من ذاكرتي، أحكي عن تجربتي مع حيوان كان ملكا لي وكنت ملكا له.كنت أسير راكبا بغلتي،فجأة وبقرب خندق يحوي على نباتات متشابكة وكثيفة،توقفت تماما عن إكمال المسير،نزلت من فوقها محاولا جرها من لجامها،تمنعت،عندها قررت تغيير وضع حبل اللجام بحيث يكون ملتفا حول رقبتها،مع ذلك تمنعت بشكل غريب،وتحت محاولاتي المتكررة،سحبت الحبل من يدي بقوة عنيفة ثم هربت،كنت أتساءل لما كل هذا الفرار والاندفاع الغريب؟. أدركت فيما بعد أن البغلة كمثيلاتها من الحيوانات المختلفة تملك قدرات بصرية وسمعية هائلة،قدرات تفوق قدرة الإنسان،فهي ترى ما لا أرى،وتسمع ما لا اسمع، ربما كانت تشاهد حية كبيرة مختبئة بوسط ذلك العشب أو تسمع فحيحها،أو كانت تشاهد خلقا غريبا من خلال الرؤية باستعمال الأشعة الفوق الحمراء أو تحت البنفسجية كما تذهب بعض التفسيرات العلمية،فالنسر يرتمي من الأعالي إلى عمق النهر ليأخذ السمكة لكونه رآها،والافعى تصطاد الفئران في حلكة جوف الليل لأنها تحسست فريستها من خلال راداراتها. كما يتفوق الحيوان على الإنسان في حاسة البصر والسمع فكذلك يتفوق عليه في الشم. هنا لا يمكن لأي جهاز فك ألغاز الجرائم، ولا لأي فرق تفتيش سواء عن المخدرات أو الديناميت أو القتلى بين الأنقاض،لا يمكن لهذه الفرق البوليسية أو التفتيشية أن تعمل بمعزل عن الكلاب. إن للكلب قدرة هائلة على الشم،قدرة تفوق قدرة البشر بمئات المرات. عندما يستثمر الكلب الجزء الأكبر من قدراته في الشم يحرك ذيله كعلامة على انخراط فيسيولوجي كلي،كما أن سيلان لعابه عند تمكنه من معرفة مكان الشيء المبحوث عنه دليل على أنه مبرمج على الأكل مباشرة بعد شم نوع الشيء الذي دربه مروضوه على شمه،وقد اعتمدت نظريات علم نفس التعلم خصوصا النظرية السلوكية، على مثل هذه التجارب،وسميت بنظرية التعلم بالإشراط أي التعلم من خلال الثواب والعقاب،ثواب عبارة عن جوائز وتنويه. ...وعقاب عبارة عن ضرب خفيف وحرمان من بعض الأنشطة