جاء بك يا عمرو أحربًا على قومك أم رغبة في الإسلام ؟ قال: بل رغبة في الإسلام ، آمنت بالله وسوله وأسلمت، ثم أخذت سيفي فغدوت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقاتلت حتى أصابني ما أصابني.
قال: ثم لم يلبث أن مات في أيديهم ، فذكروه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : "إنه لمن أهل الجنة".